تفاهة التفاهة
8-نيسان-2023
مازن صاحب
قال الله سبحانه وتعالى في مضمون كتابه الكريم "انما الدين النصيحة"، في هذا السياق يصح ما جاء في كتاب المؤلف الكندي"الان دينو" في كتابه "التفاهة" لينصح مجتمعه وبقية المجتمعات عدم اشتراء تطبيقات الذكاء الصناعي على الاجيال المتعاقبة في تصدير اهتمامات توصف بالتفاهة على تلك الاهتمامات التي تكون عالم المعرفة وتجارتها بما يقسم الناس الى انواع منهم من يقف في الصفوف المتقدمة لتطبيقات التفاهة من دون انتاجية معرفية تذكر مقابل اخرين يقفون في الصفوف الامامية لإنتاج عالم التفاهة لأسباب مجتمعية وسياسية تتاجر بالمعرفة وتوظف ادوات الذكاء الصناعي، لتصدير وتسويق هذا الخطاب المتدني في قيمه الاخلاقية والفاعل في ترويج الرذيلة بشتى الانواع والاساليب فقط ليكون الاخر مستهلكا لتلك المادة التافهة فحسب.
حينما نحاول تطبيق طرفي المعادلة على عراق اليوم في تقييم عشوائي لوسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لاسيما في تداعيات وانعكاسات ما يصدر اليه وما يخرج عنه من ردود افعال، يمكن ملاحظة الاتي:
اولا: ديمومة ان كل امة تلعن من جاء بعدها ومن كان قبلها، واستحضار اوجه الخلافات التاريخية لقراءة الحاضر وعدم استدراك تلك الخلافات لفهم مستقبل افضل وهناك العديد من الصور الرقمية التي تحتويها منصات التواصل من افعال وردود افعال على اي سياسات في منهجية مفتعلة، ابسط مثال عليها تلك المتابعات لأفعال وقرارات رئيس الوزراء في سياق تطبيق المنهاج الوزاري المتفق عليه امام مجلس النواب من قبل قيادات تحالف ادارة الدولة حتى بات الكثير من جمهور هذه الاحزاب يوافق على ذلك الاجراء ويتعرض على غيره في ابشع تفكيك يمكن تصوره ما بين الرفض والرفض المقابل حتى بات استحضار التاريخ اكثر انواع الحديث عن الحاضر وتجاهل استشراف المستقبل فقط لإثارة النعرات الطائفية وتجييش عواطف حتى من يصفون انفسهم بالنخب والكفاءات الاكاديمية والمثقفة!
ثانيا: على الرغم من صدور (امنيات) لوضع رؤية عراقية 2050، الا ان هذه الرؤية ما زالت خارج سياقات التفكير العميق بمتطلبات الالتزام بمعايير الحكم الرشيد مقابل شيوع مظاهر الفساد في نظام المحاصصة القائم، هكذا تحولت هذه الامنيات الى مجرد هواجس عند من يمتلك زمام السلطة بضياع فرضياته لديمومة الهيمنة على كرسي الحكم فيما واقع الحال ان اعادة صياغة المنتج المتحقق من الاستراتيجيات الوطنية وهي 23 استراتيجية وطنية تبدأ بمحاربة الفقر ولا تنته عند التنمية المستدامة تتطلب وعيا في التنمية السياسية التي ما زالت مفقودة عند الاغلبية الغالبة من القيادات السياسية ومنها قيادات تحالف ادارة الدولة ذاتهم.
ثالثا: اين تكمن بداية مصفوفة الحلول؟ سؤال كررت الحديث عنه واعيد الحديث عنه، تبدأ في وضوح السلوك السياسي واعادة صياغة الاجندات الحزبية، ففي حين كانت هذه الاجندات ترتبط بواقع اقليمي مشتبك بات اليوم امام حقائق كبرى في تسويات واضحة بدأت في الاتفاق السعودي الايراني وفي وجود الصين القوي لعل ابرزه في بناء ميناء (اشدود) الاسرائيلي لتصدير نفوط غاز الشرق الاوسط ناهيك عن دور الهند والباكستان في هذه المتغيرات والدور الروسي والأوروبي، بما يحتم على تلك الاحزاب ومنها احزاب تحالف ادارة الدولة اعادة صياغة اجنداتها من حالة الارتباط المباشر والولائي لأجندات اقليمية ودولية الى حالة بلورة مشتركات حزبية متفق عليها في الشراكة الوطنية لبناء عراق واحد وطن الجميع.
اما البقاء في فضاءات المحاور الاقليمية والدولية فانه سيكون في النتيجة النهائية مجرد نوعا من العمالة للأجنبي وفق تعريف اي فقه قانوني عراقي او اقليمي وربما يظهر نابليون جديد من الشرق لا يصافح الخونة!
كل ذلك وغيره يتكرر يوميا بل في كل ساعة هذه النماذج من (تفاهة ... التفاهة) لاتهام الاخر بشتى الاتهامات بل حتى المساس بعرضه وشرف اهله فقط لان له رأيا لا يتطابق مع رأي كان يوما ما مقاوما وبعنوان مقدس فبات اليوم متغيرا سياسيا مطلوب من قيادات الاحزاب الايضاح الصريح لجمهورهم ان لا مصالح دائمة ولا عداوات دائمة انما هناك مصالح دائمة ولكن هل في هذه القيادات (تشرشل عراقي) ؟؟... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!