حسين فوزي
رغم تلبد الجو السياسي بغيوم سود، وكثرة المخبرين، بعد تموز 1979، ظلت أعمدة حسن العاني، أينما كتب ساخرة، وكان لمجلة ألف باء نصيب كبير من صفحات العاني، في تناوله للشأن العام بكلمات إيحائية، تتخطى بتناغمها المعاني اللغوية المجردة، لتكون "حسجة" بليغة في نقد عميق مباشر.
حتى كانت كتابته لتقرير غزير عن أيام رمضان وقوله "كانت أيام شهر رمضان أجمل." مما اغضب رأس النظام فأصدر قراراً بمنعه من النشر في وسائل الإعلام العراقية.
ومن غرائب الصدف ان يكون رحيل حسن العاني في الأيام ذاتها التي رحل فيها عنا الكاتب القدير حاتم حسن قبل 4 سنوات، وهو ايضاً كان مشمولاً بنفس قرار منع الأستاذ حسن العاني.
علم العاني اجيالاً من الطلبة كل ما هو صائب رائع من اللغة العربية، وكان يضفي على تعليمه لطلبته والصحفيين، نكهة من المزاح الرقيق الذي يدغدغ عقل الإنسان فيرسم ابتسامة خفيفة تثري العقل بالمزيد من المعرفة وتحثه على تحري الحقيقة والانتصار لها.
أربعة أعوام مرت على وفاة حاتم حسن، وها هو رفيقه في كلمات التحدي وحب العراقيين والدفاع عن انسانيتهم يلحق به في الأيام ذاتها.
ليت صحفيو اليوم يملكون بعضاً من رشاقة كلمات العاني وحاتم حسن، ليت البعض يمتلك شيئاً من قوة كلماتهما وعمقها وبساطة الأسلوب السهل الممتنع المرتكز على معرفة كبيرة بعلم الاجتماع والسياسة وتاريخ البلاد.
برحيل حسن العاني انكسر قلم النقد اللاذع بكلمات مضمونها السخرية من سلب حق الإنسان في الحرية وكرامة العيش.
وداعاً أبا عمار...وداعاً أيها العملاق الساخر من شظف عيش فرض علينا فيما مضى وبقي يلاحقنا حتى يومنا هذا ..