دولة «الماستركارد» ونظرية «الخطيّة»
17-حزيران-2023
عبدالكريم ابراهيم
لا يحتاج المتابع إلى الكثير من المعرفة العلمية والبديهية للوقوف على الوضع الاقتصادي العالمي، وتقلباته التي من الصعوبة التحكم بها؛ حتى يمكن إن تطال هذه التقلبات اعتي اقتصاديات رخاءً. هذه الحقيقة مشخصة من الجميع، ويجب الانصياع لها والتعامل معها بنوع من الواقعية الحذرة.
يعد العراق من أكثر بلدان العالم يمكن أن يدخل في دوامة الانهيار الاقتصادي، لأنه بنى نظامه على الرعية والمنتج الواحد وهو النفط كمصدر رئيسي في تمويل ميزانية الدولة. الأمر الذي يجعل نظامه الاقتصادي غير المسيطر عليه في ظل عدم استقرار أسعار النفط، والصراعات الدولية، والتحول نحو الطاقة النظيفة، والأوبئة وغيرها من العوامل المشتركة التي تجعل الطلب على الذهب الأسود قد ينخفض في المستقبل القريب فضلا على زيادة إعداد موظفيه إلى حد التخمة حتى وصل من الأمر إن تتحول ميزانية الدولة إلى رواتب للموظفين فقط!.
خبراء اقتصاديون حذروا من الوصول إلى هذه النقطة الحرجة، وقد قد جرب العراق ويلات انخفاض أسعار النفط عندما وصل إلى دون خمس والعشرين دولار، ما جعل العراق يتأخر في دفع رواتب موظفيه في وقتها المحدد. فكيف واليوم وقد زاد عددهم حتى وصل إلى أربعة ملايين ونصف موظف مع ضعف هذا العدد من المتقاعدين والرعاية الاجتماعية؟!.
هؤلاء عليهم إن يستلموا وراتبهم نهاية كل شهر برغم من التفاوت الشاسع بين هذه أبناء الشريحة؛ حيث قُسمت إلى درجات عليا يحصلون على ثلاثة إضعاف اقرأنهم الدرجات الدنيا. وهنا تجذرت الطبقية الحكومية بشكل لافت للنظر برغم من محالات بعض الحكومات المتعاقبة لملمت الأمر، وتقليل هذه الهوة، ولكنها اصطدمت بمعارضة بعض الجهات النافذة التي لا تريد التنازل عن بعض امتيازاتها. وهنا عامل مهم جدا، وهو حجم الفساد المالي الذي يسود اغلب مفاصل الدولة ولم تستطيع الأجهزة الرقابية حد منه برغم من عملها الدؤوب، لان هذه الجهود تصطدم جهات نافذة تريد بقاء الوضع على ما هو عليه.
الحصول مورد مالي ثابت أصبح هم اغلب العراقيين، وهو ما توفره الوظيفة الحكومية، مما يجعل القطاع الخاص يعاني من الهجرة إلى حيث الراتب الثابت المؤمن فضلا عن إن المشاريع الصغيرة لم تستطع مواجهة المستورد الرخيص، وربما يكون القطاع الزراعي هو الأخر يعاني من نفس المشكلة، ولكن زاد من سوء الأمر شح المياه والجفاف الذي ضرب ارض الرافدين.
يطرح بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي العراقي حلولا حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.
- التحويل من مبادرات المشاريع الصغيرة إلى المشاريع الكبيرة التي تستطيع معها استيعاب الأيدي العاملة، وتخفف العبء عن الطلب التوظيف في مؤسسات الدولة، وتحقق ربحية تعود بالفائدة على القطاعين العام والخاص. علما أن دعم المشاريع الصغيرة لم تعطي ثمارها، وتحولت المبالغ المالية التي رصد لها إلى شراء المواد الكمالية. لهذا ذهبت مثل هذه المبادرات إدراج الرياح.
- إيجاد علاقة مشركة بين القطاع الصناعي والزراعي من خلال الدخول في مشاريع مشتركة كالتعليب ومنتجات الألبان والجلود وغيرها.
- إلغاء الرواتب المزدوجة وترشيق الإنفاق الحكومي ورواتب كبار موظفي الدولة، والتي يمكن أن يوفر حوالي 10 – 15 مليار دولار، وهو مبلغ كبير يمكن تمويل مشاريع مهمة عالمية كمشروع طريقة التنمية والبتروكيمياويات بدل الاقتراض الخارجي الذي تربط الاقتصاد العراقي بسياسات خارجية قد تكون ليست ذات فائدة سوى زيادة مديونية العراق الخارجية.
- إعادة توزيع موظفي الدولة وفق الحاجة الفعلية، وتقليل الفوارق المالية من خلال الاقتصاد المشترك.
- فتح باب الاستثمار الناجح والتركيز على المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية التي تعود على البلد الفائدة.
في النهاية على المسؤولين إن يتخلوا عن اقتصاد (الدكان) "نبيع النفط كي ندفع الرواتب"، وعدم إطلاق التعيينات دون (وجع قلب) تحركهم نظرية "هؤلاء خطية ويجب ان يأخذوا حقهم في التوظيف الحكومي" كي لا يتحول العراق دولة (الماستر كارد).