رياض محمد
وثائقي ممتاز يسرد وبالتفصيل قصة الانقلاب الذي دبرته المخابرات البريطانية ووكالة المخابرات المركزية الامريكية بالاتفاق مع الشاه وعناصر ايرانية اخرى في الجيش ضد حكومة الدكتور مصدق في ايران في عام 1953 بعد تاميم الاخير للنفط الايراني.
هذه حكاية مخرج ايراني مقيم في بريطانيا وهو يبحث لسنوات في اسرار الانقلاب ليقوده بحثه الى ارشيف الامن القومي الامريكي في واشنطن ومسودات برنامج وثائقي انكليزي عنوانه (نهاية امبراطورية) خصص حلقة كاملة عن انقلاب ايران وفيه كان الاعتراف البريطاني الوحيد بدورها في الانقلاب (والذي اقتطع من البرنامج خلال البث مما ادى الى الاستعانة بالممثل البريطاني الشهير رالف فاينز لاداء دور ضابط المخابرات البريطاني).
يلتقي المخرج بعدد كبير من الايرانيين وغير الايرانيين في المنفى وفي ايران ممن كانت لهم صلة بالانقلاب بشكل او باخر. من هؤلاء احفاد مصدق واقاربه ومسؤول امنه ومساعده واخرون في حزب تودة الشيوعي الايراني بالاضافة الى نجل الجنرال زاهدي قائد الانقلاب وصحفيين ومؤرخين كتبوا عن الانقلاب بما فيهم باحث ايراني جمع شهادات مصورة ل 30 شخصية لعبت دورا في الانقلاب.
شخصية مصدق وحدها تستحق فيلما فهو سليل عائلة ارستقراطية وحصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من اوروبا وعمل وزيرا للمالية والمالية ونائيا في البرلمان وواليا واسس مع اخرين الجبهة الوطنية.
كان انتخابه رئبسا للوزراء تتويجا لكل ذلك وكان تأميمه للنفط (الذي سيطرت عليه شركة بريتيش بتروليوم) قد كان مطلبا وطنيا وشعبيا حيث منحت ايران حصة لا تزيد عن 16% من العائدات بعد دفع الشركة للضرائب للحكومة البريطانية!
حينها - 1951 - قرر الانكليز الاطاحة بمصدق. وسحبت شركة النفط البريطانية خبرائها من عبادان وقررت بريطانيا محاصرة ايران اقتصاديا ومنعها من بيع النفط الايراني وتخريب المنشات النفطية في عبادان.
لكن بريطانيا فشلت في الحصول على تأييد الرئيس الامريكي ترومان الذي اعجب بمصدق وقرر ان ايران دولة ذات سيادة ولها الحق فيما فعلت. كما فشلت بريطانيا امام محكمة العدل الدولية التي قضت بعدم اختصاصها بقضية التأميم.
تغيرت الامور عندما تولى ايزنهاور السلطة في الولايات المتحدة في عام 1953. عين ايزنهاور الاخوين دالاس في منصبي وزير الخارجية ومدير وكالة المخابرات المركزية وكلاهما كانا محاميان في وول ستريت ومنذ اللحظة الاولى غيرا سياسة الولايات المتحدة تجاه ايران واتفقا مع تشرشل على الاطاخة بمصدق.
خصصت ميزانية للعملية وبدأت عملية واسعة لشراء ولاء الصحف الايرانية التي نشرت سلسلة من الاخبار والمقالات التي اتهمت مصدق بشتى التهم. ثم تم شراء مجموعة من ضباط الجيش لتنفيذ الانقلاب.
وكانت الخطوة الاولى خطف وقتل قائد الشرطة في طهران الذي تمكن من معرفة بعض خيوط الانقلاب.
بعدها جندت شقيقة الشاه الاميرة اشرف وهي في اوروبا لاقناع الشاه باصدار امر ملكي لتعيين الجنرال زاهدي رئيسا للوزراء. وهكذا كان. كما هدد الشاه بانه سيخسر سلطته اذا لم يتعاون مع الامريكيين.
بدأ الانقلاب عندما توجه كولونيل من حرس الشاه لمنزل مصدق مطالبا بتنحيه فرقض الاخير واعتقل الكولونيل ومن معه. ونشر الخبر وبدا ان الانقلاب قد فشل!
هرب الشاه من ايران عبر العراق وقررت وكالة المخابرات المركزية سحب فريقها من ايران ايضا (دخل مسؤولها في ايران عبر العراق ومعه حقائب مليئة بدولارات الرشى!)
وهنا كانت خطيئة مصدق الذي لم يسارع لاعتقال المتأمرين جميعا واطمأن لفشل الانقلاب.
بعد ايام فاد مجموعة من البلطجية المدفوعي الاجر من المخابرات الامريكية والبريطانية سلسلة مظاهرات واعمال عنف مختلفة لاشاعة الفوضى ثم توجت بتحرك عسكري قاده الجنرال زاهدي الذي ضربت قواته منزل مصدق حتى استسلام الاخير.
كما لعب استياء اية الله الكاشاني الذي كان رئيسا للبرلمان الايراني من نزعات مصدق العلمانية وازدياد اعتماد الاخير على حزب توده الشيوعي والحصار البريطاني ادوارا في تأجيج الاوضاع في ايران ضد مصدق.
عاد الشاه وحوكم مصدق وسجن ل 3 سنوات ثم قضى باقي حياته في الاقامة الجبرية حتى وفاته.
كما حل ائتلاف من شركات النفط الامريكية والاوروبية محل احتكار شركة بريتيش بتروليوم للنفط الايراني.
اسست المخابرات المركزية جهاز السافاك واصبح (نجاح) عملية ايران مشجعا لعمليات سرية اخرى للوكالة في مختلف انحاء العالم.
بسقوط مصدق وعودة الشاه برز الخميني كزعيم للمعارضة الايرانية حتى انتصار الثورة الايرانية التي ادت لقيام الحرب العراقية الايرانية والتي قادت الى غزو الكويت وحرب الخليج وظهور القاعدة وهجمات 11 سبتمبر وغزو افغانستان والعراق...