تقرير ايراني يشكك في تشييد خط «بصرة - شلامجة» السككي: هذه التعقيدات الفنية والطرق البديلة
18-حزيران-2023
بغداد ـ العالم
استعرضت صحيفة "الفايننشال تريبيون" الايرانية الصادرة بالانجليزية مسار مشروع ربط الشلامجة الايرانية بالبصرة العراقية، من خلال السكك الحديدية، وهو مشروع قديم ما يزال يواجه تعقيدات فنية وتأخيرا، برغم انه يعزز مكانة البلدين الاقليمية، فيما ظهرت مشاريع منافسة بديلة لخط الطموح.
وذكرت الصحيفة الإيرانية في تقريرها، إن إيران والعراق اتفقتا في نيسان/أبريل الماضي بعد سنوات من التأخير، على اعادة اطلاق الجهود لربط الشلامجة بمدينة البصرة حيث قام وزير النقل العراقي رزاق السعداوي بزيارة طهران في 6 نيسان / ابريل حيث أجرى محادثات مع وزير الطرق والتنمية العمرانية الإيراني مهرداد بازرباشي، واتفقا على تطوير النقل بين البلدين، وخصوصا فيما يتعلق بتفعيل خطط انجاز خط سكة حديد البصرة - الشلامجة ، والمتوقع أن يستغرق تنفيذه 18 شهرا.
واشار التقرير الى أن المشروع يواجه تحديات منذ بدايته، حيث كانت بغداد وطهران وقعتا للمرة الاولى اتفاقية لتطوير الخط في العام 2014 ، لكنهما علقتا الخطط في العام نفسه في ظل اجتياح تنظيم داعش مناطق عراقية، مضيفا أنه بعد تحسن الظروف الامنية، التزمت الجارتان في كانون الأول/ديسمبر العام 2021 بإكمال الخط في غضون عامين، إلا أنه منذ ذلك الوقت، لم يتحقق اي تقدم في المشروع.
وبحسب الاتفاقية الاخيرة بين الطرفين، فان ايران هي المسؤولة عن تشييد جسر بطول 900 متر فوق الممر المائي الذي يقسم البلدين، والمعروف باسم نهر أروند في إيران وشط العرب في العراق، حيث قامت إيران بتوسيع شبكة السكك الحديدية الخاصة بها حتى الحدود، إلا أنه لم تشيد الجسر حتى الآن.
وبالنسبة للعراق، فقد أشار التقرير إلى أنه من المتوقع إقامة خط سكة حديد يغطي مسافة 32 كيلومترا من البصرة وصولا الى الحدود مع إيران.
ونقل التقرير عن مسؤول العلاقات العامة في شركة سكك حديد ايران جلال مختاري قوله ان هناك تعقيدات في إقامة جسر متحرك للقطارات والسفن للمرور عبر النهر.
واشار التقرير الى ان تجريف الممر المائي ضروري من أجل خلق مساحة في القناة لكل من البنية التحتية المنقولة والقوارب العابرة.
ولفت الى ان الجولة الاخيرة من التجريف جرت في العام 1978، أي قبل عام من اندلاع الثورة الاسلامية العام 1979، ثم اندلاع الحرب بين عامي 1980 الى 1988. ادى تراكم الرواسب منذ ذلك الحين الى انخفاض كبير في قدرة النهر.
كما ان الجانب العراقي لم يبدأ في تشييد مسارات على جانبه من الحدود.
ونقل التقرير عن مختاري قوله، ان عملية ازالة مخلفات الحرب قد اكتملت على الاراضي الايرانية، مضيفا "نحن ننتظر عملية إزالة الألغام من الجانب العراقي لبناء خط سكة حديد".
ولفت التقرير إلى أن اعتبارات اقتصادية أعاقت المشروع ايضا حيث ان جزءا من المشكلة يتركز حول هوية الجهة التي ستتولى البناء، اذ افادت وسائل اعلام ايرانية ان التقدم في المشروع تباطأ في ظل تردد بغداد حول الطرف الإيراني المقاول سابقا للمشروع أي "مؤسسة مستضعفان" حيث أن الطرف العراقي اشتكى من عدم تخصص هذه المؤسسة بمشاريع من هذا النوع.
ونقل التقرير عن مدير التجارة الخارجية في شركة السكك الحديدية الايراني وحيد قرداشي قوله إن العمل في المشروع في إيران ستقوده الان شركة "خاتم الأنبياء" التي تعتبر بمثابة ذراع الاعمار في الحرس الثوري الإسلامي، أما شركة السكك الحديدية الايرانية فسيكون دورها الإشراف على تنفيذ المشروع بالتنسيق مع الطرف العراقي.
وبحسب التقرير، فإن استبدال المقاول الإيراني في المشروع، قد ساهم في تهدئة مخاوف السلطات العراقية، كما ان الخطوة تعكس مؤشرا على التوافق والتعاون الوثيق بين إدارة الرئيس ابراهيم رئيسي مع الحرس الثوري الإيراني.
وتابع التقرير ان ادارة ابراهيم رئيسي تستخدم مشروع السكك الحديدية في إطار استراتيجيتها لتأمين موقعها الإقليمي وإنشاء روابط عبور مختلفة مع الدول المجاورة التي تستخدم المواصلات البحرية والطرق والسكك الحديدية، حيث أن طهران تعمل على اقامة خط شلامجة-البصرة تزامنا مع إقامة روابط مواصلات الى الموانئ الإيرانية المطلة على الخليج والقيام بتوسيع واسع لشبكة السكك الحديدية الايرانية لتشمل 15 مشروعا رئيسيا.
واوضح التقرير ان المبادرات التي يتم تنفيذها تتضمن تطوير الطرقات الدولية مع افغانستان وباكستان وتركمانستان، ايضا طرق اخرى قد تصل الى ميناء اللاذقية السوري على ساحل البحر المتوسط.
وتابع التقرير أن السكك الحديدية تعتبر ايضا مركزية بالنسبة للمشروع الطموح المتمثل بممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الذي يسعى لربط الهند بآسيا الوسطى وروسيا عبر ايران، حيث ان طهران تراهن بامالها على هذا المشروع الذي ازدادت أهميته في ظل العقوبات الغربية على موسكو بسبب غزو روسيا لأوكرانيا في شباط/فبراير العام 2022.
الى ذلك، اشار التقرير الى ان خط البصرة - شلامجة ليس المشروع الوحيد الذي يستهدف ربط إيران بجارتها العراقية في الغرب عن طريق السكك الحديدية، اذ ان طهران خصصت 6 مليارات ريال (12.3 مليون دولار) بهدف استكمال مشروع لربط معبر خسروي الحدودي في محافظة كرمانشاه، بشبكة السكك الحديدية الإيرانية، مضيفا أن محطة خسروي تتمتع بموقع مفيد نسبيا مقارنة بشلامجة، اذ ان محطة خانقين العراقية على بعد أقل من 20 كم، ما يجعل من بغداد وطهران اقرب جغرافيا من خلال خسروي مقارنة بخط شلامجة، وهو ما يمكن ان يظهر أن محطة خسروي تشكل عقدة سكة حديد مهمة.
وفي هذا الاطار، اوضح التقرير ان سكة حديد كرمانشاه - خسروي - خانقين يمكن ان تكون اقل كلفة في بنائها، مقارنة بخط سكة حديد البصرة - شلامجة. لكن التقرير، رأى أنه يتحتم النظر الى المشروعين على انهما يكملان بعضهما البعض، ولهذا، فإن طهران تسعى الى استكمال كلا المسارين بالتوازي.
كما اعتبر أن تنويع الطرقات الحدودية، من شأنه أن يخفف من بعض الضغوط على البنية التحتية القائمة، موضحا أنه برغم وجود 7 معابر حدودية رسمية بين ايران والعراق، الا ان معبري شلامجة وجذابه في محافظة خوزستان، هما الأكثر ازدحاما، خصوصا خلال الأعياد الدينية للسفر الى مدينتي كربلاء والنجف، مذكرا بأن حوالي مليوني سائح ديني سافروا عبر شلامجة لمناسبة الاربعين في سبتمبر / ايلول 2022، ولهذا فان بامكان البنية التحتية الجديدة، بما في ذلك طريق سكة حديد الى البصرة ، ان تخفف من هذه الضغوط.
وبعد الإشارة إلى "تردد عراقي"، قال التقرير إن استكمال خط سكة حديد البصرة - شلامجة هو جزء من خطط العراق الخاصة للاستمرار بتطوير خطوط السكك الحديدية، اذ انه بالاضافة الى ارتباط الخط بمواقع عراقية مهمة اخرى مثل بغداد وكربلاء والنجف، يمكن ان يكون الخط جزءا من شبكة دولية أوسع، ما يساعد في تعزيز أعداد السياح ، بما في ذلك الزوار الدينيين، وكسب المزيد من الأموال للبلد.
لكن التقرير اشار الى ان التزام بغداد بالمشروع "يبدو غير مؤكد إذ يبدو ان اهتمامها يركز على خطط البنية التحتية الاخرى"، مذكرا في هذا الإطار بمشروع "طريق التنمية" الذي يربط بين ميناء الفاو الكبير في البصرة، بالأراضي التركية والمقرر أن يكتمل بحلول العام 2025.
وتحدث التقرير عن وجود اعتقاد لدى البعض في ايران بان العراق قام بتأخير تطوير خط البصرة - شلامجة بهدف التركيز على مشروع طريق الفاو - تركيا، والذي يبدو ان بغداد تعتبره من الأولويات لبنيتها التحتية.
وتابع التقرير ان هناك ايضا تصور ايراني بأن النفوذ الامريكي ساهم ايضا في ما يعتقد أنه تردد عراقي في تنفيذ مشروع السكك الحديدية الثنائي.
وخلص التقرير الى القول الى انه برغم الآمال المحتملة من مشروع البصرة - شلامجة، واستراتيجية ادارة ابراهيم رئيسي المتمثلة في انشاء طرق عبور متنوعة لتعزيز موقعها الإقليمي، إلا أن استكمال خط السكة الحديد لا يزال بعيد التحقق في ظل الظروف الحالية، مضيفا أن هناك جوانب فنية، وأيضا مسائل ازالة الالغام والتجريف، وانه لذلك، قد تكون الافضلية هي للطرق البديلة.
وختم بالقول انه في ظل هذا الوضع، فإنه قد تمر سنوات قبل أن يتمكن المسافرون من عبور الممر المائي الذي يقسم إيران والعراق بالسكك الحديدية.