محمد عبد الجبار الشبوط
التظاهرات الرافضة للابادة الجماعية في غزة والمتعاطفة مع الشعب الفلسطيني أظهرت العناصر الايجابية لدى الغربيين وفي الحضارة الغربية بشكل عام. فهذه التظاهرات تعكس التفاعل العاطفي والانساني لدى الناس، وتوحي بتبني قيم ومبادئ تشمل الحقوق الانسانية، والعدالة، والشفافية، والحرية الفردية. إن مشاركة الغربيين. وفيهم يهود، في هذه التظاهرات تعكس اهتمامهم بالقضية الفلسطينية ورفضهم للظلم والقتل العشوائي الذي تمارسه إسرائيل التي كانت توصف بانها القاعدة المتقدمة للحضارة الغربية وواحة الديمقراطية في الشرق الاوسط حيث الانظمة الاوتوقراطية التقليدية.
وبينما نشهد بعض العناصر السلبية في الحضارة الغربية، مثل موقف بعض الحكومات الغربية المؤيدة لإسرائيل، والتاريخ الاستعماري البغيض، يجب ألا نغفل عن العناصر الإيجابية فيها التي لا يمكن نكرانها. على سبيل المثال، تعمل المنظمات غير الحكومية الغربية والناشطون على مساعدة الفلسطينيين من خلال توفير المساعدات الإنسانية، والرعاية الصحية، والتعليم. هذه المساعي تسلط الضوء على الروح الإنسانية التي ترتبط بالحضارة الغربية، ترمز إلى التعاطف والأخلاقية الرفيعة القائمة على احترام الحقوق الأساسية للإنسان.
ومن الجدير بالذكر أن التظاهرات والحركات الاحتجاجية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي ودعم الشعب الفلسطيني ليست حكرًا على الغرب فقط، إذ تجتذب أيضًا دعمًا وتعاطفًا من جميع أنحاء العالم. فالمبادئ والقيم العالمية للعدالة وحقوق الإنسان ليست مقتصرة على فئة أو ثقافة معينة، بل هي قيم مشتركة تجمع الناس في معركة واحدة ضد الظلم والعدوان.
وتعزز هذه التظاهرات العلاقة بين الشعب الفلسطيني والمجتمعات الغربية. فعندما يرى الغربيون تعرض الشعب الفلسطيني للظلم والقتل بدون رحمة، يجدون أنفسهم عاطفيًا الى جانب العدالة والحقوق الإنسانية. وبذلك، يتم بناء جسور المحبة والتعاون بين الثقافات والشعوب المتعاطفة، مما يؤدي في النهاية إلى فهم أفضل وتعاون متزايد بين الشعوب.
وإذا كنا نرى بعض القمع والتمييز في بعض الدول الغربية، ليس من الصحيح أن نعتبر هذا تمثيلًا دقيقًا للحضارة الغربية بأكملها. فالحضارة ليست قائمة على تصرفات الحكومات فقط، بل تتشكل من ديناميكيات أكثر تعقيدًا تشمل الأفراد والشعوب والمؤسسات الأخرى. وفي ظل وجود الإخفاقات، يجب علينا النظر أيضًا إلى التقدم والإنجازات التي يحققها الأفراد والمجموعات في الغرب في مجال حقوق الإنسان والعدالة.
في النهاية، يمكننا أن نقول إن التظاهرات الرافضة للابادة الجماعية في غزة والمتعاطفة مع الشعب الفلسطيني تعكس العناصر الإيجابية لدى الغربيين وتعزز العلاقة بين الشعب الفلسطيني والمجتمعات الغربية. على الرغم من وجود بعض العناصر السلبية، يجب علينا ألا ننسى أن العديد من الغربيين يسعون للعدالة والسلام ويعملون على دعم الشعوب المضطهدة والمظلومة. فالحضارة الغربية تتميز بتنوعها وتعدد اتجاهاتها، وهذا يجعلها غنية بالعناصر الإيجابية التي تستحق الاعتراف بها والاستمرار في تنميتها.
الفكرة العامة هنا ان كل الحضارات السبع او الست الموجودة حاليا تملك نقاطا ايجابية واخرى سلبية. وعموما فان النقاط الايجابية فهي نتيجة احتكاك الحضارات الاخرى بالحضارة الاسلامية. لهذا ليس من الصحيح ادانة الحضارات الاخرى بالمطلق لان هذا يتضمن ادانة العناصر الاسلامية فيها والتي اخذتها منا في العصور المختلفة. لا يمكن ان اتحدث عن تاثيرات الحضارة الاسلامية في الحضارات الاخرى، ثم نقع في التناقض بادانة هذه الحضارات في المطلق وسلب منها كل العناصر الايجابية فيها، لسبب بسيط اعتقد به وهو ان النقاط الايجابية هي حصيلة التراكم الحضاري التاريخي الذي تشكل الحضارة الاسلامية جزءاً كبيرا منه.