بغداد - العالم
أمضت كبار شركات النفط العالمية 3 أيام في بغداد من المفاوضات الرسمية للحصول على فرص جديدة لاستثمار حقول النفط والغاز واكتشاف المزيد من الرقع المحتملة، وتضمن ذلك إعلان العراق لأول مرة طرح رقعة بحرية أمام عمالقة الطاقة، وذلك خلال الجولة الخامسة التكميلية والسادسة لجولات التراخيص.
وانتهت، نهار الاثنين، المنافسات باكتساح واضح للشركات الصينية مع حضور شركة عراقية واحدة، وبين 29 فرصة عرضتها بغداد، حظي 13 مشروعاً باهتمام الشركات، بينما لم تتقدم أي شركة بطلب استثمار 16 رقعة استكشافية في هذه الجولة.
وحصلت 7 شركات صينية على استثمار معظم الحقول والرقع النفطية والغازية المعروضة ضمن الجولة الأخيرة، إلى جانب شركة عراقية واحدة هي “مجموعة كار للطاقة”.
وتوزعت الحقول والرقع بواقع 3 فرص لكل من المثنى وواسط، وفرصتين لكل من النجف والبصرة، وفرصة داخل كل من كربلاء وبابل وميسان ونينوى والأنبار والديوانية وبغداد.
وتتوقع وزارة النفط بعد استثمارات الجولة الحالية، زيادة انتاج كميات الغاز إلى أكثر من 3450 مقمق، وارتفاع الطاقة الإنتاجية بما يزيد على مليون برميل إضافي عن الطاقة الإنتاجية الحالية التي تقدر بـ 5 ملايين برميل يومياً. وقال وزير النفط حيان عبد الغني، إن الجولة “الخامسة التكميلية” شملت العديد من المشاريع المتبقية من الجولة الخامسة، بالإضافة إلى جولة سادسة جديدة تشمل 14 مشروعاً، وتشمل لأول مرة منطقة استكشاف بحرية في مياه الخليج.
وأكد الوزير أن عملية الترويج للحقول والرقع قد جرت بأعلى درجات الشفافية وبشكل علني على مدى 3 أيام متتالية، وأشار إلى أن الشركات النفطية التي فازت بعقود تطوير واستثمار حقول ورقع الجولتين سيتم توقيع عقودها الرسمية خلال شهرين كحد أقصى.
وتأهلت أكثر من 20 شركة للجولة التي انطلقت السبت، ضمنها مجموعات أوروبية وصينية وعربية وعراقية، لكن لم تكن من بينها شركات نفط أميركية كبرى.
وأعلنت وزارة النفط العراقية السبت أن خمس شركات صينية فازت بعروض للتنقيب في حقول النفط والغاز الهائلة في العراق، في حين لم تحصل أي شركة أميركية على عقد. وهذه أحدث علامة على نفوذ الصين المتزايد في الشرق الأوسط حيث تكافح الولايات المتحدة للحفاظ على مكانتها في المنطقة، على الرغم من اجتماع الحكومة العراقية مع الشركات الأمريكية الشهر الماضي بشأن الصفقات المحتملة.
كما فازت شركات أوروبية وعربية وكردية بعقود لتولي بعض المشاريع الـ 29 المطروحة للاستيلاء عليها.
كان لواشنطن في البداية نفوذ في حقول النفط العراقية الشاسعة بعد حرب العراق عام 2003، لكن منذ عام 2009، أصبحت الصين قوة مهيمنة في البلاد بعد توقيع أول عقد لها بعد الغزو مع العراق. منذ ذلك الحين، أصبح العراق ثالث أكبر مصدر للنفط بالنسبة للصين. في الوقت نفسه، تستمر قبضة واشنطن على النفط العراقي في التراجع، مع خروج شركة إكسون موبيل من البلاد في وقت سابق من هذا العام بعد أن مُنحت شركة البترول الوطنية الصينية حقوق المقاول الرئيسي في أحد أكبر حقول النفط في العراق.
ويسلط التحول نحو بكين الضوء على تحفظ العراق في التورط في الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة وإيران، لكنه يعكس أيضاً نجاح الصين الاستراتيجي في مغازلة الشرق الأوسط بمشاريع استثمارية وتنموية كبيرة.
يتجاوز إنتاج النفط العراقي حاليًا حصة أوبك+ البالغة 4 ملايين برميل يوميًا، لكن المشاكل السياسية والبنية التحتية المحلية أدت إلى تعقيد أي جهود لزيادة الصادرات وإبقاء المستثمرين الغربيين على متن الطائرة، وفقًا لشركة (S&P Global). وبعد نزاع مالي مع تركيا العام الماضي، تم إغلاق خط أنابيب رئيسي يصل إلى تركيا، ما أجبر المقاولين على إصلاح الإنتاج في مواقع أخرى لا تعتمد على خط الأنابيب. إن نقص إمدادات المياه في العراق للحفاظ على الضغط في حقوله النفطية يجبر المقاولين على الاستثمار بشكل مستقل في البنية التحتية، بما في ذلك محطات معالجة مياه البحر. وفي عام 2022، حكمت الحكومة العراقية أن منطقة كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي لا يمكنها تسويق النفط والغاز بشكل مستقل، و"عدم الوضوح بشأن السيطرة يقلل من ثقة المستثمرين"، وفقًا لوكالة ستاندرد آند بورز.
ولتجنب الوقوع بين الاشتباكات العسكرية المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران، قام العراق بتطهير نفوذ البلدين من داخل حدوده، بما في ذلك التفاوض على انسحاب القوات الأمريكية وإلغاء التصاريح التجارية للبنوك التي تنقل الأموال إلى إيران. لكن بغداد لا تزال بحاجة إلى الاستثمار الأجنبي والمساعدة الأمنية، وهي تتودد إلى بكين كبديل، وفقًا لقناة (TRT World) التركية. وكتبت القناة إن الحفاظ على الاستقرار والنظام في الشرق الأوسط أمر بالغ الأهمية لمشاريع الصين العالمية، خاصة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة”. في المقابل، تقوم الصين بتصدير عدد كبير من الأسلحة إلى العراق، لملء الفراغ الأمني الذي خلفته الولايات المتحدة.
ويأمل العراق، العازم على زيادة صادراته النفطية، في تعويض مساهماته في الوقود الأحفوري من خلال توسيع بصمته المحلية في مجال الطاقة الشمسية. وتعد التكنولوجيا الخضراء الرخيصة في الصين بمثابة العمود الفقري لهذا التحول، وفي عام 2023 حددت بغداد هدفًا لإنتاج 12 جيجاوات من الطاقة الشمسية، وفقًا لمركز الإمارات للسياسات. وكتب المركز أنه مع عدم وجود منافسة تقريبًا من الشركات الأوروبية أو الأمريكية، "أصبحت الصين المصدر الوحيد للطاقة المتجددة في العراق". لكن حتى لو تواصلت شركة غربية قادرة على البقاء مع العراق، فمن المرجح أنها لن تذهب بعيداً. كما أن صناعة التكنولوجيا الخضراء متورطة أيضًا في فساد الحكومة العراقية، وفقًا للمركز، و"نموذج الهيمنة الصينية هو التركيز المتزايد على التنمية بدلاً من الديمقراطية".