ديون الغاز الإيراني تحيل منازل العراقيين الى جحيم والإطار التنسيقي يصوب نحو واشنطن
9-تموز-2023
بغداد ـ ياسر الربيعي
جددت وزارة الكهرباء، أمس الأحد، تأكيدها على أنها سددت جميع الديون المترتبة بذمتها من استيراد الغاز الإيراني لتغذية محطات التوليد، فيما يشهد قطاع التوزيع تردياً في تجهيز التيار الكهربائي.
وشهدت عدد من مدن وسط وجنوب العراق في الايام القليلة الماضية احتجاجات شعبية جراء النقص الكبير في ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية.
ويشير تقرير لوكالة الطاقة الدولية، إلى أن قدرة العراق الإنتاجية من الطاقة الكهربائية تبلغ حوالي 32 ألف ميغاواط، ولكنه غير قادر على توليد سوى نصفها بسبب شبكة النقل غير الفعالة التي يمتلكها، كما تشير التقديرات إلى أن العراق يحتاج إلى 40 ألف ميغاواط من الطاقة لتأمين احتياجاته، عدا الصناعية منها.
المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، يقول إن وزارته "غير معنية بتحويل الأموال إلى الجانب الإيراني عن استيراد الغاز، وأن مصرف التجارة العراقي (TBI) هو المعني بتسديد الديون والحوالات المالية إلى الجانب الإيراني".
ويضيف موسى في حديث لمراسل "العالم"، ان "الوزارة دفعت الأموال بشكل كامل إلى المصرف العراقي للتجارة عن قيمة الغاز المورد من إيران إلى العراق".
بدوره، أكد عضو لجنة النفط والطاقة النيابية كامل العكيلي، أن "وفداً من لجنة الكهرباء النيابية زار وزارة الكهرباء واجتمع مع المسؤولين فيها للوقوف على أسباب تراجع ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية وانخفاض الغاز المورد من إيران إلى العراق".
وقال: إن "الوزارة تقوم بتحويل الأموال المخصصة لتسديد الغار الإيراني إلى المصرف العراقي للتجارة، والمشكلة الرئيسية لازمة الكهرباء يتحملها المصرف ومن أودع الأموال ووقع العقد مع المصرف".
وأضاف العكيلي "الأموال التي أودعت من قبل وزارة الكهرباء لصالح إيران في المصرف تبلغ أكثر من ثلاثة مليارات دولار كديون للغاز المورد للسنوات الثلاث الماضية، وإيران خفضت نسبة الغاز المورد بسبب عدم استلام الديون السابقة".
ولفت إلى ان "المصرف ملتزم بتعليمات الحظر المفروض على إيران المتعلق بعدم التعامل التجاري معها ولذلك لا يستطيع تحويل او إيصال أموال الغاز المورد الإيراني إلى طهران".
يأتي ذلك في وقت يشهد العراق منذ عدة أيام تراجعاً ملحوظاً في تجهيز التيار الكهربائي بسبب انخفاض تجهيز الغاز الإيراني المغذي لمحطات توليد الطاقة.
بدوره، حمّل الإطار التنسيقي في بيان، الإدارة الأمريكية مسؤولية تراجع تجهيز الطاقة الكهربائية.
وقال الإطار في بيانه الذي تسلمت "العالم" نسخة منه، "تشهد البلاد أزمة باتت تثقل كاهل المواطن العراقي بسبب قلة التجهيز في ساعات الكهرباء في ظل الظروف المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة".
واضاف أنه "بعد المتابعة والتقصي وتبيان الأسباب يدعو الإطار التنسيقي الحكومة العراقية ومن خلال وزارة الخارجية الى الاتصال بالجانب الامريكي وحمله على الاطلاق الفوري للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الايراني دون تأخير او مماطلة، وعدم استخدام هذا الملف سياسيا لتلافي انعكاساته السلبية على المواطن العراقي".
غير أن الجانب الإيراني أعلن في وقت سابق أنه تسلم جميع الديون المترتبة بذمة وزارة الكهرباء.
وقال رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية يحيى آل إسحاق، في الثالث من تموز الجاري، إن العراق قام بسداد المستحقات الإيرانية البالغة 10 مليارات دولار.
وأضاف رئيس غرفة التجارة، في تصريحات نقلتها وكالة "إرنا"، أنه جرى إيداع هذه المبالغ في المصرف العراقي للتجارة، بعد الاتفاق على صرف هذه المبالغ لشراء السلع التي لم يشملها الحظر المفروض على إيران.
في المقابل، تشهد إيران خلال الفترة الراهنة نقصاً في إنتاج الغاز المحلي، بحسب تصريحات لمسؤولين إيرانيين.
ويوم السبت، قال مصدر حكومي في محافظة ديالى، ان "الجانب الايراني اوقف خطي الكهرباء عبر ديالى خانقين - سربيل زهاب (1+2) 132 K.V، وديالى – ميرساد 400 K.V، ما سبب انقطاعات طويلة وقلة بالتجهيز تتراوح 8 - 10 ساعات يوميا".
وبين أن "الجانب الايراني اوقف خط تجهيز ديالى الكهربائي بسبب عدم وجود فائض للطاقة ما سبب انقطاعاً طويلاً للتيار".
واستورد العراق أكثر من تسعة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي من إيران، خلال العام الماضي، متصدراً بذلك الدول المستوردة للطاقة الغازية من الدولة الجارة.
وفي بلد يستورد كميات كبيرة من الغاز من الجارة إيران، قد تسهم معالجة الغاز بمساعدة العراق على وضع حدّ لمشكلة الطاقة المزمنة، ويمكن للكميات المهدورة، في حال معالجتها، أن توفّر الكهرباء لأكثر من ثلاثة ملايين منزل في العراق.
يمثل ملف الطاقة الكهربائية إحدى أبرز المشكلات الخدمية التي يعاني منها العراقيون منذ عام 2003، رغم إنفاق الحكومات المتعاقبة أكثر من 40 مليار دولار على القطاع في السنوات الماضية، بينما تشهد البلاد انقطاعات طويلة في التيار لاسيما خلال فصلي الصيف والشتاء، لذا يعتمد العراقيون بشكل كبير على شراء كميات محدودة من الطاقة الكهربائية من أصحاب المولدات الأهلية المنتشرة في المناطق السكنية في البلاد. وتشير تقديرات غير رسمية إلى وجود 4.5 مليون مولد كهرباء كبير الحجم في العراق تعمل بالديزل.
وفي عام 2021، قال رئيس الوزراء وقتها مصطفى الكاظمي، إن العراق أنفق نحو 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء، "لكن الفساد كان عقبة قوية أمام توفير الطاقة للناس بشكل مستقر، وهو إنفاق غير معقول دون أن يصل إلى حل المشكلة من جذورها".