ثلاث دورات في عُقدة السلتك
26-تموز-2023
صباح الأنباري
مُصْمَتُ الدورة الأولى:
{واجهة الاستقبال في فندق من الدرجة الأولى: كاونتر خاص بموظف الاستقبال عصري وأنيق. خلفه على الجدار لوحة تعليق المفاتيح. عدد من المفاتيح الأنيقة معلقة في المكان المخصص لها. خلف الكاونتر صورة شخصية لأحد الأثرياء الكبار بإطار ذهبي عريض مزخرف. على جهتي اليسار واليمين درجات سلمين يؤديان الى غرف الفندق في الطوابق العلوية. في أسفل اليسار ثمة مقاعد ومنضدة غاية في الأناقة خصصت لجلوس المنتظرين، على المنضدة جهاز كمبيوتر حديث. على الجدار الخلفي من اليسار واليمين هناك نافذتان كبيرتان عليهما ستائر من الساتان الشفاف ومن خلفهما تبدو المدينة بأبنيتها الفقيرة البائسة (خرائب). موظف الاستقبال يقلب صفحات في دفتر (سجل) كبير}
يرن منبه الدخول فينتبه الموظف للداخل فورا. تعلوا وجهَهُ ابتسامةُ استقبال للقادم الجديد. يظهر القادم على المسرح. رجل أربعيني يرتدي الملابس الفاخرة الأنيقة. بدلة مع فيونكا وبيده يحمل عصا (صولجان) مثل تلك التي يحملها الأثرياء. يتقدم نحو موظف الاستقبال يبتسم له يمد يده في جيبه يخرج رزمة من النقود يسلت منها ورقة من فئة 100 دولار. يضعها على كاونتر موظف الاستقبال ويشير له علامة البحث عن غرفة مناسبة. يتوجه نحو السلم يصعد الى الأعلى بين دهشة الموظف واستغرابه يتبعه الموظف بنظراته الفاحصة يتحرك نحو السلم. يتأكد أن النزيل قد أخذ طريقه نحو الغرف. يعود مسرعا الى الكاونتر ينظر بعيون الدهشة الى الورقة النقدية ثم الى مكان صعود النزيل. يلتفت يمينا وشمالاً ثم يلتقط الورقة النقدية. يضعها في جيب سترته الداخلي يلتفت مرة أخرى ليتأكد من خلو المكان. ينطلق بسرعة إلى خارج الفندق. تطفأ الأضواء تدريجياً وتدريجياً تفتح ثانية فنرى أن المنظر قد تغير في اعلى وسط المسرح ثمة محل بيع اللحوم. يدخل الموظف. يتوغل الى داخل المحل يسلم على الجزار. يمد يده في جيبه. يستخرج الورقة النقدية ويسلمها للجزار يستلمها الجزار بفرح غامر فيشير له الموظف إشارة سداد الدين ويغادر مسرعا الى الفندق. الجزار لوحده يتأمل العملة الورقة النقدية) وكأنه يستعرض ما فيها ثم يضعها في جيبه ويغادر مسرعا تطفأ الأضواء تدريجياً، وتدريجياً تفتح ثانية في أعلى وسط المسرح لوحة لمنظر جبلي وفي مقدمتها عدد من الخراف وأمامها بالضبط يقف تاجر الماشية. يدخل الجزار ويسلم الورقة النقدية لتاجر الماشية ويشير له إشارة سداد الدين ويغادر بينما يستلمها التاجر بفرح غامر يتأملها ويستعرض ما فيها. يضعها في جيبه ويغادر المكان مسرعاً. تطفأ الأضواء تدريجياً، وتدريجياً تفتح ثانية فنرى في المكان نفسه شاحنة كبيرة والى جانبها يقف سائقها. يدخل التاجر ويسلم العملة الورقية للسائق فيفرح بها. يشير التاجر إشارة سداد الدين ويغادر. تطفأ الأضواء. يدخل السائق الى الفندق يقترب من موظف الاستقبال يسلمه الورقة ويشير له إشارة تدل على سداد الدين. يسلمه الموظف مفتاح احدى الغرف يصعد السلم بينما ينزل الرجل الثري. يضع الموظف الورقة النقدية بسرعة على الكاونتر في المكان الذي تركها الثري. يصل الثري الى الكاونتر. يشير للموظف بعدم وجود غرفة ملائمة ثم يتلقط الورقة النقدية ويغادر.
مُصْمَتُ الدورة الثانية:
(المنظر السابق نفسه)
يدخل رجل آخر، يتقدم من منضدة الاستقبال، فينحني له موظف الاستقبال. تتلألأ حزمة صغيرة من الضوء على لوحة رسم عليها مسدس كاتم للصوت وعليه علامة (X) يسحب الرجل مسدسه من تحت سترته. ينزع منه مخزن الإطلاقات ويضعه على منضدة الاستقبال، يضع المسدس إلى جانب المخزن. يذهب لتفحص الغرف في الطابق العلوي. الموظف ينقل نظراته بين المسدس والرجل الثري الذي بدأ يرتقي درجات السلم حتى يختفي في الطابق العلوي. يشيعه الموظف بنظرة ترقب وتحسب لحركته وإذ يختفي الرجل في أعلى الدرج يعود الموظف الى منضدة الاستقبال. يعاود النظر نحو السلم ليتأكد من اختفاء الرجل. يأخذ المسدس ومخزنه.. يخفيهما تحت سترته ويخرج من الصالة بحذر شديد.
يقف أمام محل الجزار. يسحب المسدس من تحت سترته يضع مخزن الإطلاقات في جوف المسدس. يصوب نحو الجزار. يرتبك الجزار. يصوب الموظف بإصرار نحوه. يركع الجزار أمامه. يطلق الموظف عليه فيرديه قتيلا. يضع المسدس الى جانب الجثة ويمضي في طريقه مسرعاً. ينهض الجزار. يتحسس مكان الإطلاقة على صدره. يرى المسدس فيحمله. يضعه تحت سترته ويغادر المكان مسرعاً. يتوقف عند محل رعي الماشية مفتشاً عن تاجر الأغنام. يراه قادما باتجاهه، وإذ يصل على مقربة منه يسحب المسدس من تحت ملابسه ويصوبه نحو تاجر الأغنام. يرتبك التاجر. يركع بخضوع حين يرى إصرار الجزار. يطلق الجزار النار عليه فيرديه قتيلاً. يسقط على الأرض جثة هامدة. يغادر الجزار بعد أن يضع المسدس الى جانب الجثة ويغادر المكان مسرعاً. ينهض تاجر الماشية حائرا لا يعرف أهو حي أم ميت. ينظر الى ماشيته. يحصيها فلا يجد ما يشير الى سرقة بعضها. يرى المسدس الى جانبه. يحمله ويخفيه تحت ملابسه. يغادر المكان مسرعاً. يتوقف عند شاحنة السائق الذي يحضر له الماشية، يقترب منه. يبتسم سائق الشاحنة ويهم بتحيته لكن تاجر الماشية يسحب مسدسه ويصوبه نحو صدر السائق. يطلق عليه عياراً نارياً فيسقط جثة على الأرض. يترك المسدس الى جانب الجثة ويغادر المكان. تمر لحظات من الصمت المطبق. ينهض السائق يتحسس جسمه فلا يجد أثرا لطلق ناري عليه. يرى المسدس، يحمله ويقف مفكراً ثم ينطلق مسرعاً نحو الفندق. يدخل الى صالة الاستقبال. يفاجأ الموظف به، ويرتعب حين يوجه السائق المسدس نحوه بإصرار. يطلق عليه في اللحظة التي يحاول الموظف أن يتوارى خلف منضدة الاستقبال فيصيبه في كتفه ويغادر المكان بسرعة. ينزل الرجل الثري من أعلى السلم. يقترب من الكاونتر يرى مسدسه في الموضع الذي تركه فيه وفي اللحظة نفسها ينهض موظف الاستقبال من وراء الكاونتر يرى الى الرجل الثري. يفجأ الثري ببقاء الموظف على قيد الحياة. وفي اللحظة نفسها وبسرعة خاطفة يمد الاثنان يديهما لتناول المسدس وتطفأ الأضواء.
مُصْمَتُ الدورة الثالثة:
{على خشبة المسرح في أعلى وسط الوسط ثمة تمثال على قاعدة مرتفعة عن الأرض. التمثال يرتدي جبة، ويعتمر عمامة بلونين وفوق العمامة تاج من الذهب الخالص المرصع بالجواهر. تسلط عليه إضاءة رأسية بحزمة دائرية. قريباً منه ينتشر بعض الرجال المسلحين بالهراوات وهم يرتدون الملابس السود، ولقلة الإضاءة يبدون كما لو أنهم مجموعة أشباح مخيفة}
يدخل الى المكان شابٌ في مقتبلِ العمر. يعلّقُ على كتفه الأيمن حبلاً فيبدو مثل متسلقي الجبال. يتقدمُ نحو التمثال بحذر شديد. يتلفّت يميناً وشمالاً وإذْ يطمئن من عدم وجود أحدٍ يقترب من قاعدة التمثال. يلتصقُ بها، وبخفةِ القطِ ورشاقتِهِ يقفز مرتقياً إياها. يأخذ الحبلَ من كتفه ويجعل له في طرفه أنشوطةً مثل تلك التي يستخدمها رعاة البقر. يرمي الأنشوطةَ نحو رأس التمثال فيرتطم الحبل بالتاج. يسقط التاج. يتدحرج على الأرض محدثاً جلبةً وضوضاءَ ينتبه لها أصحابُ الهراواتِ فينقضّوا عليه ضرباً مبرّحاً حتى يسيل دمه، ويسقط مغشياً عليه. يسحلون الشابَ الى أسفل يمين المسرح، ويتركونه مضرجاً بالدماء، وينسحبون الى مواقعهم في الظلام بعد وضع التاج في محله فوق العمامة. يمدُّ راسَهُ، من خلف الستار، ملتفتاً يمنةً ويسرةً شابٌ آخر. يستطلع المكانَ بدقةٍ ثم يتقدم نحو التمثال بحذرٍ شديد. يقفُ أسفل التمثال. يلتفت للمرة الأخيرة، وإذ يتأكدُ من خلوِّ المكانِ يقفزُ متسلقاً قاعدةَ التمثال. يتناول الحبلَ ويرمي به نحو تاجِ الذهبِ المرصعِ بالجواهرِ فيسقط التاج. يتلقفه الشاب. يحتضنه كمسروق ثمين. يضعه داخل كيس ويهم بالابتعاد عن التمثال. يواجهه من حيث لم يحتسب واحد من أصحاب الهراوات فيتراجع الى الخلف حتى يمس ظهره جدار قاعدة التمثال. ببطء يخرج أصحاب الهراوات من أماكنهم ليحيطوا به وعلى حين غرة ينقضون عليه بهراواتهم ضربا مبرحاً حتى ينزف بغزارةٍ، ويسقطُ مغمى عليه. يسحلون جسمه وهو ينزف الى أسفل يسار المسرح، ويتركونه ثم ينسحبون إلى مواقعهم المظلمة. تنطلق موسيقى حزينة ومنذرة بشؤم قادم.
يدخلُ الى المسرح شابٌ آخر. يقف في منتصف الطريقِ الى التمثال يلتفت الى الخلف. يشير لجماعته بالتقدم فيتقدمون. ينطلق بخفة نحو التمثالِ، وبخفة أيضاً يرتقي قاعدته المرتفعة. يناوله أحد أفراد المجموعة حبلاً. يرميه نحو التمثال فينطلق صوت جهاز الإنذار. يرتبك الجميع. يقفز الشاب من على قاعدة التمثال. ويهمُّ الكلُّ بالفرارِ لكن أصحاب الهراوات يقطعونَ عليهم طريقَ الهربِ ملوحين لهم بهراواتهم فيتراجعونَ إلى الوراء مرعوبين ومنكسرين. ينقضُّ أصحابُ الهراوات عليهم بالضربِ المبرّحِ فيتساقطون الواحد تلو الآخر وتسيل منهم الدماءُ غزيرةً. ينقسمُ أصحابُ الهراواتِ على قسمين كلُّ قسمٍ منهما يقترب من واحد من الشابين السابقين ويبدأ كلٌّ منهما بضرب الشابين ضرباً بلا رحمةٍ أو شفقة. يتحركون نحو المجموعة الساقطة على الأرض ويسوقونَها بالهراواتِ الى جهة يمين المسرح ثم ينسحبون بشكل نظامي الى أماكنهم المظلمة. يرتفع صوتُ مصحوبُ بالموسيقى الحزينةِ لحظاتٍ قبل أن تدخل مجموعة أخرى يتقدمهم شابٌ أيضاً يرتقي قاعدةَ التمثالِ بقفزة واحدة. يناوله أحد أفراد مجموعته حقيبةَ العدّة. يفتحُها يأخذ منها بعض الأدوات ويبدأ محاولتَهُ قطعَ أحد أسلاك الجهاز الإنذاري. ينجح في تعطيل الجهاز. الكلّ يتوقف عن الحركة مترقبين صوت جهاز الإنذار. يحمل الشاب السلك ملوحاً به لمجموعته بفخر لتطمئن قلوبهم. يناوله أحدُهم حبلاً. يلفُّ الحبلَ على خاصرةِ التمثال. وبفرحٍ يقفزُ الى الأرضِ، وأذ تصدمُ قدماه الأرضَ يفزُّ الجميع. يسرع الشاب الى الحبل. يحاول سحبَ التمثال ولا يتمكن من إسقاطه. يلتفتُ الى مجموعتهِ التي لا تزال مرعوبةَ، مذهولة، ومتوقفة عن الحركة تماماً. يشيرُ عليهم بالسحب معه. يترددون أول الأمر لكنهم ينضمون إليه. يمسكون الحبلَ وقبلَ أن يُسقطوا التمثالَ ينقضُّ عليهم أصحابُ الهراواتِ بالضرب المبرّحِ فيتساقطون الواحد تلو الآخر ثم يسوقونهم إلى أسفل يسار المسرح كما تساقُ الأبل. ينتقلون إلى المجموعة السابقة ويبرحونهم ضرباً، ويجبرونهم على الوقوف فيقفون. يسلّم فريقٌ من أصحاب الهراوات للمجموعةِ هراواتهم ويأمرونهم بالجلوس. يغادر أصحابُ الهراواتِ جميعاً الى خارج المكان. تستلقي مجموعة حاملي الهراوات الجدد من شدة التعب وتأخذها سنةٌ من النوم.
يتسللُ الى المسرح شابٌ في مقتبل العمر أيضاً. يستغل إغفاءة الكلّ فيتقدمُ نحو التمثال، وقبل أن يرتقي قاعدته ينهض حاملو الهراوات الجدد وينقضّوا عليه ضرباً وركلاً فيبعدونه عن التمثال وهم يتوجسون خيفةَ من مداهمةِ أصحابِ الهراواتِ لهم على نحوٍ مفاجئ، وإذ يطمئنوا من عدم مجيئهم يعودون إلى مكانهم بارتياح. ينامون وقبل أن يغفوا يدخلُ شابٌ آخر. يتوجهُ نحو التمثالِ وقبل أن يصل إليه يهاجمونه بالضربِ حتى يسقط مضرجاً بدمائه. ويسوقونه مثلما فعل أصحابُ الهراواتِ إلى حيث توجد المجموعة الثانية. يتركونه وينامون باطمئنان.
يستغل الشاب الأول إغفاءتهم فيتوجه إلى التمثال غير مبالٍ بهم. يرتقي قاعدته ويشد الحبلَ حولَ خاصرةِ التمثال وينزل من على القاعدة بسهولة دون أن يحدث ضجيجاً. يمسكُ الحبلَ، ويبدأ بسحب التمثال لكنه لا يستطيع زحزحته، ينتبه له شابٌ من المجموعة الثانية يرى الجميع نائمين فيهرع إلى الشاب الأول ويبدأ السحب معه لكنَّ التمثالَ لا يتزحزح من مكانه. يستيقظ شابٌ آخر وينظمُ إليهم. يتبعه آخرٌ وآخر. يبدأ التمثال بالترنحِ. يسقط التاج من على رأسِهِ فيفزُّ حاملو الهراوات وينقضون على الشبابِ ضرباً لكنَّ الشبابَ يصرّونَ على الاستمرارِ على الرغم من دمائِهم التي بدأت تلطخُ ملابسَهم كلّها. وكلما ازدادَ الضربُ كلّما ازدادوا حماساً وإصراراً حتى يستكين حاملو الهراوات وينظموا إليهم واحداً بعد الآخر. يدخل أصحابُ الهراوات الأوائل مسعورين على حين غرة وينقضوا على الكلّ ضرباً وركلاً لكن الكلّ يظلّونَ متمسكين بالحبلِ حتى يسقطُ التمثالُ فينقضوا عليه بالهراوات ضرباً وتكسيراً. يحاول أصحابُ الهراواتِ التقاطَ التاجِ المرصّعِ بالجواهر الثمينةِ لكنَّ الشبابَ يمنعونهم، ويلتفّون حولَهم مهددين إياهم بالهراوات. بعض الشباب يركلون التاج بقوة يركلونه حتى يتحول إلى قطعة مشوهة مثل ورقة مدعوكة بقوة. يتقدمون من أصحابِ الهراوات ويشرعون بمهاجمتهم لكن أصحاب الهراوات يفرّون خارج المسرح. يصطفُ الكلّ أمام جمهور النظّارةِ وهم يرفعون الهراوات ويلوّحون بها منتصرين. يعود أصحاب الهراوات وهم يحملون الأسلحة النارية. يفتحون نيران أسلحتهم على الشباب فيردونهم جميعاً. يتوقفون عن إطلاق النار. ينسحبون الى خارج المسرح، ثم يعودون بلا سلاح وبشكل لطيف يقومون بإنهاض القتلى ويشيرون عليهم بالتقدم لتحية جمهور النظارة. يلقي الكل تحيتهم الأخيرة فتكون دورة السلتك الأخيرة قد انتهت دورتها فتطفأ الأضواء.
...........................................
السلتك: هي إحدى عقد سلتيك، ولها مظهر المتاهة. يستخدمها معظم الناس لأغراض الديكور في منازلهم وملابسهم وحتى أدوات المائدة. الطريقة التي تظهر بها مع كل المتاهات التي لديها هي سبب اعتبارها عقدة أبدية (منقول).