تصفير المشاكل ومعاملة الجوار لنا دولة أولى بالرعاية
27-كانون الأول-2023

حسين فوزي
ما طرحه رئيس مجلس الوزراء بشأن تنشيط علاقات التعاون الثنائي العراقي التركي، وتشكيل لجنة متخصصة تتولى متابعة تفاصل الارتقاء بالتعاون الثنائي بين البلدين الجارين، خطوة على الطريق الصحيح باتجاه تعزيز فرص التنمية المستدامة، في حالة تحديد اهداف التعاون بما يخدم التنمية المستدامة في العراق، مع ضرورة الحرص على تحقيق مبدأ الرعاية الأولى لدولة العراق ومواطنيه.
وهذا يعني تدفقاً للسلع والخدمات وفق خطة تنموية عراقية واضحة، بجانب منح المواطنين العراقيين حق زيارة دول الجوار لمدة لا تقل عن 3 أشهر بدون فيزا، كما هو حال تعامل تركيا مع مواطني الغرب.
وعند العودة إلى تاريخ العلاقات الثنائية العراقية التركية، نلاحظ أن عوامل دولية، بريطانيا، بجانب حكمة فيصل الأول ومجموعة الضباط الحجازيين، أدت إلى معالجة الكثير من القضايا الشائكة بين البلدين، كانت في مقدمتها قضية تبعية ولاية الموصل للعراق بموجب قرار عصبة الأمم عام 1926، الذي حرص البريطانيون والملك فيصل الأول مقابله، على توفير شيء لتركيا الجديدة بزعامة مصطفى اتاتورك بإعطائهم 10% من عائدات نفط شركة النفط التركية (فيما بعد شركة نفط العراق) لمدة 25 عاماً. مع هذا بقيت ولاية الموصل ضمن قوانين الموازنة العامة التركية.
وفي عام 1985، في ظل ولاية الراحل توركوت أوزال رئيساً لوزراء تركيا، بعد مباحثات مع صدام حسين ورجله المقرب طه ياسين رمضان، تم الاتفاق على توسيع خط أنبوب تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان وزيادة كبيرة في حجم التبادل التجاري لمصلحة تركيا، مما أدى إلى رفع ولاية الموصل من الموازنة العامة التركية.
وقبلها، منذ عام 1920 وحتى 1929، لم تعترف إيران بالدولة العراقية، لكن مفاوضات صبورة بأشراف فيصل الأول توجت باعتراف إيران بالمملكة العراقية الهاشمية، عند مشاركة وفد عراقي باحتفالات عيد ميلاد الملك رضا شاه بهلوي.
وظلت قضية الحدود العراقية الإيرانية، بالأخص مسالة شط العرب موضوعاً مثيراً للخلاف والنزاعات، حتى هدأت على إثر توقيع حكومة حكمة سليمان، التي جاء بها انقلاب بكر صدقي، اتفاقية الحدود بصيغتها النهائية في 4 تموز 1937، وإقامة ميثاق سعد اباد في 8 تموز بشـأن عدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل الخلافات بالتفاوض والتعامل المتميز لكل من الدول الأربع الأعضاء، العراق وإيران وتركيا وأفغانستان، لبعضها البعض.
ما نستخلصه من مسار العلاقات الثنائية بين العراق وكل من تركيا وإيران، هو وجود مصالح وخلافات متشابكة، سعى فيصل الأول واتباعه، على حلها سلمياً، بالاعتماد على تنشيط المصالح المشتركة، وهو ما سعى له ايضاً الرئيس المرحوم عبد الرحمن عارف، وزيارته المفاجئة لطهران في 14 اذار 1967، وحديثه الدبلوماسي الرصين مع الشاه محمد رضا بهلوي، مما هدأ التوتر الذي كان قائماً بين البلدين، مع انه رفض طلب الشاه بتعديل اتفاقية الحدود الثنائية لعام 1937 التي نصت على ان ضفتي شط العرب عراقية باستثناء "محيط" ميناء عبادان، واستبدالها بخط التالوك الذي يمكن إيران من اخذ اكثر من نصف شط العرب.
إن ما تحدث به الرئيس عارف مع شاه إيران محمد رضا عن استحالة تجاوز جغرافية الجوار والعلاقات التاريخية المشتركة بين الشعبين، الدين والتصاهر والتبادل التجاري والثقافي، تشكل اساساً رصيناً للارتقاء بعلاقات ثنائية لمصلحة البلدين يشكل جزءاً مهما من ضمان استقرار المنطقة.
وذات النهج سعى له الرئيس المخلوع صدام حسين في علاقات العراق بالجارة تركيا، منذ تنفيذ مشروع "خط أنبوب تصدير النفط "الاستراتيجي عبر تركيا"، الذي كان يعده حزب البعث مشروعاً استعمارياً معادياً لطموحات الأمة العربية أيام طرحه من قبل نوري باشا السعيد، إلى أن تصاعد الخلاف بين جناحي حزب البعث في العراق وسوريا، فصار منجزاً وطنياً كبيراً حققته القيادة العراقية!؟
كما كانت إقامة مجلس التعاون العربي، الذي تضمن بجانب العراق، مصر والأردن واليمن، في 16 شباط 1989، محاولة لتخطي الأثار التدميرية للحرب العراقية الإيرانية، بتعزيز أواصر التعاون العربي بـ "زعامة" مبطنة للقائد الضرورة، والضغط معنوياً ومادياً، وفق تصوره على مجلس التعاون الخليجي، بقصد توظيف إمكانات الأخيرة لمصلحة "التنمية العربية الشاملة" وزعامته التاريخية، الذي وأده غزو الكويت. وفي سياقه تصفية الأثار الإيجابية لترسيم الحدود العراقية السعودية في المنطقة المحايدة عام 1975 ..
إن ما ينبغي استخلاصه من هذا العرض التاريخي الموجز، بكل ابعاده الإيجابية في إشاعة التعايش والاستقرار، وما عشناه من حروب عبثية وتوتر وهدر للموارد البشرية والمادية، بكل ما تعنيه من قتلى وانفاق عسكري باهض، يستدعي الوعي بضرورة تصفير كل الخلافات وأسباب التوتر في علاقات العراق بمحيطه الإقليمي، وفي المقدمة العلاقات العراقية مع المملكة العربية السعودية والأردن والكويت، وبشكل خاص القوتان الرئيستان في المنطقة تركيا وإيران، من خلال تنشيط كل مجالات المصالح الثنائية، مع ضبطها وفق معايير تدفق محسوبة لتعميق الروابط الاقتصادية المتبادلة. بجانب إقامة جمعيات وطنية شعبية للصداقة والتعاون، بما يؤسس لعلاقات تعاون قومية وإقليمية لدول المنطقة وفق مبدأ الدول الأولى بالرعاية...بعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل في الشؤون الداخلية، ضمنها إنهاء إقامة حاميات عسكرية داخل الأراضي العراقية كما هو حال الجارة تركيا، أو دعم الفصائل المسلحة ودعم قوى سياسية "قريبة" كما هو حال الجارة إيران.
وهذا كله يستدعي أولا وقبل كل شيء وحدة صف وطني داخلي عراقي يعي المصالح الوطنية للشعب العراقي وطموحاته، وجيش وأجهزة داخلية ساندة قوية لحماية الدستور ونفاذ القانون، وهو مع الأسف ما يغيب عن الوعي العملي، وليس الشعارات، لكثير من القوى السياسية في الساحة العراقية، بحكم ان جزءاً مؤثراً منها هم وكلاء مصالح الجوار والشركات متعددة الجنسيات، مما يعرقل اية خطط للتنمية المستدامة ويتستر بإثارة المشاكل الداخلة والخارجية لتنفيذ مصالح قوى اجنبية.
إن حكومة قوية ببرنامج تنمية مستدامة واضح، ومحاربة الفساد وتصفية تنصيب المسؤولين على أساس الولاء وليس قيم المواطنة في الكفاءة والنزاهة، هو حدة الضمانة لضمان معاملة الدولة الأولى بالرعاية إقليمياً ودولياً، وقد تكون بعض ملامحه جهود رئيس مجلس الوزراء، لكن المعرقلين كثر.

الاقتصاد النيابية تبحث المواصفة العراقية لاستيراد المركبات مع جهاز التقييس
3-نيسان-2024
وزير العدل خالد شواني لـ"العالم": نعمل على "أتمتة" عمل التسجيل العقاري وكتّاب العدول
25-آذار-2024
الحسناوي لـ"العالم": حصة المواطن من الموازنة العامة سنويا 4 آلاف دينار
23-آذار-2024
وزير الداخلية لـ"العالم":نخطط لاستبدال المنتسبين الرجال في المطار بكادر نسوي
12-آذار-2024
حادث سير يودي بحياة "مشرفين تربويين" على طريق تكريت - موصل
12-شباط-2024
العراق يتأثر بحالة ممطرة جديدة تستمر لأيام تتبعها ثالثة "وربما رابعة"
12-شباط-2024
هزة أرضية تضرب الحدود العراقية التركية وسكان يستشعرون قوتها في دهوك والموصل
12-شباط-2024
العراق يدعو إلى تدخل دولي لمنع خطط التهجير الجماعي لسكان جنوب غزة
12-شباط-2024
بمشاركة السوداني وبارزاني إنطلاق قمة عالمية بدبي للحكومات
12-شباط-2024
الأمن والدفاع: العراق لا يستطيع حماية أجوائه من المسيرات
12-شباط-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech