خطاب كارثي للكاظمي
25-أيلول-2022
سعيد الوائلي
كل العراقيين يعرفون أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ليس خطيبا مفوها بل هو يفتقر الى الكثير من أدوات الإلقاء العادية وإذا كان هذا طبيعيا نظرا لعدم ممارسة الرجل لأي عمل عام حقيقي سابقا ولمعاناته من مشاكل في النطق، فإن ما هو غير الطبيعي اصراره على القاء كلمة العراق في الجمعية العامة للامم المتحدة بنفسه، فهذه مناسبة بروتوكولية وكان يمكن للكاظمي ان يتخلى عنها لأي مسؤول آخر لكن يبدو انه مصر على استغلال المناسبة لتسويق نفسه دوليا، أما المشكلة الثانية فكانت في عدم صياغته لكلمة تتناسب مع امكانياته في الالقاء ويتجنب فيها تعريض نفسه والعراق للإحراج.
لم يستغل الكاظمي الفرصة ليضع المجتمع الدولي امام واجباته الحقيقية فيما يخص المشاكل التي يعاني منها العراق خصوصا وان هذه المشاكل ذات أصول دولية بل تعمد تقديم منجزات وهمية لحكومته تصل الى حد الكذب عندما تحدث عن مشاريع في الطاقة النظيفة والتعليم.
في كلمته المتعلثمة، قدم الكاظمي نفسه بأنه الرجل الوحيد في العراق المدافع عن السلام والحوار والمتصف بالحكمة بعد عبارة تملق عابرة عن المرجع السيستاني وكأنه يريد القول للعالم ان بقائه هو فقط الحل الوحيد لمشاكل العراق وحفظ استقراره بعدما وجه سهام نقده للقوى السياسية.
أما تباهي الكاظمي بدوره في عملية الحوار والتهدئة بين السعودية وإيران فهو في غير محله لسببين، الاول ان قيادتي البلدين قررتا السير في هذا الطريق من تلقاء نفسيهما والثاني ان الدور العراقي في التقريب بين الطرفين قام به وزير الخارجية الدكتور فؤاد حسين الذي يتصرف بدبلوماسية عالية وهدوء كبير بعيدا عن الخطابات المتشنجة والادعاءات الإعلامية الفارغة وقد أثبت بهدوئه انه شخصية مختلفة ومتميزة نظرا لرفضه الانسياق وراء منهج الدعاية للذات واستغلال منبر الدولة للمصلحة السياسية الشخصية في وقت التكالب على المناصب وتوزيع الحقائب ويعود ذلك لخبرته السياسية وتاريخه وهو ما يعيدنا الى نقطة ضرورة اختيار شخصيات ذات خبرة وحصافة وثقل سياسي للمناصب المهمة بما يساعد على تجاوز الأزمات بمرونة وهدوء وبدون احراج كما يفعل وزير الخارجية العراقي الحالي الذي كشفت الايام قدرته على تجاوز الخلافات السابقة والتعالي على التجريح والاتهامات والابتعاد عن الثأرية في التعامل فكان خير قناة تربط العراق بمحيطه والعالم وتجمع الشرق بالغرب.
وحاول الكاظمي لعب دور البطل في موضوع المياه عندما تحدث عن قيام دول الجوار بقطع المياه عن العراق وتغيير مجاري الانهار في محفل دولي بما يشبه الشكوى الدولية وهو توتير غير مبرر للعلاقات مع دول الجوار التي زارها الكاظمي كثيرا دون ان يهتم بطرح ملف المياه معها كما لم يضع هذا الملف في أولويات حكومته وبالتالي فما قدمه هو قفز على الحقائق والإجراءات الدبلوماسية.
إذا اردنا الحديث بصراحة، فمن الطبيعي ان يحرص أي إنسان على الوصول الى قمة السلطة وان يحاول البقاء فيها، هذه طبيعة البشر، أما وصول من لا يستحق فيتحمل مسؤوليته أولئك الذين فتحوا له الطريق للوصول الى قمة السلطة وساعدوه على البقاء فيها.
أي عراقي وهو يشاهد الكاظمي خلال خطابه سوف يشعر بالغضب على من جاء به لرئاسة المخابرات قبل رئاسة الوزراء وسيلعن القوى السياسية التي تدعي تمثيلها للشعب وللمكون الاكبر على صمتها وربما سماحها ومساعدتها للكاظمي ليشغل رئاسة المخابرات ورئاسة الوزراء ويستحق هؤلاء ان يظهرهم الكاظمي أمام العالم بأشنع الصور بل ان وجود الكاظمي دليل عملي على فشل وتخبط وفساد من جاء به وسكت على أعماله ولم يقف ضده قانونيا على الاقل في مرحلة تصريف الاعمال ليمنع تغوله وسيطرته وتبذيره لأموال العراق.
سيلحق العار كل أولئك الذين ختموا حياة النظام السياسي في العراق بمنح رئاسة الوزراء للكاظمي الذي أجلسهم في قصورهم محاصرين خائفين لا يجرأون على دخول البرلمان وعقد جلساته ومنصاعين لدعواته المخادعة للحوار فيجلسون بين يديه خانعين ينتظرون ما يلقيه لهم من فتات العقود والفساد، وليكونوا مجرد كومبارس صامت في حملات تسويقه لنفسه.
لقد ضيعتم العراق وضيعتم أنفسكم وتاريخكم وشهداءكم يا من جئتوا بالكاظمي وابقيتموه وسكتم عليه عمليا حتى ولو كنتم تشتمونه إعلاميا، ولن يرحمكم التاريخ ولا الشعب ولا المذهب.