بغداد - العالم
حذرت رئيسة منصة “سيغنل” للتواصل ميريديث ويتاكر في مقابلة مع وكالة فرانس برس، خلال معرض “فيفاتك” للتكنولوجيات الحديثة في باريس، من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي الراهنة تعتمد على المراقبة الجماعية، التي باتت “المحرك الاقتصادي للقطاع التكنولوجي”.
ويتطلب الذكاء الاصطناعي كمية هائلة من البيانات يستخدمها كلما أنشأ محتوى، وفقا لويتاكر التي عملت لأكثر من عشر سنوات على مسألة الأخلاقيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لدى غوغل قبل ترك الشركة، مضيفة “هذه البيانات التي قد تكون خاطئة بشكل كامل، لها القدرة على توجيه حياتنا بطريقة ينبغي أن تثير قلقنا”.
وترى الخبيرة أن خطر الذكاء الاصطناعي يكمن في تصديق مقولة “الذكاء بقدرات تفوق البشر” غير الحقيقية، وعدم رؤية أن هذه التكنولوجيا موجودة حاليا في “أيادي حفنة من الشركات التكنولوجية الأميركية التي تسيطر على الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية التي تنظمه”.
وذهبت إلى أن “هذه نتيجة النموذج الاقتصادي للمراقبة الجماعية الذي نشأ خلال تسعينات القرن العشرين في الولايات المتحدة وبات المحرك الاقتصادي للقطاع التكنولوجي”، متابعة “نستضيف هذه الشركات في حكوماتنا ومؤسساتنا الأساسية وحتى في حياتنا، من دون إدراكها ذلك”.
وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي هو “أداة لمَن لديهم إمكانية الوصول إلى رأس المال، تُختَبَر عموما على مَن لديهم سلطة أقل”، مضيفة أن “معظمنا لا يستخدم الذكاء الاصطناعي، بل أرباب العمل والسلطات يستخدمونه علينا”.
وينتاب عدد كبير من المراقبين والمسؤولين قلق إزاء السرعة الفائقة التي تنشر بها شركات التكنولوجيا الكبرى أدوات ذكاء اصطناعي متطوّرة ومشابهة للبشر بصورة أكبر.
وتحتفي الشركات نفسها بالتقدم المتسارع الذي أحرزته، مؤكّدةً أنّ ما أُنجز حتى اليوم “ليس سوى البداية”.
وحقق تطبيق “سيغنال” الذي أُطلق عام 2014 ومُوّل من تبرعات ولم يعتمد حملة تسويقية، شعبية واسعة بين المبلغين عن المخالفات والصحافيين.
ويُعدّ التطبيق الأميركي مرجعا في ما يخص سلامة البيانات، إذ لا يتطلب من المستخدم سوى مشاركة رقم هاتفه، ويتم تشفير الرسائل عبر بروتوكول جرى ابتكاره داخليا، كما أن كمية بيانات التعريف المُتاحة للتطبيق محدودة.
وزادت شعبية سيغنال في أوائل عام 2021، عندما أعلن منافسه واتساب أنه سيشارك المزيد من البيانات مع شركته الأم فيسبوك. ويبقى سيغنال، الذي يستخدمه بحسب الخبراء 40 مليون شخص، بعيدا جدا عن واتساب الذي يضم أكثر من 2 مليار مستخدم أو مسنجر مع نحو مليار مستخدم.
واتخذت الجهة الأميركية التي ابتكرت تطبيق المراسلة مقرا لها في باريس حتى نهاية العام، بهدف التركيز على السوق الأوروبية.
لكنّ ويتاكر تعتبر أنّ أوروبا لا ينبغي أن تحاول التنافس مع الولايات المتحدة أو الصين في سباق الذكاء الاصطناعي “من خلال خوارزميات تعزز أنظمة عدم المساواة والسيطرة”.
وتدعو المسؤولين الأوروبيين إلى “إعادة تصوّر تكنولوجيا قادرة على خدمة مجتمعات ديمقراطية أكثر وتحترم حقوق الإنسان بصورة أكبر”.
الذكاء الاصطناعي طغى على المواضيع المطروحة في النسخة الثامنة من معرض فيفاتك، أكبر معرض للتكنولوجيا الحديثة في أوروبا
وترى أنّ “سيغنال هو مثال جيد ويظهر أنّ بإمكاننا بناء تقنية مختلفة ترفض النموذج الاقتصادي القائم على المراقبة”.
أما بخصوص الحاجة إلى ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، وهو ما تدافع عنه الشركتان الفرنسيتان “ميسترال إيه آي” و”هاغينغ فايس” ومجموعة ميتا الأميركية، فلا تؤمن ويتاكر بذلك.
وتقول الخبيرة التي شاركت في كتابة مقالة عن هذا الموضوع، ستُنشر قريبا في مجلة “نيتشر” العلمية، “ما هو المصدر المفتوح في تكنولوجيا تتطلب 100 مليون دولار من الطاقة الحاسوبية لتدريب نموذج واحد؟”.