دولة المكونات دولة المواطنين
19-حزيران-2023
محمد عبد الجبار الشبوط

مرة ثانية اجد فرصة للحديث عن طبيعة او هوية الدولة العراقية من خلال تصريح مسؤول كردي. والسبب في ذلك ان المسؤولين الاكراد اكثر وضوحا في التعبير عن مكنونات افكارهم من المسؤولين العرب (شيعة وسنة).
يوم الاحد ١٨ حزيران ٢٠٢٣ قال السيد مسرور البارزاني، رئيس حكومة اقليم كردستان، في خطاب عام: "لقد قدمنا تنازلات جمة من أجل تأسيس عراق اتحادي وديمقراطي، وبذلنا أقصى جهودنا لإنشاء عراق جديد يشعر فيه كل مكون بوجوده وبضمان حقوقه وخصوصيته."
تثير هذه الفقرة المهمة، من خلال مفردة واحدة جاءت فيها، النقاش حول الهوية او الطبيعة الراهنة للدولة العراقية، والمفردة هي: "المكون".
منذ سقوط النظام الدكتاتوري برز اتجاهان سياسيان- فكريان فيما يتعلق بطبيعة الدولة العراقية الجديدة.
الاتجاه الاول يفكر بعقلية "دولة المكونات" وهو الاتجاه الذي تبنته الاحزاب التي تولت ادارة الدولة بعد سقوط الدكتاتورية. وهي احزب فئوية تكونت داخل قطاعات محددة في المجتمع العراقي. فهناك احزاب كردية، وهناك احزاب شيعية، وهناك احزاب سنية، وطبعا هناك احزاب تركمانية، ولحق بالركب اشخاص اسسوا احزابا مسيحية ايضا. وكان هذا تشويها للمشهد السياسي العراقي، وانحرافا خطيرا في العملية السياسية التي انطلقت بعد سقوط الدكتاتورية. وعلى مدى عشرين عاما لم يفلح اي مشروع سياسي عابر للتخوم الفئوية (قومية كانت ام طائفية) في اقناع الجمهور والتحول الى قوة سياسية كبيرة ومؤثرة. وبقيت الكلمة الاولى واليد العليا للاحزاب الفئوية الطائفية والقومية. عن هذه الاحزاب كان حديث السيد مسرور البارزاني حين قال:" "لقد قدمنا تنازلات جمة من أجل تأسيس عراق اتحادي وديمقراطي". لكن الخطأ التأسيس الذي وقعت فيه هذه الاحزاب انها سعت الى تشكيل دولة مكونات، التي من خصائصها المحاصصة والتوافقية. وهي الدولة التي نحصد الان ثمارها المرة، لان دولة المكونات لا تملك القدرة على ان اقامة دولة ديمقراطية، لان الاساس الاول في الديمقراطية، اعني المواطنة، مغيب في دولة المكونات على حساب المواطن.
الاتجاه الثانى يفكر بالدولة بعقلية المواطنة. وهي الخاصية الاساسية في الدولة الحديثة. فمنذ زمن طويل اصبح المواطن هو حجز الزاوية واللبنة الاساسية في الدولة. وعلى هذا الاساس تجرى الانتخابات على اساس صوت واحد للمواطن الواحد بغض النظر عن انتمائه الديني او الطائفي او القومي. ولهذا نشأت احزاب "وطنية" عابرة لهذه القيود القومية او الطائفية.
ولن اخدع القاريء في الحديث عن حجم هذا الاتجاه في المشهد السياسي العراقي. فهو اتجاه ضعيف، هامشي، غير مؤثر، لا يملك قاعدة شعبية كبيرة تمكنه من ان يكون صوتا مسموعا في البرلمان والحكومة. يمثل هذا الاتجاه عدد قليل من الاشخاص الذين يفكرون خارج الصندوق الطائفي او القومي، ولكنهم لا يشكلون كتلة متماسكة تعادل في قوتها قوة الاتجاه الاول او تتغلب عليها.
تعاني الدولة العراقية من مسألة غلبة مفهوم "المكون"، كما نلمسه في خطابات المسؤولين الصريحة او التلميحية، على حساب مفهوم المواطنة المنحسر في الزوايا وغير القادر على التعبير عن نفسه.
ان مفهوم دولة المواطنة لا يتجاهل حقيقة التعددية في انتماءات المواطنين. لدينا تجارب ناجحة كثيرة الان لدولة تعددية مثل الهند وسويسرا. اقول ناجحة لانها استطاعت اقامة دولة مواطنة مطلقة، كما في الهند (مع عدم اغفال الملاحظات السلبية الكثيرة على اداء الحزب الحاكم الان)، وسويسرا التي اقامت دولة مكونات لكن على اساس المواطنة.
المشكلة العراقية ان الطبقة السياسية لا هي استطاعت اقامة دولة مكونات على اساس المواطنة كما في سويسرا، ولا نجحت في اقامة دولة مواطنين في مجتمع تعددي كما في الهند. يعني ضيعت المشيتين.
ما اتمنى ان يسمعه السيد مسرور البارزاني هو ان مشروع دولة المكونات فشل، والاولى ان نتجه الان الى دولة المواطنة.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech