توقع في حدث مالي
27-آب-2022
أ.د. حمزة محمود شمخي
ضمن توقعاتنا عن الاقتصاد الامريكي في مقال سابق، قلنا ان مستوى التضخم سوف يستمر بالارتفاع، حيث وصل الى مستوى لم يصله سابقا ليبلغ 8,5%، وهو أعلى مستوياته منذ 40 عاماً. ومثل هذا المستوى المرتفع للتضخم (سيكون مؤلما) على الاقتصاد الامريكي، وعدم التصدي له و(لجمهِ سيلحق ضررا أكبر) بالاقتصاد واقتصاد العالم.
هذا ما اعلنه قبل ساعات Jerome Powell رئيس الاحتياطي الفيدرالي واعلن صراحة من انه ليس امام الفدرالي الأمريكي الا استخدام أدوات السياسة النقدية (بقوة) من خلال رفع أسعار الفائدة.
اذا نحن امام تكرار القرار برفع جديد في اسعار الفائدة، ومثل هذا الارتفاع فوق السعر السابق لا بد وان ينعكس سلبا على اسعار الاسهم بشكل خاص وحركة الاسواق المالية بشكل عام، ولهذا شاهدنا اليوم ارقاما حمراء لغالبية الاسهم الامريكية وفي بقية اسواق المال العالمية، واتوقع ان تكون الارقام الحمراء مستمرة لفترة قادمة.
ضمن السياسة النقدية وادواتها تعتبر معدلات الفائدة واحدة من أهم الادوات المؤثرة على الحالة الاقتصادية لاي بلد، وعلى مجريات الاستثمار في الاسهم وتحركات الأسواق المالية. فعند اصابة الاقتصاد بارتفاع معدلات التضخم، يعني ذلك ارتفاع المعروض النقدي داخل الاقتصاد وهنا يتدخل البنك المركزي من خلال سياسته النقدية برفع اسعار الفائدة لغرض تسريع الاقتصاد عن طريق تحريك أسعار الفائدة ارتفاعا، وعند ذلك يقل المعروض النقدي تدريجيا وتهدأ الضغوط التضخمية وهذا الاجراء هو جوهر السياسة النقدية التي تعالج التضخم، الا ان ارتفاع أسعار الفائدة يسبب تضخما في تكلفة اقتراض الأموال وهذا يجعل شراء السلع والخدمات أكثر تكلفة للمستهلكين والشركات، وبالتالي يقل الطلب مع (انحراف نسبة العرض الى الطلب نحو العرض المفرط)، ونتيجة ذلك فان القروض الأكثر تكلفة تثني الشركات والأفراد عن الإنفاق مما يؤدي الى انخفاض الطلب، وعند ذلك تنخفض ارباح الشركات بسبب انخفاض الأسعار مما يعني دخول الأسهم كسلع استثمارية في موجة هبوط حاد، ويتوقع أن يتواصل ارتباك اسعار الاسهم وهبوطها في الاسواق العالمية اذا ما ترافق ذلك مع توجه البنك المركزي الأوروبي لرفع أسعار الفائدة مرة اخرى لمواجهة مستويات التضخم العالية المستوى في اوربا وبريطانيا. وفق هذا الحدث سوف نشاهد مزيدا من الارتباك في اسعار الاسهم وفي حركة الاسواق المالية، وسوف نعرض ذلك في مقال لاحق ان شاء الله.