بغداد - العالم
في قلب بغداد، حيث أزقتها القديمة وشوارعها النابضة بالحياة، نشأ خالد الرحال، أحد أبرز النحاتين العراقيين الذين ساهموا بشكل كبير في تطوير الحركة الفنية في العراق. وُلد الرحال في عام 1926 لعائلة فقيرة، ولكنه استطاع بفضل موهبته الفذة وتفانيه أن يحقق إنجازات بارزة في عالم الفن.
منذ صغره، تأثر الرحال بالبيئة المحيطة به، حيث كانت شوارع بغداد وأزقتها مصدر إلهام كبير لفنه. كان يزور المتحف العراقي بانتظام، حيث تأثر بمنحوتات حضارة وادي الرافدين. هذا الاهتمام المبكر بالتراث الفني القديم شكل أساس رؤيته الفنية الناضجة التي مزجت بين التقاليد الفنية القديمة والابتكارات الحديثة.
خلال الحرب العالمية الثانية، وفي وقت كان فيه الفن في بغداد يشهد انتعاشاً، كان الرحال واحداً من الفنانين الذين تأثروا بالأساليب الأوروبية الحديثة التي قدمها فنانون بولنديون. كان هذا التأثير حافزاً له للبحث عن طريقة لدمج تقاليد الفن العراقي مع الأساليب التجريدية الحديثة. في الأربعينيات، بدأ الرحال عمله في استوديو صغير في حي تجاري ببغداد، حيث كان يصنع ويبيع تماثيل نصفية للعاهل العراقي وأعمالاً أخرى. كانت أعماله تحظى بشعبية كبيرة بين الجمهور، وقد وصف الفنان العراقي جبرا إبراهيم جبرا زيارته لاستوديو الرحال في عام 1948 قائلاً: "لن أنسى أبدًا كيف أخذني إلى غرفة صغيرة رثة في منزله، حيث عرض عليّ كومة من أجمل الرسومات، معظمها كانت دراسات لنحته."
بعد نهاية الحرب، حصل الرحال على منحة لدراسة الفن في معهد الفنون الجميلة في بغداد، حيث تلقى تعليمه تحت إشراف النحات الكبير جواد سليم. تخرج الرحال في عام 1947 بدبلوم في النحت، ومن ثم عمل في المتحف العراقي تحت إشراف مدير الآثار ناجي الأصيل، حيث كان يقوم بإعادة إنتاج القطع الفنية العراقية القديمة.
في عام 1953، انضم الرحال إلى جماعة بغداد للفن الحديث التي أسسها صديقه ومعلمه جواد سليم، والتي سعت إلى مزج الحداثة مع التقاليد الفنية القديمة. رحب الرحال بفكرة "التماس الإلهام من التقاليد" وكان ملتزماً بمثل هذا التوجه.