بعد 20 عاما من إراقة الدماء: لا تزال الصحافة مهددة في العراق
17-حزيران-2023
علي الطالقاني
يحتفي العراق بالذكرى (154) للعيد الوطني للصحافة ومع هذا الاحتفاء تتسابق الأكاذيب والخطابات التي تتعلق بتلك الحرية المزعومة وتصاعد أسهمها، فهناك من يستخدم تلك الخطابات في محاولة لرسم وجهة نظر بديلة للحريات أو الديمقراطية ودون النظر لمرتكبي الفساد الإداري والمالي وإصلاح التشريعات الخاصة بحرية وعمل الصحافة، فإننا من المؤكد نشكك بتلك الخطابات وبنوايا من يطلقها.
خلال السنوات القليلة الماضية واجه الصحفيون في العراق مجموعة من الأساليب الاستبدادية لعرقلة البث وإسكات وسائل الإعلام وكانت هناك تقارير واسعة النطاق عن تعرض صحفيين للهجوم والاختطاف والغاز المسيل للدموع والتهديد والعرقلة عن أداء عملهم، في حين تم اقتحام وسائل الإعلام وإجبارها على إيقاف البث من قبل جماعات مسلحة، مما وصفت هذه الأعوام بأنها أسوأ مناخا للإعلام منذ حرب العراق عام 2003.
في مناسبات متعددة حاولت جهات حكومية تنفيذية وتشريعية تمرير تشريع خاص بجرائم الإنترنت من شأنه أن يحد بشدة من حرية التعبير كما أمرت السلطة بإغلاق 12 محطة إذاعية وتليفزيونية عربية محلية ودولية، متهمة بانتهاك لوائح الترخيص و "نشر محتوى يحرض على العنف" أثناء تغطية المظاهرات، وفي الوقت نفسه، تم حظر الوصول إلى الإنترنت في مناطق عديدة، مما يجعل من الصعب على الصحفيين جمع ونشر الأخبار كما بدأت السلطات في مراقبة المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وسجن النقاد، مما زاد من سوء مناخ حرية التعبير، لكن مواصلة المجتمع المدني ضد هذه المحاولات نجح في تعليقها.
مشهد معقد وخصم عنيد
بسبب طبيعة المشهد السياسي في العراق، يتعرض الصحفيون بالفعل للخطر لمجرد قيامهم بعملهم وإن أولئك الذين يحتجون أو يكتبون عن الفساد هم الهدف مباشرا، ووفقا لليونسكو، قتل 198 إعلاميا بين عامي 2006 و 2018، خاصة منذ الاحتجاجات المناهضة للحكومة في تشرين الأول 2019، حيث واجه الصحفيون الترهيب والخطف والاعتداءات والقتل دون عقاب، واحتل العراق المرتبة 172 في مؤشر حرية الصحافة العالمي، بحسب مراسلين بلا حدود.
فيما تقول منظمات تعنى بالرقابة منذ عام 2003، قتل أكثر من 475 صحفيا وعاملا في مجال الإعلام، ولم يعاقب الجناة وهو الأمر الذي يضع البلد أيضا بجانب تلك الأكثر خطورة على العمل الصحفي.
ينظر اليوم إلى الصحافة على أنها خصم يجب احتواؤه والسيطرة عليه من خلال القوانين ذات الصياغة الغامضة التي تتيح توجيه اتهامات جنائية من خلالها تمكن الملاحقات التي ترهب وتسكت الصحفيون يضاف إلى ذلك أحكام مسودة اللائحة، التي تم تسريبها مؤخرا إلى المجتمع المدني، لا تتعارض فقط بشكل صارخ مع الدستور العراقي، بل تتعارض أيضا مع المادة 19 من معاهدات دولية خاص بالحقوق المدنية والسياسية صادق عليها العراق بوقت سابق من ضمنها الغموض الذي يكتنف المصطلحات في مسودة اللائحة مثل "المحتوى غير اللائق" أو "المحتوى الهادف" فمن شأن ذلك أن تجعل هذه السياسات قمعية وكارثية ضد لحرية التعبير.
من بين التحديات الأخرى لن يخفى على أحد أن الصحافة والإعلام في العراق تخضع لسياسات معينة من خلال الانتماء وشروط الممول حتى أن الحديث عن الاستقلالية بات منسيا تماما بل أن الحيادية على أقل التقارير أيضا أصبحت غائبة وأصبح العمل الإعلامي والصحفي تقليديا ويعتمد في الغالب على الإثارة من خلال اللعب على الخلافات السياسية والمصلحة وفي أحيان كثيرة يقوم على الابتزاز والتشهير أو المنفعة.
من جانب آخر يأتي الحديث عن التعليم المتعلق بالإعلام في العراق وهمومه فأنا شخصيا أتحدث وأسمع من الكوادر التعليمية بأن مخرجات الجامعات والمؤسسات التعليمية باتت أسيرة للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الهشة وفي ظل غياب التخطيط سواء على مستوى المناهج أو المخرجات والحديث في ذلك يطول...
خلاصة
بين ذلك الركام لن يجلس المجتمع المدني المحلي والدولي مكتوف الأيدي ويشاهد تلك المضايقات والتراجع في حماية المسار الديمقراطي، وبات لزاما أن تعيد السلطة والأحزاب السياسية النظر بأهمية وحرية الصحافة والإعلام من خلال جملة توصيات:-
أولا. السحب الفوري لمشروع اللائحة الصارمة للمحتوى الرقمي الذي في مضامينه مخاطر تتعلق بقمع حرية التعبير أو تجريم الصحافة الاستقصائية، والتخلي الفوري عن التوجهات الخطيرة والخفية، وفتح المشاورات مع منظمات المجتمع المدني والصحفيين والأكاديميين والناشطين لضمان أن أي تنظيم مستقبلي يجب أن يتماشى مع التزامات العراق باحترام حقوق الإنسان وحمايتها.
ثانيا. إنهاء الترهيب والمضايقة والاعتقال والاعتداء على الصحفيين وغيرهم لممارستهم حقهم في حرية التعبير.
ثالثا. التحقيق في المزاعم الموثوقة بشأن التهديدات أو الهجمات التي تشن ضد الصحفيين والناشطين ومن يمارس حرية النقد.
رابعا: تعديل القوانين ومواد قانون العقوبات التي تحد من حرية التعبير وتعاقب على نشر الأخبار والتقارير والمقالات والتحقيقات الصحفية التي تراقب وتنتقد الأداء وتكشف عن الجرائم.
خامسا. على المنظمات ومراكز الأبحاث والمؤسسات الإعلامية تبني لائحة جديدة وفعالة تحمي حرية التعبير والصحافة والإعلام، فمن الواضح هناك دوافع خفية من أجل السيطرة الكاملة على وسائل الإعلام وحرية التعبير على الإنترنت.
سادسا. يجب أن يتمكن الصحفيون من العمل بحرية ودون خوف من الاضطهاد أو العقوبات وأن يتضامن المثقفون والجمهور مع الصحفيين خصوصا عندما يتعرضون للظلم.
عندما يتم استيفاء هذه الشروط، سيكون للصحافة الحرة منصة من خلالها تحقيق الحريات العامة وكشف الفساد والانتصار لمصلحة المواطن.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech