ثلاثة سيناريوهات لنزاع محتمل حول تايوان
8-شباط-2023
بغداد ـ العالم
قدم مدير ممارسة التحقيقات في آسيا والمحيط الهادئ في شركة وولبروك لاستشارات المخاطر ومقرها لندن، بيتر ريتشاردسون عدداً من السيناريوهات المتعلقة بنزاع محتمل حول جزيرة تايوان. ولفت إلى أن لكل سيناريو من هذه السيناريوهات تأثيراً مختلفاً على منطقة آسيا- الهادئ والاقتصاد العالمي. وتنقسم الأخيرة إلى ثلاث فئات: الحصار والسيطرة على جزر خارجية وتوغل صيني في الجو والبحر.
سيطبق جيش التحرير الشعبي بسرعة على سلسلة من هذه الجزر الخارجية ويسيطر عليها
في السيناريو الأول، ستحاصر بحرية جيش التحرير الشعبي جزيرة تايوان الرئيسية وتفرض نظاماً جمركياً أو اتحاداً جمركياً للضغط على تايبيه من أجل التفاوض بشأن إعادة الاندماج. قد يكون هذا مصحوباً بهجمات إلكترونية تعطل البنية التحتية التايوانية، إلى جانب حروب المنطقة الرمادية كالمضايقات الجوية. في مقابلة مع ميرسي كوو من مجلة "ذاديبلومات"، يقول ريتشاردسون إن السيطرة على الجزر الخارجية، إضافة إلى الجزيرة الأساسية، تسيطر تايوان على جزر أصغر في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي الأوسع، تشمل هذه المجموعة جزر كينمن وبنغهو وماتسو. بعض هذه الجزر قريبة جداً من البر الرئيسي الصيني: تقع كينمن الكبرى على بعد نحو ثلاثة كيلومترات عن مدينة شيامن.
في السناريو الثاني، سيطبق جيش التحرير الشعبي بسرعة على سلسلة من هذه الجزر الخارجية ويسيطر عليها. إن إعادة دمج تايوان هي هدف رمزي كبير للقيادة الصينية. مع أنها لا تصل إلى حد استعادة تايوان بشكل كامل، ستمنح إعادة دمج الأراضي التايوانية الطرفية قادة الصين انتصاراً دعائياً قوياً. علاوة على ذلك، من المرجح أن تعزز شرعية الحزب الشيوعي الحاكم في وقت يتمتع الحزب بإنجازات اقتصادية أقل للإشارة إليها.
اجتياح برمائي/جوي: في ظل هذا السيناريو الثالث، سيدمر القصف الجوي الصيني أجزاء كبيرة من الجيش التايواني وبحريته، بينما ستدمر الهجمات الإلكترونية البنية التحتية التايوانية الحيوية. وسيقطع تطويق بحرية جيش التحرير الشعبي خطوط الإمداد والتعزيزات فيما يسمح لناقلات الجند بعبور مضيق تايوان. قد يطلق ذلك وصول الأسطول الأمريكي السابع إلى جانب وحدات من قوات الدفاع الذاتي اليابانية. يمكن أن ينتج عن القتال على الجزيرة تدمير منشآت المصنع التايواني لأشباه الموصلات تي إس إم إس، الأمر الذي سيغرق العالم في ركود تقني.
ما هي المتغيرات والافتراضات الرئيسية لكل سيناريو؟
حسب ريتشاردسون، يعتمد الكثير على الرد الأمريكي والذي يعتمد بدوره على هوية الرئيس في البيت الأبيض بعد 2024. إذا وقع نزاع في تايوان خلال رئاسة بايدن، يمكن توقع رد يتماشى بشكل واسع مع قانون العلاقات مع تايوان لسنة 1979 والذي لا يجبر الولايات المتحدة على نشر قوات. عوضاً عن ذلك، قد توفر الولايات المتحدة الاستخبارات لتايوان ودعماً مادياً ولوجستياً مسبقاً، وفق قانون سياسة تايوان وتشريعات أخرى.
بعكس أوكرانيا، يمكن تزويد تايوان بالأسلحة بسهولة في حال الحصار. وستكون إمكانية توقع الرد الأمريكي أقل في حال كان الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض. لكن يعتمد الكثير أيضاً على رد الدول في منطقة آسيا-الهادئ. وطدت إدارة بايدن التعاون مع الفلبين واليابان وكوريا الجنوبية من أجل نشر القوات والمعدات. لكن من غير الواضح كيف سترد دول توددت الصين إليها منذ سنة 2000 مثل كمبوديا.
يرى ريتشاردسون أن الحصار محتمل لكن غير مرجح. إن حصاراً بهدف الضغط على تايوان قد يرتد بنتائج عكسية بما أنه سيفرض اتخاذ إجراءات قد تضر الاقتصاد الصيني بشدة من دون أن تنتج انتصاراً. ويخاطر الحصار بتعطيل النقل البحري عبر مضيق ملقا الذي يشكل الشريان الحيوي للتجارة الصينية التي تمر نسبة 60% منها عن طريق البحر. وبإمكان الحصار أن يقطع الكابلات الأساسية للاتصالات العالمية والموجودة تحت البحر في مضيق لوزون وبحر الصين الجنوبي.
السيطرة على الجزر الخارجية: هذا السيناريو هو احتمال واقعي. إن استعادة بعض المناطق التي تديرها تايوان ستمثل انتصاراً دعائياً بارزاً للحزب الشيوعي وفق المراقب نفسه. الجزر التايوانية الخارجية ذات أهمية اقتصادية وسياسية هامشية لمنطقة آسيا الهادئ، بينما ستجد الحكومات الغربية صعوبة أكبر في إقناع ناخبيها بأن تلك الجزر تستحق عناء القتال من أجلها. على ضوء الصعوبة الهائلة في احتلال جزيرة تايوان الرئيسية، ناهيكم عن ذكر التداعيات الكارثية المحتملة، هذا الإنجاز أقل إثارة للتحريض. يعتقد ريتشاردسون أن اجتياحاً برمائياً-جوياً واسع النطاق قبل 2049 هو احتمال واقعي أيضاً، بالرغم من أن الألعاب الحربية الأمريكية تقترح أن نسبة نجاح هكذا غزو هي أقل. سيشمل ذلك مشاكل تكاد تكون عصية على الحل: إجراء واحدة من أكبر عمليات الانتشار البرمائي في التاريخ عبر مضيق تايوان والتغلب على واحد من أكثر أنظمة الدفاع الجوي تعقيداً حول العالم والسيطرة على جزيرة جبلية تلائم حرب العصابات ومواجهة خطر تدخل الولايات المتحدة والنجاة من العقوبات الغربية. لكن الرياح الأيديولوجية في بكين قد تتغير إلى حد أن قيمة تايوان الرمزية تفوق المخاطر السياسية.
مثل البريكست
وفق ريتشاردسون، يتعين على القيادة الصينية أن تفكر في حساب دائم التغير للمخاطرة في مقابل المكافأة. هل تستحق قيمة إعادة دمج تايوان الرمزية والمضيفة للشرعية انهيار العلاقات الخارجية وكذلك التدهور الخطير للقوات الصينية المسلحة؟ حسب المحلل نفسه، ربما تكمن الخلاصة الأساسية في أن تايوان، مثل البريكست، هي قضية عاطفية بمقدار ما هي هدف عقلاني.