حان وقت تشكيل الحكومة
15-تشرين الأول-2022
د. فاضل البدراني
بغض النظر عن النتائج التي ستؤول اليها أوضاع البلاد في قادم الأيام، والتي نأمل أن تكون بصالح الشعب الذي يعاني وطأة مختلف الظروف، لكن كل الآراء السياسية سواء من المسؤولين التنفيذيين والبرلمانيين، او من التحليلات المعمقة لأشخاص يتابعون كرة السياسية العراقي الى أخذت تتدحرج، تتفق على ان الوقت والخلافات وغياب الحوارات الشعبية الداخلية والمواقف الدولية، باتت تقر بأن الطبقة السياسية، خسرت وجودها على الرغم من جلوسها على كراسي البلاد.
ما يزيــد عن الســنة هو عمــر الانتخابــات التشــريعية التي حصلــت بالتحديــد فــي 10 كانــون الأول 2021، ومــع كل محــاولات خوض الجولات مــن الحوارات والنقاشــات، بغية الاتفاق على برنامج
وطني شامل للبلاد وتشكيل الحكومة، لكــن ذلــك لم يتحقق لأن الحـوارات دومـا تتحول إلــى اتهامات وخلافات تطغي عليها أساسيات المصالح الحزبية والشـخصنة وكسـر الإرادات، ويغيب عنها مبدأ البحث عن ديمومة البرنامج الوطني، الذي يتحدث به كل المعنيين لكنه دوما هو مرمــى تلك الجهات، وعمليــة إحياء البرنامج الوطني، إنمــا هو تقوية الهوية العراقيــة، وهذا على ما يبدو أمرا بعيدا أو هو مجرد شعار عندهم بعيد التحقيق وتكرار طرحه بغاية إثبـات الوجود، وعدم تقزيم أي طرف لنفسه وسط المشهد العراقي الضبابي، الذي تسوده قضايا الفساد والهويــات الفرعيــة المذهبيــة والجهويــة والمناطقيــة وحتى القبلية.
لقد أثارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينــين بلاسخارت في إحاطتها لمجلس الامن الدولي بجلســته في شهر تشرين الأول الحالي الإشكالية العراقية واليأس، الذي وصلت اليه القناعات، ونقلته للمجلس والتحديات والمخاوف من المواجهات المسـلحة، التي حصلت بــين أطراف عراقية، يمكــن لهــا أن تتجــدد فــي البصرة جنوب البـلاد على حد تعبيرها، وفضلا عن ذلك فالنقطة الرئيسة التي مرت عليها بلاسخارت بشأن تدويل القضيـة العراقية، هــي التحدي
الأبرز للقوى الحزبية العراقية، عندما جعلت مجلس الأمن يقف أمام مســؤوليات مناطة بــه ينبغي عليــه أن يتحملها،
تلــك المتعلقة بطرحهــا الذي لا يبني أملا بقيمــة الانتخابات القادمــة، ما لم يعط مجلس الأمن ضمانات، وبالطبع يحتاج إلى تحديــد أولويات واشــتراطات دولية مــن العراقيين، ولا يســتبعد من ذلك حظر أي طرف سياســي لا يديم المســيرة السياســية بتوجهاتهــا الديمقراطية، ويكــون عنصراً فاعلا للنجاح والعبور، وليس للإعاقة وتوقف عجلة التقدم التنموي للعراق.
ويمكن للطبقة السياســية بالعراق أن تنظــر بجدية لخطاب بلاسخارت، وأن تدرك بأن هذا التقرير الجريء والمشخص للهفــوات، التي أعاقت تشــكيل الحكومة على مدى عام كامل هــي المعنيــة بالطــرح في المجتمــع الدولــي، ولا قيمــة للعتب منها على الممثلة الدولية بقــدر ما اعتبار تقريرها،
ناقوس الخطر والمح إلى إمكانية تدويل الإشــكالية العراقية، هو مكاشــفة حقيقية وتبصيــر للعراقيــين وللمجتمع الدولي بالمســار الخاطئ، الذي يضــع مصالح القــوى الحزبية فوق المصلحــة الوطنيــة العليــا للبلاد، التــي مزقتها آلــة الحرب والفساد والتجهيل، وولدت الفقر والبطالة واليأس، ولا يزال حتى اللحظة بالإمكان تدارك الأمور والتفاوض برؤية بعيدة عن لغة الإنســداد والتجافي بهدف انتخاب رئيس جمهورية، يحمــل مواصفات وهيبــة جمهورية العراق، يمكــن أن يكلف رئيس حكومة لأجل استكمال الواجبات الدستورية والقانونية للبرلمــان بدورته الخامســة، وبغير ذلك فالتدويل بات لغة يرددها حتى نواب في البرلمان مع الشعب العراقي، الذي انعدمت الثقة بينه وبين الطبقة السياسية ووصلت عنان السماء كما ذكرت الممثلة الدولية في اقوى جملة صريحة.