بلا وطن!
10-تشرين الأول-2022
جواد كاظم الدايني

عندما ولدت الفكرة الديمقراطية في اثينا، ولدت بضغط من النتائج الكارثية للانفراد بالسلطة والاستئثار بالحكم، وأياً كانت اشكال نماذجها التطبيقية، فهي كانت تنشد التوصل لآلية عقلانية لصنع القرار السياسي. منذ اثينا وليومنا الحاضر نجحت الديمقراطية في معالجة الانفراد بالسلطة، لكنها ظلت، اجرائيا، تعاني من ازمات التمثيل السياسي والمشاركة الديمقراطية، وهي ازمات انذرت بتصدع النسيج الاجتماعي للدولة الوطنية.
يعتبر تنوع واختلاف الانتماءات والهويات الفرعية، والتعددية الثقافية والرؤيوية للمجتمعات المعاصرة، سببا رئيسيا في هشاشة الانظمة الديمقراطية، حين تفشل في التعامل مع هذا التعدد، وما يتبع ذلك الفشل من غياب لمفاهيم المواطنة والولاء. في ظل التعدد القيمي والتباين الاجتماعي والثقافي، يبدو الاتفاق حول قيم تسمح ببناء قواعد اجتماعية مشتركة، من المفروض ان نخضع جميعا لها باعتبارنا مواطنين متساوين، ضربا من المستحيل.
صيغت هذه المقدمة خصيصا لتكون مدخلا عقلانيا للنظر في ازمتنا الوطنية، وكيف رسخت الديمقراطية الجديدة الانقسام المجتمعي، بسبب فشلها في صياغة خطاب سياسي عقلاني، لا يضرب على وتر حقوق المكون واستعادة الحقوق او تحديد الدولة بهوية خاصة، وانما يعبر بخطاب وطني شامل، يطلب الحقوق لجميع المكونات وبنفس الدرجة من الصدقية والامانة. كان المفترض ان تساعدنا الديمقراطية في السعي لبناء دولة مواطنة يكون أساسها العدل، والذي كنا نأمل معه ان نتجاوز رغباتنا الفردية والمصلحة الخاصة لصالح الإجماع السياسي، فهذا وحده ما يضمن أخلاقية المؤسسات الديمقراطية واستقرارها، وفق الأسس النظرية لدولة المواطنة. ويرجع سبب خلو تاريخنا من هذه الدولة، هو لحظة التأسيس التي ارغمت الناس عليها قسرا، بعيدا عن الحوار والتفاهم والتشاور للاتفاق على الاسس والقيم المجتمعية المشتركة.
وفي ظل انعدام شبه كامل للوعي السياسي، اشتغلت تلك اللحظة على قضايا العروبة والاسلام والتوازنات العالمية، واكتفت بنصوص الدستور والقوانين للدلالة على انها دولة لمواطنين مؤمنين وقانعين بدولتهم، بينما وجدت الناس عزاءها بهوياتها المحلية وشعور الانتماء الذي تعززه مشاعرهم وذكرياتهم عن الأماكن والناس والأحداث. اتسم سلوك السلطة دائما بفرض الارادات وارغام الناس دون اعتبار لاختلاف قيمهم وقناعاتهم.
وفي مواجهة التمرد والرفض، لجأت السلطة للعنف والاضطهاد للحفاظ على وحدة الصف الوطني!. لا يمكن ان تكون هناك وطنية اذا لم تكن هناك دولة مواطنة تلتزم فكرة العدل والانصاف وتستند لأسس عقلانية لضمان الحريات والمساواة وحقوق الناس، كي يقدم الناس ولائهم الحقيقي لمؤسساتها الديمقراطية، تقديرا واحتراما.
اما فكرة العدالة تلك، فيجب ان تكون بعيدة عن مشاعر التضامن والتعاطف والمنية، ومن الاجدى ان يكون تصورها تصورا سياسيا بحتا، بعيدا عن اية تصورات جدلية كتلك التي تحتدم في الدين والفلسفة، وكما تتضمن فكرة العدل، التوزيع والمشاركة، فانها تحتاج لاعتقاد الناس ايضا، ان دولتهم تنظر لهم بفكرة واحدة، اعتقادا راسخا. حتى في ازمنة الديكتاتوريات كان هناك درجة من المواطنة، تعاملت معها الدولة بمزاجية وانتقائية بحسب رضاها وغضبها من الناس، وهي اليوم غير متصورة اصلا، رغم ان مكونات المجتمع ممثلة جميعها في النظام السياسي اليوم؛ فالدولة لا تتعامل مع الناس كمواطنين مستقلين ومتساوين، وانما تتعامل معهم من خلال المؤسسات التي تمثل انتماءاتهم المذهبية والقومية، وسياسيا من خلال الاحزاب التي تمثلهم، وهذه الحالة الشاذة للتعاطي مع مفهوم المواطنة تصنف الناس حسب قوة أحزابهم، تلك الاحزاب، المفترض ان تتصرف على انها مؤسسات ديمقراطية تمثيلية، لكنها في الحقيقية حولت نفسها لمؤسسات سلطوية استولت بطريقة غير اخلاقية على المؤسسات التنفيذية، فكل مؤسسة تتولاها تلك الاحزاب، تتحول الى ضيعات وملك عضوض، حتى انها توصف من قبل الناس والسياسيين على ان هذه المؤسسة هي ملك لهذا الحزب او لذاك التيار، فغدت اغلب مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية، عائقا امام اي محاولة لاعادة تصحيح الامور او التصدي لتجاوز الاحزاب والتيارات السياسية، على اسس ومبادئ النظام الديمقراطي والتلاعب بالدستور والقوانين، لصالح فئات سياسية فاسدة، تحتكر السلطة والمال والامتيازات الخاصة. وما يعقد رؤيتنا لتصور الحل الممكن لهذه المعضلة.
المحكمة الاتحادية تقرر عدم صحة تأجيل انتخاب رئيس البرلمان
7-أيار-2024
المنتجات النفطية : إسترداد أكثر من (٩٥٠) مليون دينار إثر ضبط ٣ ملايين لتر من انواع الوقود المعد للتهريب
7-أيار-2024
العراق يستورد أمصال من أفغانستان بأكثر من 500 الف دولار
7-أيار-2024
النقل تدرس فتح 3 خطوط نقل جوي مع الرياض والشارقة وبكين
7-أيار-2024
على غرار تجربتها مع راواندا لندن تتفق مع بغداد لإعادة توطين لاجئيها في العراق
7-أيار-2024
بعد هجوم خورمور.. كردستان تطالب تزويدها بمنظومات دفاع جوي لحماية حقولها العراق والحل قد يكون في بغداد
7-أيار-2024
الإطار يمهل أحزاب السنة أسبوعاً لانتخاب رئيس البرلمان ما علاقة خلاف المالكي والعامري؟
7-أيار-2024
أبو ذر الغفاري.. السهم الاشتراكي
7-أيار-2024
إخناتون المنادي بالتوحيد الفرعوني بطلا روائيا
7-أيار-2024
تدابير للتخلص من "ذقن الفراولة"
7-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech