بغداد ـ العالم
كشفت لجنة النفط والطاقة البرلمانية، نقاط الخلاف بين بغداد وأربيل حول قانون النفط والغاز، موضحة أنها مشكلات "سياسية"، حول المواد من 5 الى 13، الامر الذي اضطر رئيس مجلس الوزراء الى الاستعانة بقادة الكتل السياسية لتقريب وجهات النظر وضغط تلك الخلافات، تمهيدا لإقرار القانون العالق في أروقة مجلس النواب لخمس دورات نيابية.
وينص قانون النفط والغاز الذي ينتظر التشريع في البرلمان منذ عام 2005، على أن مسؤولية إدارة الحقول النفطية في البلاد يجب أن تكون مناطة بشركة وطنية للنفط، ويشرف عليها مجلس اتحادي متخصص بهذا الموضوع. وفشلت جميع الحكومات المتعاقبة في تمرير القانون الذي يخص هيكلة الاقتصاد العراقي، في التوصل الى اتفاق نهائي بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان. ويحدد هذا القانون في حال اقراره مصير 95% من الموازنة العامة للبلاد.
المشاورات والاجتماعات بين هذه الاطراف ما زالت مستمرة، واللجان المشكلة من طرفي بغداد واربيل تعقد اجتماعاتها بشكل دوري، فضلاً عن اشراك قادة الكتل السياسية لأخذ رأيهم بهذا الصدد.
وكانت الخارجية الأميركية دعت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان للجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل لقضية النفط، يكون مقبولاً للطرفين، وتجنب اتخاذ خطوات تؤجج التوترات. ويقول عضو لجنة النفط النيابية باسم الغريباوي، ان الخلافات حول القانون "سياسية"، بينما الامور الفنية "متفق عليها" بين الاطراف المعنية. ويضيف الغريباوي، انه "تم تشكيل لجنة حكومية عليا يتم عرض ما توصلت اليه اللجان الفرعية بخصوص قانون النفط والغاز، واذا ما كانت هنالك خلافات حول مواد او فقرات ممكن ان تذلل هذه اللجان المشاكل وتقرب وجهات النظر".
ويوضح، ان "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وخلال اجتماعاته الاخيرة اشرك قادة الكتل السياسية من اجل تحشيد باتجاه تشريع القانون واستيعاب المشاكل التي قد تحدث"، منوها الى ان "اللجان الفرعية استأنفت اجتماعاتها ومفاوضاتها مجدداً وتناقش فقرات القانون".
ويرى عضو لجنة النفط النيابية، أن "النقاط قد رحلت منذ الفترة السابقة ولم تتم مناقشاتها من المادة 5 الى المادة 13 المتعلقة بموضوع مجلس النفط الاتحادي وصلاحياته وتأسيسه ومن يمثل هذا المجلس من المحافظات واقليم كردستان وصلاحيات المركز وادارة النفط والتي عليها خلافات".
وفي وقتٍ سابق اتفق رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مع رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، على حل الخلافات والقضايا العالقة، والتي من بينها ملفات الموازنة المالية للعام 2023، وقانون النفط والغاز، إلا أن القانون ما يزال مثار جدل بعد حديث عن التحضير لنسخة جديدة منه إثر الخلاف على تمريره في ظل تباين الآراء السياسية. زميل الغرباوي في اللجنة ذاتها، النائب صباح صبحي يشير الى وجود "نقاشات عميقة بسبب هذا القانون الحساس والمصيري، ولهذا السبب يحتاج الى وقت ضروري من اجل التوصل الى تشريع قانون عادل ومتوازن يتوافق مع متطلبات الظروف الحالية، وكذلك مع القواعد الدستورية الموجودة في المادتين 111 و112".
ويقول صبحي، إن "هذه المناقشات لا يوجد فيها تأخير، بل ان هذا الوقت ضروري من اجل تشريع القانون بشكل منصف".
ويضيف، انه "من المفترض ان تكون هناك اوقات اخرى للمناقشات، لأنه كلما زادت الاوقات تزداد الفرص لاجل التوصل الى قانون محكم يخص مصير البلد، خصوصا وان 95% من واردات البلد تعتمد على النفط، وكل المصادر الموجودة تعتمد على المصدر الرئيس وهو النفط، وأي خلل في هذا القانون يسبب المشاكل ويؤدي الى انهيار اقتصاد البلد"، واصفاً قانون النفط والغاز بأنه "يعيد هيكلة الاقتصاد العراقي".
عضو لجنة النفط النيابية، يشير الى أن "مشروع القانون هو منذ عام 2007 ولكنه لم يقر في مجلس النواب برغم انه المشروع الوحيد الصادر عن ارادة الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان، وتحول الى مشروع في عام 2011 من طرف الحكومة الاتحادية، لكون اقليم كردستان يمتلك قانوناً خاصاً به".
ويلفت الى ان "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني قدّم في شهر تشرين الاول الماضي منهاجه الوزاري، وكانت احدى فقرات منهاجه تشريع قانون النفط والغاز، وبالتالي اصبح ضرورة"، مستدركاً أنه "يجب ان يكون لدينا المجال الواسع من اجل دراسة هذا المشروع، ونحن كنواب في البرلمان العراقي نتطلع الى وجود مسودة يتفق عليها الجميع من الاطراف السياسية، ويجب ان تكون هناك مناقشات عديدة على مستوى القيادات". ويؤكد صبحي ان "مسودة القانون يجب ان تكتب من قبل كافة الاطراف ذات العلاقة، كالحكومة الاتحادية مع حكومة اقليم كردستان مع المحافظات المنتجة للنفط، وهو المشروع المناسب الذي يتلاءم مع الظروف السياسية الحالية، ولا يمكن تهميش طرف على حساب طرف اخر، كما يجب ابعاد الفكرة المركزية عن القانون، ويجب ان تكون هناك قناعة من أن النظام الفيدرالي يحتم ان تكون هنالك صلاحيات لاقليم كردستان فيما يتعلق بالتنقيب واستخراج النفط، ويجب أن يكون للمحافظات المنتجة للنفط رأي أيضاً". ويشير الى انه "نتطلع الى ان تكون الفكرة المعتمدة على اللامركزية السياسية والمتمثلة بالفدرالية في الدستور العراقي مع اللامركزية الادارية المتمثلة في المحافظات المنتجة للنفط، هي التي تؤسس مسودة القانون لتضمين تطلعات هذه الاطراف جميعاً". ومن المقرر أن تكون هنالك زيارة مرتقبة لوفد من حكومة إقليم كردستان الى بغداد للمساهمة بانضاج قانون النفط والغاز بهدف تشريعه تحت قبة مجلس النواب.
في ذات السياق، يرى الخبير الاقتصادي مازن الاشيقر، ان "الأمر من ناحية ستراتيجية الخوض في مثل هذه المفاوضات، هو أن العراق دولة واحدة وليس دولتين، لذا ينبغي سن قانون وطني لتحديد مسؤولية الحكومة الاتحادية وحكومات المحافظات والاقاليم".
ويضيف الخبير الاقتصادي انه "يجب أن يكون قانون النفط والغاز منصفاً للجميع، وعليه من المفروض إشراك وفد تفاوضي من المحافظات المنتجة أو لديها خزين من النفط والغاز، وتشمل البصرة وكركوك والأنبار واربيل وميسان ونينوى، لغرض إصدار مسودة مشروع قانون النفط والغاز والذي يقدم للبرلمان العراقي لمناقشته، وتنقيحه والتصويت عليه".
رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني كان قد وجه، مطلع شهر آب الجاري، بتشكيل لجنة وزارية تشرف على الحوارات الفنية بين وزارة النفط الاتحادية، ووزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان، فضلاً عن دعوة محافظي المحافظات المنتجة للنفط، كلٌّ من البصرة وميسان وكركوك وذي قار، والمديرين العامين للشركات النفطية الحكومية للحوارات الفنية الجارية بخصوص مشروع قانون النفط والغاز، على أن يعقب هذه الحوارات استكمال الحوار السياسي للاتفاق على تقديم مشروع القانون.