تحرك نيابي لإعادة قوانين جدلية إلى حكومة السوداني وصراع شيعي ـ سني على «خدمة العلم»
10-تشرين الثاني-2022
بغداد ـ العالم
في داخل مجلس النواب، تقود كتل نيابية حراكا لإعادة كل القوانين الموجودة في البرلمان الى الحكومة الجديدة لإعادة صياغتها، في وقت أثار فيه مشروع قانون خدمة العلم الذي يعرف بـ "الخدمة الالزامية"، خلافات جديدة بين الكتل النيابية السنية والشيعية، حيث يطالب السنة بالاسراع في اقراره لانهاء "الطائفية داخل الجيش"، فيما يرى الشيعة بأنه سيشكل عبئاً على موازنة البلاد.
فيما قال النائب عن كتلة الفتح النيابية معين الكاظمي، إن "كل القوانين الموجودة حالياً في مجلس النواب يجب إعادة إرسالها إلى الحكومة الجديدة لإعادة صياغتها وإرسالها إلى البرلمان مرة أخرى"، مبينا انه "ليس من المعقول إقرار قانون وتحميل الحكومة لما لم تقدمه ضمن المنهاج الوزاري".
وأضاف، أن "قانون خدمة العلم (الخدمة الإلزامية) يحتوي على ملاحظات كثيرة اساسية ويجب معالجتها"، مؤكداً أن "هناك تحركاً داخل مجلس النواب لإعادة قانون خدمة العلم إلى الحكومة واجراء تغيير جوهري عليه والأخذ بنظر الاعتبار الأعباء المالية لتنفيذ القانون".
وكان مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي قد اقترح امس، إجراء استطلاع للرأي العام حول المضي في تشريع قانون خدمة العلم (التجنيد الإلزامي) من عدمه بعد أن أثارت محاولة طرحه في البرلمان للقراءة الأولى ردود أفعال لدى الأوساط الشعبية والسياسية متباينة في العراق.
وأخفق مجلس النواب، يوم الأحد الماضي، في عرض مشروع قانون خدمة العلم (التجنيد الإلزامي) للقراءة الأولى خلال جلسة عقدها برئاسة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان.
وفي (31 آب 2021)، أقرت الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، "من حيث المبدأ" مشروع قانون الخدمة الالزامية، وأحالته إلى مجلس النواب العراقي.
وتعهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بإقرار هذا القانون قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية، أن الخلافات السياسية حالت دون ذلك.
وسبق أن اعلنت لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب العراقي، جاهزية قانون الخدمة الالزامية في البلاد لإقراره من قبل البرلمان، وأكدت أهمية هذا القانون في المرحلة الراهنة، وأشارت إلى أن إقراره يحتاج الى "ارادة وتوافق سياسي".
وأعلنت وزارة الدفاع في العام 2020 ارسال مسودة قانون التجنيد الإلزامي إلى شورى الدولة لتدقيقه من الناحية القانونية.
وكانت الخدمة العسكرية إلزامية في العراق حتى إسقاط النظام السابق عام 2003، وقيام الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر بحل الجيش العراقي السابق وإعادة إنشاء جيش جديد يعتمد على التطوع وليس التجنيد الإلزامي.
وكان من المقرر أن تتم القراءة الأولى لمشروع القانون يوم (6 تشرين الثاني 2022)، لكنه حذف من جدول الأعمال، بسبب الخلافات بين الكتل الشيعية والسنية.
ويتكون مشروع قانون الخدمة الالزامية من 66 مادة، وينص على أن الخدمة الإلزامية تكون 18 شهراً لمن لم يلتحق بالمدرسة أو تركها أو لم يكمل الدراسة المتوسطة، و12 شهراً لمن أكمل الدراسة الاعدادية أو ما يعادلها، و3 أشهر للحاصلين على شهادة الدكتوراه.
وتدعم الكتل النيابية السنية مشروع القانون بشكل كامل من أجل زيادة دور السنة في الجيش، الذي شهد بعد عام 2003، تراجعاً ملحوظاً بالمقارنة مع دور الشيعة.
وكان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وهو أحد قادة السنة ورئيس تحالف تقدم، قد أشار في تغريدة يوم (3 تشرين الثاني 2022)، إلى أن "المضي بتشريع قانون خدمة العلم يضمن إعداد جيل من الشباب أكثر قدرة على مواجهة مصاعب الحياة، ملم بالحقوق والواجبات، ومتحفز لحفظ الدولة وسيادتها".
وتعد تغريدة الحلبوسي هذه دعماً مباشراً لمشروع القانون الذي أرسل من قبل الحكومة العراقية السابقة إلى البرلمان في عام 2021.
النائب عن تحالف السيادة، عبد الكريم الجبوري، قال إن إقرار قانون خدمة العلم الذي وصفه بـ "ضرورة دستورية"، من شأنه أن "ينهي الطائفية في الجيش"، مشيراً على سبيل المثال، إلى أن المواطن من البصرة سيخدم في دهوك، فيما سيخدم المواطن من السليمانية في مدن العراق الأخرى. وينص مشروع القانون على إلغاء قانون الخدمة العسكرية لسنة 1969 وتعديلاته، بعد إقرار القانون الجديد.
عبد الكريم الجبوري رأى أن الجيش سيكون "مؤسساتياً أكثر وسيكتسب عقيدة وطنية بسبب هذا القانون"، منوّهاً إلى أن "القراءة الأولى للمشروع ستتم، لكن مناقشات كثيرة ستعقبها".
بالمقابل، يعارض نواب الإطار التنسيقي الذين يشكون الأغلبية في مجلس النواب العراقي، تمرير قانون خدمة العلم. في هذا السياق، قال النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي، "لدينا ملاحظات كثيرة على مشروع القانون، بعضها يتعلق بالتوقيت الذي يعد غير مناسب الآن"، مؤكداً أن "العراق ليس بحاجة إلى جيش من هذا النوع، في وقت لديه أكثر من مليون جندي". وأضاف، أن تنفيذ هذا القانون يتطلب انفاق مبالغ كبيرة من الموازنة وسيشكل عبئاً عليها، خصوصاً وأن الجيش بحاجة إلى المستلزمات العسكرية والسلاح والمخازن.
عارف الحمامي رأى أن "هناك فساداً في المؤسسة العسكرية لم يسيطر عليه حتى الآن"، معتبراً أن "إقرار قانون خدمة العلم، سيفتح باباً جديداً للفساد".
ملاحظات الأطراف الشيعية على توقيت المشروع تأتي في وقت، تنص فيه المادة 66 منه على أن القانون ينفذ "بعد مرور سنتين من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية". النائب عن الإطار التنسيقي أوضح أن قوانين مثل خدمة العلم، ستراتيجية وحساسة وتتطلب توافقاً بين الأطراف السياسية، مبيّناً أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، هو الداعم الرئيسي له. ويبدو أن الخلافات حول مشروع لا تتعلق بتوقيت تشريعه، وحجم الميزانية التي يحتاج اليها الجيش بعد إقرار القانون فقط، إنما في المشاكل المتعلقة بالتوازن بين المكونين الشيعي والسني في المؤسسات العسكرية والأمنية.
المختص في الشؤون الأمنية، أحمد الشريفي، قال إن "للشيعة اجنحة عسكرية ومجموعات مسلحة، ولا يرغبون في تمرير القانون ووجود جيش قوي يحدث تغييراً في ميزان القوى". يشكل الشيعة أغلب منتسبي الحشد الشعبي ويترأسون هيئتها، في وقت لا تبلغ نسبة السنة في الجيش حداً يبدد مخاوفهم.
النائب عبد الكريم الجبوري، بيّن لشبكة رووداو الإعلامية، بأنهم لا يعرفون نسبة السنة في الجيش بسبب عدم إجراء الإحصاء.
قبل سقوط النظام السابق عام 2003، كان أغلب قادة القادة العسكريين من المكون السني، لكن المعادلة التي انبثقت بعد ابعاد حزب البعث عن السلطة، مختلفة تماماً وتصب في مصلحة الشيعة.
بشأن المخاوف من حدوث انقلاب عسكري، شدد أحمد الشريفي على أن تبديدها يتطلب نظاماً ديمقراطياً قادراً على ضمان منع حدوثه.