تكيف عراقي «بطيء» مع المنصة الامريكية والعلاق يدافع عن إجراءاته
28-آذار-2023
بغداد ـ العالم
لا تزال السلطات تحاول السيطرة على ازمة العملة، وهو ما يؤشر الى أن الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط بعد 20 سنة من الغزو الأمريكي، لا يزال هشا، إذ هناك عمليات تحايل مستمرة لتهريب الدولار بطرق التفافية الى لبنان. ويدافع محافظ البنك المركزي علي العلاق عن الإجراءات التي اتخذها لتحقيق الاستقرار في سوق العملة النقدية، موضحا "ركزنا على حل جذور المشكلة ونشهد بعض المؤشرات الإيجابية، فيما بعد الأزمة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي".
وتنسق السلطات العراقية مع الولايات المتحدة عبر تطبيق قواعد صارمة على البنوك كجزء من الجهود للقضاء على تبييض الأموال والتدفقات النقدية السرية نحو الخارج، إلا أن هذه الإجراءات تسببت في تداعيات لم تكن متوقعة بما في ذلك التراجع الكبير في المعروض من الدولار، ما أدى الى تفاقم التضخم وخلق صعوبات للعراقيين حيث يسود التعامل بالدولار بسبب عدم الثقة بالدينار.
ولا يمكن للحكومة الوصول إلى أموال مبيعات النفط سوى من خلال الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يحتفظ باحتياطيات العراق من النقد الأجنبي منذ الغزو، وهي آلية تنص على أن البنك المركزي يطلب دولاراته من الاحتياطي الفيدرالي ثم يبيعها الى مقرضين تجاريين وشركات صرافة مقابل الدينار، فيما يعرف باسم مزاد الدولار، الا ان المسؤولين الامريكيين والعراقيين يشكون منذ فترة طويلة من أن عمليات احتيال واسعة سمحت بسحب مبالغ كبيرة الى خارج العراق، ووصلت أموال الى جماعات خاضعة للعقوبات الامريكية في ايران وسوريا ولبنان.
يقول ديفيد برجر، المسؤول الأمريكي العامل في بغداد: "شهدنا عددا متزايدا من المعاملات المشبوهة. مبالغ مالية كبيرة غادرت من خلال التحويلات الالكترونية على أسس احتيالية واضحة".
وبعد "سرقة القرن" التي طالت 2.5 مليار دولار وحظر 4 بنوك من التعاملات، لجأ العراق الى التخلي عن المعاملات الورقية في إجراءات تحويل الأموال، وطبق منصة رقمية أكثر شفافية للتحويلات. لكن بعض البنوك والتجار كانوا غير راغبين في الكشف عن تفاصيل المستلمين النهائيين، بينما تأخر البعض في التكيف مع القواعد الجديدة.
وهنا يشير العلاق الى، إن هناك بوادر على التقدم حيث "نشهد تزايدا في عدد المعاملات على المنصة الرقمية، وهناك المزيد من التجار العراقيين يسجلون رسميا للمشاركة".
ومن بين الإجراءات التي اتبعت لاحتواء أزمة الدولار وقيمة الدينار، طرح مخطط يتيح للمسافرين استبدال الدينار بمبلغ يصل الى 7 الاف دولار في المطارات لاستخدامها في الخارج، وهو ما أتاح للصرافين حجز رحلات طيران لن يستخدموها، وإنما فقط بهدف الوصول الى العملة الامريكية، ثم القيام ببيعها في السوق السوداء.
وأحد الموظفين في شركة طيران بمطار بغداد، قال انه "منذ اسابيع رأينا رحلات جوية الى عمّان أو بيروت نفدت بالكامل لكن الطائرات كانت فارغة (بلا مسافرين)". لكن هذه الثغرة بدأت تضيق منذ الأسبوع الماضي حيث تم تقليص المبلغ المتاح الى الفي دولار فقط.
وبعض هذه الدولارات انتهى بها المطاف في لبنان الذي يعاني من أزمته الاقتصادية الخاصة.
يقول أحد الصرافين، إنه كان يرسل يوميا عشرات العراقيين لسحب الدولارات من مطار بغداد لجلبها الى لبنان، موضحا "نحن نجني حوالي 1200 دولار من كل 10 الاف دولار نحصل عليها من العراق".
لكن العلاق يعتقد أن "مشكلتنا الكبرى هي أن العراقيين يعتمدون على الدولارات النقدية. أليس من الغرابة أن يدفع المرء بعملة أجنبية في بلده؟ العالم بأكمله يتجه نحو التخلي عن التعامل نقديا، وعلى العراق أن يفعل ذلك ايضا".