بغداد تبحث مع وفد تركي زيارة أردوغان للعراق ومسؤول حكومي يكشف ملامح المباحثات المرتقبة
26-تموز-2023
بغداد ـ العالم
أثار بث مقطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر عبور منتسب أمني لنهر دجلة، تحت جسر الجمهورية المؤدي الى المنطقة الخضراء، سيرا على الاقدام، حنق العراقيين وتأسّيهم على جرفي ذلك النهر الذي يحتضن أجمل ذكرياتهم، بالتزامن مع احتضان القصر الحكومي لاجتماع بين السوداني ووفد تركي، يبحث الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان. وبدأت أزمة الجفاف تشتد بشكل غير مسبوق وأصبحت الايرادات المائية والمياه المخزونة في العراق هي الاقل على مدى تاريخ البلاد، حيث تشير وزارة الموارد المائية الى ان مايدخل العراق من مياه يبلغ 30% فقط من حصته.
وكشف بيان حكومي، تلقته "العالم"، يوم أمس، عن زيارة أردوغان إلى العاصمة بغداد، ستركز مباحثاتها على ملفات الأمن والاقتصاد، مضيفاً أن بلاده تعول على هذه الزيارة لتأسيس تفاهمات مشتركة وواسعة بين البلدين الجارين. وقال مكتب السوداني، في بيانه، إن رئيس الحكومة استقبل السفير التركي في بغداد، علي رضا كوناي، وجرى خلال اللقاء، استعراض أوجه التعاون بين العراق وتركيا وسبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها.
وأوضح البيان، أن اللقاء بحث زيارة أردوغان المرتقبة، وإقامة منتدى العمل الاقتصادي المشترك بين البلدين في البصرة، فضلاً عن التداول بشأن مساهمة تركيا في مشروع طريق التنمية إلى جانب بقية دول الجوار، وملف المياه المشتركة، وخطط إقامة مركز قياس مشترك على الحدود العراقية التركية.
ونقل البيان عن السوداني تأكيد دعمه "التوجه الاقتصادي والتجاري بين البلدين، بما يطور مستوى الشراكة والترابط الاقتصادي والاستثمار، وضرورة تفعيل اللجان المشتركة لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية بين البلدين الجارين"، دون أن يكشف عن موعد الزيارة المقررة.
وفي آذار الماضي أجرى السوداني زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة، على رأس وفد وزاري وأمني كبير، بحث خلالها عدة ملفات أبرزها الأمن والحدود والمياه والطاقة وتوسيع نطاق التجارة بين البلدين.
لكن الحدث الأبرز كان الاتفاق على مشروع طريق يربط الأراضي التركية بالخليج العربي عبر البصرة العراقية، ضمن ما أطلق عليه لاحقاً "طريق التنمية"، الذي يطمح الطرفان من خلاله إلى فتح آفاق تعاون تجاري واسع النطاق، مع توفير الوقت في عمليات النقل البحري. وقال مسؤول حكومي، إنّ بلاده جهزت ملفات عديدة لبحثها مع الرئيس التركي، مضيفاً أن "ملفات الأمن وتحديداً مسلحي حزب العمال الكردستاني وأنشطته داخل العراق، والحدود المشتركة، وملفات مياه نهري دجلة والفرات وحصة العراق منها، وطريق التنمية بين البصرة وديار بكر التركية، والربط الكهربائي والشركات التركية الاستثمارية، ستكون من أبرز هذه الملفات".
وأضاف المسؤول، أن حكومة بلاده "مستعدة للتفاوض"، لافتاً إلى وجود دعم سياسي واسع من مختلف الأحزاب من أجل التوصل لحلول تفضي إلى تحسين الوضع المائي في العراق.
وتكمن صعوبة إجراء تفاهمات كاملة بين حكومة العراق والحكومة التركية بشأن إنهاء وجود مسلحي "العمال الكردستاني" في العراق بعدة عوامل ميدانية عسكرية؛ أبرزها وجوده في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه مسلحو الحزب من فصائل مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خاصة في مناطق سنجار غربي نينوى. وتسبب وجود عناصر الحزب الذي تصنّفه أنقرة "منظمة إرهابية" في الأراضي العراقية، بالعديد من الأزمات السياسية بين البلدين، كان آخرها العام الماضي عندما اتهمت بغداد القوات التركية بقصف منتجع سياحي في دهوك والتسبب بقتل عدد من المواطنين وهو ما نفته أنقرة.
واستعرض الخبير القانوني علي التميمي، اكثر من 10 طرق قانونية دولية يستطيع العراق سلكها لغرض ضمان حصته من المياه والحصول على الاطلاقات المائية الكافية من دول الجوار ولاسيما تركيا، فيما حدد طريقًا وصفه بأفضل الحلول والمتمثل بمدارس التحكيم الدولي. وقال التميمي إنه "توجد اتفاقية 1982 أو ماتسمى قانون البحار وصادق عليها العراق عام 1985، وتوجد محكمة مختصة بذلك وفق هذه الاتفاقية التي مقرها هامبورغ"، مبينا ان "الدول المنظمة لهذه الاتفاقية تتكون من 196 دولة بضمنها العراق وتركيا، واعطت المادة 297 من هذه الاتفاقية الحق للدول المتضررة للجوء لهذه المحكمة في حالة استعصاء الحلول الثنائية". وأضاف أن "الولايات المتحدة الأمريكية ايضا يمكن للعراق ان يطلب مساعدتها وفق المادة 27 من الاتفاقية الستراتيجية لعام 2008"، مشيرا الى ان "الضرر في الاقتصاد يعني حرب وجرائم ضد الانسانية".
وأوضح أن "أقذر الحروب حروب المياه، وهي جرائم ضد الانسانية تجيز للعراق اللجوء إلى الامم المتحدة ومجلس الامن والطلب باحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية". وأشار التميمي ايضا الى انه "يحق للعراق اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وسبق للعراق ان أقام هذه الدعوى على تركيا أمام محكمة العدل الدولية لكن العراق خسر الدعوى التي ردتها هذه المحكمة على اساس ان العراق لايستفاد من فائض المياه التي تذهب سدى إلى شط العرب، ولكن ذلك كان عام 1987 اما الآن الحال تغير وتركيا بنت السدود ومنعت المياه بشكل كامل وهذا يخالف القوانين الدولية والاتفاقيات أعلاه".
وعن أفضل الحلول، يرى التميمي أنه "بإمكان العراق ان يلجأ إلى إحدى مدارس التحكيم الدولي، وهناك دول لجات إلى التحكيم الدولي في فض النزاعات كما في نزاع الصين والفلبين وروسيا وجورجيا وقطر والبحرين"، مؤكدا: "أرى هذا أفضل الحلول مع وجود مدارس التحكيم في بريطانيا وفرنسا والإمارات وقطر والقاهرة وغيرها". وأشار التميمي الى، وجود "اتفاقيات دولية تنظم موضوعة المياه منها اتفاقية لوزان 1923 ومشاهدة الصداقة 1946 واتفاقيات وبروتكولات ثنائية بين العراق وتركيا منها 1977 و1997و2007 وايضا قانون المجاري الدولية 1977 وقواعد الامم المتحدة 1964".