تلغراف: حملة الربيع الروسية قد تغير موازين الصراع
30-كانون الثاني-2023
بغداد ـ العالم
جاء في مقال بصحيفة تلغراف (The Telegraph) البريطانية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراهن على أن الغرب -بوقوفه إلى جانب أوكرانيا في حربها ضد بلاده- إنما يراهن بالتضحية بنفسه.
وتعتقد كاتبة المقال شيريل جاكوبس -المحررة بالصحيفة- أن بوتين ربما يكون محقا في رهانه ذاك، فالحقيقة هي أن "أوكرانيا ليست في طريقها إلى تحقيق نصر كامل" بل إن الوضع، برأيها، على عكس ذلك تماما إذ إنها لن تستطيع على ما يبدو القضاء على القوات الروسية.
وتزعم أن الجيش الروسي يتفوق على الأوكرانيين، وأن محاولات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لاستعادة ما خسرته بلاده في الحرب تتعثر. ومع تردد الغرب في تزويد كييف بالدبابات، فإن زيلينسكي لن تكون لديه أسلحة كافية لشن ضربة استباقية قبل أن يُقدم بوتين على تصعيد وتيرة حملته العسكرية في الربيع.
وترى جاكوبس أنه بالرغم من ضعف الجيش الروسي، فإن الأمور تتجه في أحسن الأحوال -بالنسبة لأوكرانيا- نحو طريق "كارثي" مسدود، وفي أسوأ الأحوال فإن الروس ماضون في تحقيق اختراق حاسم.
وفيما يتعلق بميزان القوى بين طرفي الصراع، أوضحت الكاتبة أن أوكرانيا يتوفر لديها العدد الكافي من المقاتلين والعزم على التمسك بسيادتها، إلا أن الروس يمتلكون ترسانات هائلة من الأسلحة والذخيرة. وعلاوة على ذلك، تفيد التقارير بأن الكرملين يستعد لتعبئة نصف مليون مجند جديد في الوقت الذي يسعى فيه لتصعيد الحرب باستخدام الطائرات المسيّرة والمدفعية والطائرات الحربية والدبابات، وهو ما تعده جاكوبس تحولا هائلا.
وتشير إلى أن هذه العوامل تجعل من غير الممكن الدفاع عن إستراتيجية الغرب الحالية، فقد قدم الغرب لأوكرانيا حتى الآن ما يكفي من المساعدة لإطالة أمد الحرب في محاولة لإضعاف الجيش الروسي، إلا أن الدعم الغربي لم يصل إلى حد التدخل المباشر الذي قد يغير مآلات الصراع بشكل حاسم.
وبينما تُغيِّر روسيا ديناميكيات الصراع، فإن أوكرانيا "المحرومة من القدرات اللازمة" قد تتعرض سريعا لهزيمة "نكراء" بعد أن كانت لها اليد العليا في المعارك، وفقا لمقال تلغراف.
وتمضي جاكوبس للقول إن محاولات الغرب لعزل الاقتصاد الروسي والقضاء عليه لا يبدو أنها قد نجحت تماما، ذلك أن لدى روسيا فائضا تجاريا قياسيا، وقد تمكن قطاعها الصناعي من الصمود في وجه العقوبات الغربية. ومع كل ذلك، فإن الغرب ليس مستعدا ذهنيا لتقبل أي شيء آخر غير انتصار أوكرانيا، كما تقول الكاتبة مشيرة إلى أن الغربيين لا يرغبون في الاعتراف بالحقيقة "المقلقة" وهي أنه حتى لو كانت المحصلة النهائية للحرب -على سبيل المثال- غامضة، فإن أسطورة الهيمنة الأميركية سوف تتحطم وفق المقال.
وترى الكاتبة أنه مع عزم موسكو على المدى الطويل على إعادة إحياء الإمبراطورية الروسية التي سادت في العصور الوسطى، فإن من الممكن أن يحل على العالم عصر جديد من دول الحضارات القديمة ليست الروسية فحسب بل والصينية والهندية وربما حتى الإيرانية الشيعية. وفي ظل احتدام نزاع متقلب الأطوار على حدودها، فستكون أوروبا في حالة صراع دائم، كما يورد المقال.
وإذا كان الغربيون على دراية تامة بما يحدث، وأن النظام الليبرالي القديم "معلق بشعرة" وعلى وشك السقوط، فإن نموذجا آخر يجب أن يحل محله، إنه نموذج يتمتع بصفات متجذرة تتجلى أكثر في مرونة إستراتيجية وبراعة عسكرية والتزام قوي بالقيم الغربية. ويبقى السؤال الأبرز -كما تقول جاكوبس- هو ما إذا كان الغرب على استعداد لتقديم التضحيات اللازمة لتحقيق ذلك فعلا.
وتقول الكاتبة إن ثمة فارقا تصفه بالمزعج بين الغرب وروسيا؛ فالأخيرة، رغم تدهورها الاقتصادي وتراجعها الديمغرافي، ترى أنها تنتمي إلى ثقافة لم تحقق أحلامها بعد.
أما الغرب فقد بات مستسلما ومتقهقرا وسَئِما من قيمه الخاصة "بما في ذلك الحرية"، ولهذا السبب لا ينبغي اعتبار قدرة روسيا على قلب العالم رأسا على عقب أمرا مفروغا منه، على حد تعبير المقال الذي تختمه جاكوبس بتحذير مفاده أن الغرب يبدو أبعد ما يكون عن إلحاق الهزيمة بالرئيس بوتين ونهجه.