بغداد ـ العالم
كشفت وكالة "بلومبيرغ" أن الهجوم البري لجيش الاحتلال في غزة يسير ببطء وبحذر شديد، ولا يراعي حل ملف عشرات المحتجزين لدى المقاومة في غزة، خلافا للتعهدات الإسرائيلية.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين طلبوا عدم كشف هوياتهم أنه بدلا من القيام بغزو بري واسع النطاق، فقد بدأ الجيش الإسرائيلي ببطء "المرحلة الثانية" من حربها بهدف "تدمير حماس وضمان أن غزة لن تعود مصدر تهديد"، رغم أن هذه الغاية لا تبدو واقعية، وهو ما دعا حلفاء "إسرائيل"، لا سيما أمريكا إلى الطلب من حكومة بنيامين نتنياهو أن تكون أكثر تحديدا لأهدافها من الحرب، وتوضيح رؤيتها لما بعد انتهاء العمليات.
وأوضح التقرير أن قرار الشروع في غزو بري يشير بالفعل إلى تحول في التركيز بعيدا عن التفاوض بشأن الرهائن، وإلى الاعتقاد بأن حزب الله المدعوم من إيران لن يلجأ إلى قرار الدخول في قتال شامل وسيكتفي بمناوشات قصيرة الأمد.
تنقل الوكالة عن مسؤولين قولهم إن جيش الاحتلال مهتم باستهداف كل قيادي في حركة حماس على صلة بالهجوم الذي وقع في السابع من هذا الشهر وتسبب في مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي.
والهدف الآخر الذي تتم مناقشته على نطاق واسع، بحسب الوكالة، هو إنشاء منطقة عازلة لمنع تكرار أي هجوم، وفقًا لعدد من المسؤولين، وفي سبيل هذا الهدف نشرت "إسرائيل" دبابات على الساحل الغربي للقطاع جنوب غزة بعد 48 ساعة من إصدار أوامر بالتوسع في عمليات التوغل البرية عبر حدوده الشرقية (تراجعت الدبابات نحو الحدود صباح الاثنين).
يشار إلى أن قوات الاحتلال ما زالت تشن حربا واسعة على قطاع غزة تتركز أساسا من الجو، أدت إلى تدمير مئات المنازل والمنشآت المدنية والحاق دمار واسع في البنى التحتية.
يشار إلى أن حصيلة ضحايا العدوان المتواصل ارتفعت لتصل إلى 8005 شهداء منهم 3324 طفلا و2062 سيدة و460 مسنا، إضافة الى إصابة 20,242 بجراح مختلفة، فيما ارتكب الاحتلال 881 مجزرة بحق عائلات بأكملها في غزة على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية.
أعتذر عن هذا السؤال الساذج. فبايدن فقد السيطرة على نتنياهو، ولكن جحر الأرنب الذي زجت إسرائيل بأمريكا فيه المرة تلو الأخرى أعمق هذه المرة بكثير، وهو أشبه ما يكون بأنفاق حماس.
على مدى ثلاثة أسابيع قصيرة، تراجع بايدن عن معظم الخطط التي أعدتها الولايات المتحدة بعناية للتعامل مع المنطقة.
هناك بادئ ذي بدء الانسحاب العسكري، فقد اضطرت الولايات المتحدة إلى إعادة منظومات الدفاع الصاروخية وذات الارتفاع العالي، ومجموعات حاملات الطائرات، التي قضت السنوات الثلاث الماضية وهي تسحبها من المنطقة.
كما غدت الآن في وضع مهدد لإيران، وذلك بعد أن كان قائدها الأعلى علي خامنئي قد أصدر تفويضاً بإجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة حول إبرام صفقة نووية مرحلية، وبعد أن أعرب عن سروره بإبقاء قناة التواصل تلك مفتوحة.
يوجد للولايات المتحدة حلفاء مهمون في كل من مصر والأردن، لم يلبثوا يصرخون من أعماقهم.
والأهم من ذلك كله، أن الولايات المتحدة تدير الآن حربين بشكل متزامن، في أوكرانيا وفي غزة، وكلاهما بدون وجود استراتيجية للخروج، وكلاهما يستنزفان قدرة الإنتاج المحدودة للصواريخ الأمريكية، والقنابل الذكية، والقذائف المدفعية.
وكان مخزون القذائف المدفعية الأمريكية لدى إسرائيل قد استنزف في إمداد أوكرانيا، والآن عليهم أن يستنزفوا القذائف المخصصة لأوكرانيا لتزويد إسرائيل بها.
قائمة التداعيات السلبية بالنسبة لبايدن طويلة وتزداد نمواً مع كل أسبوع يمر، وبات حيز المناورة لديه بشأن إسرائيل محدوداً. وفيما لو سولت له نفسه مخالفة نتنياهو في خطاه فإنه يعلم أن ذلك أمر لا مفر من أن يغتنمه الجمهوريون.
تعلم إسرائيل ذلك أيضاً، وهي تنتظر عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ولذلك، فمن المحتمل أن يكون بايدن الآن مشغولاً بالتأمل فيما ستصبح عليه صورة المنطقة فيما لو نجحت إسرائيل، ولو جزئياً، في تفريغ قطاع غزة.
علامات على ما هو قادم
لعل مما يستحق القراءة بتدبر حول هذه القضية تلك الفقرة التي وردت في الصفحة الأربعين من خطاب بعث به مكتب الميزانية والإدارة في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) إلى القائم بأعمال رئيس مجلس النواب الأمريكي.
يطالب البيت الأبيض في تلك الفقرة الكونغرس بتمويل "الاحتياجات المحتملة للغزيين الفارين إلى البلدان المجاورة"، كجزء من طلب تقدم به الأسبوع الماضي للحصول على مبلغ قدره 105 مليار دولار، يشمل تمويلاً لإسرائيل وتمويلاً لأوكرانيا.
يقول الخطاب إن الأزمة الحالية "يمكن أن ينجم عنها نزوح عبر الحدود واحتياجات إنسانية إقليمية أكبر، وقد يستخدم التمويل للوفاء بمتطلبات برمجة الأوضاع الناشئة خارج قطاع غزة".
هل هذا تخطيط اعتيادي للطوارئ أم علامة على ما هو قادم من أمور؟
لا يوجد زعيم فلسطيني واحد إذا ما قرأ هذا الكلام يمكن أن ينتابه شعور بالثقة بأن بايدن سوف يتخذ الخيار الصحيح. فلقد تبددت كل الثقة.
فقط بعد أسابيع قليلة من إعلان مسؤول أمريكي كبير في إيجاز صحفي بأن الشرق الأوسط بات أهدأ من أي وقت مضى على مدى عقود من الزمن، تجد الولايات المتحدة بأن المنطقة باتت الآن على شفا حرب إقليمية وشيكة.
حليفتها الكبرى، إسرائيل، غدت خارج السيطرة، ولا تحاول أن تميز بين مقاتلي حماس والسكان المدنيين، ولا بين الفلسطينيين في غزة والمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل أو الفلسطينيين في الضفة الغربية.
لقد بلغ اشتياط إسرائيل غضباً على ما حل بها في يوم الحادي عشر من سبتمبر الخاص بها، أنها راحت تضرب على كل الجبهات، وبشكل متزامن.