بالوثائق: لينين وستالين سادة ومن ال البيت!
1-تشرين الأول-2023
عامر بدر حسون
والعنوان لعبة للفت انتباهك لهذا الموضوع الطريف، فأقرا وانت مطمئن.. لكن الاكيد انه ليست فيه اية كذبة! واعتاد ابي ان يقول لكل من يخاطبه بكلمة سيد طلبا لشهادته او رأيه:
- سيد.. اذا صدقت الامهات! يعني انا ابن سيد ولا مشكلة لي مع السادة الحقيقيين او حتى مع السادة المزيفين والدمج! ولا توجد احصائية اليوم او بالأمس لعدد "السادة" في العراق، رغم وجود نقابات وجمعيات ومنظمات مجتمع مدني كثيرة لهم. لكن مصر كانت عندها احصائية دقيقة لعدد السادة فيها. ووفقا لتلك الاحصائية فقد كان عدد السادة فيها مئة الف سيد في ثلاثينيات القرن الماضي. وكل واحد من اؤلئك السادة كان يملك شجرة نسب تثبت انه من نسل الحسن او الحسين عليهما السلام.
ومن ينتسب للإمام الحسن لا يقل عدد اجداده يومها عن 38 ولا يزيد عن اربعين جدا، ومن ينتسب للإمام الحسين لا يقل عدد اجداده عن اربعين ولا يزيد عن 45 جدا. ورغم ان الواحد من هؤلاء يسمى شريفا (بالعربية الفصحى)، الا انه يستطيع، وبعد ان يثبت نسبه، ان يضيف الى اسمه لقب سيد ويستخدمه في المعاملات الرسمية. وربما لهذا كثر في مصر اسم سيد بين الاسماء المستخدمة تبركا بهم او اعلانا للنسب. وفي بداية كل عام كانت الصحف المصرية تنشر اعلانات تدعو فيها السادة للحضور من اجل استلام مستحقاتهم السنوية.
وامام نقاباتهم كنت ترى اغنى الاغنياء يتزاحم مع اكثرهم فقرا للحصول على حصتهم المالية التي لا تتجاوز عشرة قروش.
وكانت هذه القروش تقل عاما اثر عام بسبب زيادة عدد السادة وقلة الموارد.
لكن هذا القروش كانت مباركة عند من يستلمونها، فهم يخبئونها في بيوتهم او يبقوها في جيوبهم للتبرك بها طيلة العام.
ونقابة السادة او الاشراف في مصر يمكن اعتبارها اول نقابة في التاريخ.
واول رئيس لها هو الشريف المرتضى شقيق الشاعر الشريف الرضي وهي استمرت في العمل عبر القرون الى ان تلقت ضربتين:
الاولى على يد محمد علي باشا الذي قام بالاستيلاء على صندوق النقابة وكل ممتلكاتها. والثانية على يد جمال عبد الناصر بالطبع، والذي الغى وجودها كليا! ومبعث تأسيس النقابة "حديث نبوي" اورده البخاري في صحيحه يقول: "نحن اهل بيت لا تحل لنا الصدقة". ولذلك قامت بعض الحكومات والاشخاص بتخصيص بعض الاوقاف ليعيش منها السادة دون ذل السؤال.
وفي القرن الثالث الهجري، تاريخ تأسيس النقابة، تبرع طلائع بن زريق وهو احد وزراء الدولة الفاطمية وابو بكر المارداني وهو احد امرائها، بعشرين الف فدان من الاراضي الزراعية اضافة الى التبرعات والاوقاف الاخرى عبر الاجيال.
وعاش السادة فترة رفاهية موقتة، لكن ازدياد اعدادهم ومحدودية الاوقاف، اضافة الى مصادرة كل اوقاف ومداخيل النقابة من قبل محمد علي باشا حوّل ما يحصل عليه السادة الى قروش ثم ملاليم يتم استلامها من اجل البركة والرزق!
وفي الحرب العالمية الثانية تحمس احد السادة المصريين للشيوعية (واسمه فتحي عبد الله بكري الرملي) فسمى اولاده بأسماء: لينين وستالين ومولوتوف!
واشهر هؤلاء السادة هو الكاتب المسرحي والتلفزيوني المعروف (السيد) لينين الرملي!
ولا ادري ما هي امتيازات السادة اليوم في العراق وهل هي امتيازات مالية او امتيازات وجاهة؟ ومن هو اقوى السادة في المجتمع هل هو السيد صاحب العمامة ام صاحب العقال كما كان ابي؟
لكنني اعرف ان هناك سادة حافظوا على كرامة نسبهم، وسادة اساءوا لآل البيت ولكل ما هو مقدس عند الناس بأفعالهم.
*
وللأمانة، فإنني استفدت في طفولتي من نسبي المشروط بصدق الامهات.
فقد كان الفلاحون وبدلا من الذهاب للطبيب يأتون لعلوة ابي ويطلبون منه اعارتهم حزامه الاخضر(لتسهيل ولادة متعسرة او غير ذلك) ولأنه لم يكن يرتديه الا عند زيارته للائمة فقد كان يبعثني للبيت كي اتي به.