بغداد ـ العالم
في نهاية العام الماضي، أصدر السوداني توجيها بتقليص أعداد الحمايات وحركة العجلات المكشوفة التي تحمل مقاتلين وأسلحة مختلفة، في أثناء مرافقة المسؤولين والقادة، لكنه يبدو أنه استثنى نفسه من هذا التوجيه الذي وصفه بأنه "ظاهرة غير حضارية"، حيث أن كثيرا من الإعلاميين والمسؤولين في المحافظات يشكون، خفية، عنف حماية رئيس مجلس الوزراء "المأزومين"، وكثرة أعدادهم.
وكان السوداني قد زار محافظة البصرة، الأسبوع الماضي، لافتتاح ومتابعة بعض المشاريع النفطية، لكن حمايته وكالعادة تعاملت بـ"عدم احترام" مع حماية احد المسؤولين المحليين في المحافظة التي حظيت بالنسبة الأكبر من زياراته للمحافظات، منذ توليه منصب رئاسة الحكومة في 27 تشرين الأول من العام 2022.
وبينما كان الفريق المرافق للسيد السوداني على التقاط صورة جيدة للرئيس، كان عشرات المتظاهرين البصريين يفترشون الأرض اللاهبة، مطالبين بتوفير فرص العمل.
ورئيس مجلس الوزراء توجه صباح السبت إلى محافظة ميسان، لافتتاح مشروع معالجة الغاز المصاحب في حقل الحلفاية بسعة 300 مليون قدم مكعب قياسي/ يوم. وما أن انتهى من حفل الافتتاح، حتى شدّ الرحال إلى البصرة، وافتتح هناك مشروع وحدة الأزمرة الخاصة بالبنزين المحسن في مصفى البصرة بطاقة (11) ألف برميل يومياً. ثم زار مشروع وحدة التكرير الرابعة في مصفى البصرة، بسعة معالجة 70 ألف برميل/ يوم، واطلع على سير تنفيذ أجزاء المشروع.
وعلى وقع زيارة السوداني، ورغم حرارة الطقس اللاهبة، خرج العشرات من الخريجين للتظاهر أمام مبنى مصفى الشعيبة، مطالبين بتوفير فرص عمل.
وتشهد العديد من الوزارات والدوائر الحكومية، وقفات احتجاجية شبه يومية، تطالب بفرص العمل والخدمات، وقد قوبل الكثير منها مؤخرا بأعمال عنف، في مناطق الجنوب.
وقالت المصادر، ان حماية السوداني منعت الصحفيين من دخول المصفى.
وكشف نائب رئيس مجلس محافظة البصرة، أسامة السعد، تفاصيل المشادة الكلامية التي حدثت بينه وبين القوة الأمنية المرافقة السوداني.
وقال السعد، "كنا في استقبال رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مصفى الشعيبة لافتتاح مشروع وحدة الأزمرة، والذي يعتبر مشروعا مهما وحيويا، لكن تفاجأنا بتصرفات القوة الأمنية المرافقة له"، مؤكدا أنها "لا تحترم أهالي البصرة، حيث بعد الخروج من مكان الى مكان وعبور رتل رئيس مجلس الوزراء والمرافقين له تم قطع الشارع علينا".
وواصل حديثه، "قمت بتعريف نفسي للقوة الأمنية باعتباري أمثل حكومة البصرة التشريعية بعد غياب رئيس المجلس، لكن القوة لن تستجيب إطلاقاً لما أقوله، الأمر الذي كاد يسبب صدامات ومشاجرة بين أفراد حمايتي والقوة المذكورة". وأكد أنه منع "أفراد الحماية من الصِدام مع القوة الأمنية وقمنا بالانسحاب حفاظاً على الطرفين"، مشيرا الى أن "هذه الإشكاليات تحدث كلما يأتي رئيس مجلس الوزراء الى محافظة البصرة".
وأعرب السعد عن استنكاره لهمجية حماية السوداني: "بعد الآن لن نقوم باستقبال رئيس مجلس الوزراء حفاظاً على كرامتنا".
وحاول مصدر مسؤول في مكتب رئيس الوزراء تبرير ما حدث حماية السوداني والسعد، قائلا: إن الشرطة هي مَن منعت موكب نائب رئيس مجلس المحافظة من المرور ولا دخل لحماية السوداني بذلك.
وتشير التقديرات الى إن نحو 15 ألف منتسب أمني يخدمون القادة السياسيين وزعماء الأحزاب والبرلمانيين ورؤساء الكيانات، فضلاً عن المسؤولين المتقاعدين، مثل الوزراء ووكلائهم.
ويحظى المسؤولون من الخط الأول وغيرهم ممن يشغلون مناصب عليا في الدولة، بأهمية أمنية كبيرة، وتخصص لهم سيارات حكومية مصفحة مع تنسيب عدد من ضباط الحماية والاستطلاع لغرض تأمين جولاتهم وتحركاتهم.
لكن هذا الامر عادة ما يثير استياء الناس في وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يتداولون صورا ومقاطع فيديو تظهر مدى الفارق بين حياة المسؤول وحياة المواطن العادي؛ ففي الوقت الذي يتنعم فيه الاول بخيرات هذه البلاد، يبحث الثاني عن فرصة عمل، لسد الرمق.