بغداد ـ العالم
قال تقرير نشره موقع أمريكي، أن الدعم المستمر من جانب الولايات المتحدة لإسرائيل، يساهم في تقوية "محور المقاومة" المدعوم من ايران، متمثلاً بحزب الله اللبناني والفصائل المسلحة في العراق وسوريا وجماعة الحوثيين في اليمن، وفيما بيّن أن "العمليات الهجومية في العراق تمثل نهاية هدنة احادية الجانب للفصائل العراقية المسلحة، أكد في الوقت ذاته أن "فصائل المقاومة" العراقية تتجنب "التورط" في صراع اكبر لانها "ستخسر الكثير".
وذكّر موقع "ذا انترسبت" الأمريكي في تقريره بـ"خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي والذي اشاد فيه بـ"جبهات المساندة" في العراق وسوريا حيث نفذت الفصائل اكثر من 60 هجوما على القوات الاميركية منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث قال نصرالله مشيراً إلى حلفائه العراقيين ان هذه "الافعال تعكس شجاعة كبيرة، لان الاميركيين الذين يقاتلونهم تملأ اساطيلهم وحاملات طائراتهم وقواعدهم المنطقة"، مضيفا "إذا كنتم ايها الامريكيون تريدون ان تتوقف هذه العمليات على الجبهات الداعمة، اذا كنتم لا تريدون حربا اقليمية، عليكم أن توقفوا العدوان والحرب على غزة".
واعتبر التقرير الأمريكي أن "تصريحات نصر الله تشير الى تزايد الوحدة بين ما يسمى (محور المقاومة) الذي يمثل شبكة من الأطراف الفاعلة المدعومة من إيران في الشرق الأوسط والتي تضم حركة حماس وحزب الله اللبناني والحكومة السورية والحوثيين في اليمن والفصائل المسلحة في العراق وسوريا"، مبينا ان "هذه الوحدة والعنف الذي تهدد بتنفيذه، لم يتحول حتى الان الى عمل عسكري كبير من جانب هذه القوى، إلا أن ذلك يمثل أهم رد فعل عنيف على التواجد الأمريكي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة".
واشار التقرير الى ان "سردية المقاومة هذه تلاقي جاذبية خارج نطاق أعضاء المحور، الذين تعتبر واشنطن أن العديد منهم هم بمثابة منظمات إرهابية"، مضيفا انه "حتى داخل الأوساط الأكثر اعتدالا، فإن الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل، بعد هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، تسبب في تأجيج المشاعر المعادية للولايات المتحدة في منطقة يرى فيها العديد من الناس ان الغارات الاسرائيلية المتواصلة على غزة، هي امتداد لعقود من السياسة الأمريكية الظالمة في الشرق الأوسط".
وتابع التقرير ان "الصور المؤلمة لضحايا القصف الاسرائيلي في غزة، أحيت في الاذهان ذكريات الحروب الدموية التي شنتها الولايات المتحدة او دعمتها في اماكن مثل العراق واليمن، وذلك في ظل امتناع الغرب عن ادانة اسرائيل بسبب الخسائر البشرية الجسيمة بين الفلسطينيين، مما يذكر العرب والمسلمين بمدى الاهمية الضئيلة لحياتهم في صناعة السياسات الغربية".
وبحسب التقرير، فان "الرد الهش من جانب الدول العربية، اتاح للجماعات المسلحة استغلال الغضب الشعبي وتعزيز أوراق اعتمادها كمقاومة من خلال تقديم نفسها على أنها الجهة الوحيدة التي على استعداد للوقوف في وجه إسرائيل وداعميها".
وفي هذا الاطار، قال التقرير ان "الحرب الاسرائيلية على فلسطين أدت الى تحفيز شوكة الفصائل المسلحة العراقية التي تشكلت في أعقاب الغزو الامريكي في العام 2003، والمتمثلة بأنها قضية مناهضة للاحتلال ومرتبطة بشكل مباشر بالكفاح الفلسطيني من اجل الحرية"، مشيرا في هذا السياق الى "الاشتباكات العديدة التي جرت خلال الساعات الماضية بين المسلحين العراقيين والقوات الامريكية".
وذكّر التقرير بالمتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله جعفر الحسيني خلال لقاء معه في نهاية تشرين الأول/ اكتوبر وقد بدا في مزاج متفائل، ومتناقض في نفس الوقت، مع سفك الدماء الذي اجتاح المنطقة منذ 7 اكتوبر، وقال مراراً ان "المعركة واضحة. فلسطين هي القضية الاساسية".
وبعدما لفت التقرير الى أن "كتائب حزب الله هي الاكثر سرية واقوى فصائل المقاومة العراقية والتي جرى دمجها جزئيا في الاجهزة الامنية للدولة، الا انهم يعودون الى العنف خلال مراحل التدخل الغربي، حيث انهم اعتبروا أن قرار البنتاغون الاخير بنشر حاملات طائرات وجنود في الشرق الأوسط، تشكل دليلا على انخراط الولايات المتحدة المباشر في الحرب الاسرائيلية –الفلسطينية".
ونقل التقرير عن الحسيني قوله إن "أمريكا شريك في هذه المعركة وفي قتل الفلسطينيين، ولهذا عليهم دفع الثمن"، مضيفا ان "ما يجري الآن من استهداف للقواعد الاميركية هو رد طبيعي من المقاومين".
واشار التقرير الى ان "فصائل المقاومة في العراق، نحت خلافاتها جانبا لتعلن مسؤوليتها عبر قناة تيليغرام انشئت حديثا، بشكل مشترك، عن عشرات الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على القوات الامريكية المتمركزة في العراق وسوريا، والتي أقر البنتاغون انها ادت الى وقوع اصابات طفيفة بين جنوده".
واعتبر التقرير ان هذه "التاثيرات المتتابعة تمثل جزءا من الحسابات التي قامت بها حماس من أجل المساهمة في تحطيم الوضع الذي لا يمكن تبريره والقائم في الأراضي المحتلة"، مشيرا إلى أن "احتمال التوصل الى حل سياسي في السنوات الاخيرة تراجع في ظل تزايد اعمال العنف وعمليات التهجير من جانب الاسرائيليين، وخصوصا من قبل الاسرائيليين في الضفة الغربية تحديدا، وذلك تحت اشراف الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ إسرائيل".
ونقل التقرير عن القيادي في حركة حماس اسامة حمدان قوله ان "الادارة الامريكية أمنت التغطية الكاملة لحكومة نتنياهو للعمل على تهويد القدس والاعتداء على المسجد الاقصى وتوسيع الاستيطان ومواصلة الحصار على غزة وإنهاء القضية الفلسطينية".
ولفت التقرير الى أن "حماس من خلال هجومها العسكري المفاجئ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والانتقام الاسرائيلي المتوقع، تمكنت من اعادة القضية الفلسطينية الى الطاولة الجيوسياسية، وساهمت في خلق درجة أكبر من الوحدة بين الحلفاء في منطقة تشهد استقطابا بفعل عقود من الحروب والصراع العرقي والطائفي".
ونقل التقرير عن اسامة حمدان قوله "لا شك أن هناك تطورا في العلاقات في ظل هذه المواجهة"، مضيفا أنها "ساعدت في رأب الصدع الطائفي بين السنة والشيعة".
وبعدما قال التقرير ان "واشنطن تصور المقاومة" على أنها بمثابة وكلاء لإيران يعملون بناء على طلب طهران"، إلا أن حمدان، ومسؤولين آخرين في "المقاومة"، قالوا إن "القرارات في هذا التحالف لا تفرض مركزيا، وإنما يعمل كل طرف على الموازنة بين القضايا الاقليمية والمحلية".
وبحسب حمدان "نحن لا نطالب باجراءات محددة لاننا ندرك ان البيئة تختلف من بلد إلى آخر، والظروف تختلف من بلد الى اخر، الا اننا ندعو الى بذل الجهود دعما للقضية الفلسطينية".
ولفت التقرير إلى أن "هناك جبهة موحدة مرفقة بدرجة معنية من التنسيق العمليات في جنوب لبنان حيث جرى السماح لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، باستخدام مناطق سيطرة حزب الله لشن هجمات على اسرائيل وسط تقارير تفيد بإنشاء غرفة عمليات بهذا الهدف"، مضيفا ان ذلك "يمثل جانبا من (تكتيك حزب الله القتالي) من اجل توجيه رسالة الى اسرائيل مفادها ان فتح الجبهة ممكن في اي لحظة".
ونقل التقرير عن الأمين العام السابق لحزب الجماعة الاسلامية السنية في لبنان عزام الأيوبي قوله إن "وجود جماعات غير شيعية هو جزء من هذه الرسالة، مما يعني ان المعركة قد تكون واسعة، بعدما انضمت الجماعة الى المعركة في الجنوب، وأعلنت مسؤوليتها عن عدة هجمات على إسرائيل".
وفي اشارة الى التوتر المذهبي بين الشيعة والسنة بسبب أحداث الحرب السورية، لفت الايوبي الى انه "تم وضع هذه الخلافات جانباً مؤقتاً على الاقل ما يؤشر على حدوث تقارب طائفي"، حيث قال الايوبي انه "من الممكن اننا، الان على الاقل، الى حد ما الى جانب حزب الله الذي يواجه اسرائيل، ونحن لدينا هذا المبدأ أيضا".
الى ذلك، ذكر التقرير ان "العمليات الهجومية في العراق تمثل نهاية هدنة احادية الجانب توقفت خلالها الفصائل العراقية عن مهاجمة القوات الامريكية في العراق من اجل السماح للحكومة، التي اوصلها الى السلطة قوى الفصائل السياسية، بادارة العلاقة مع واشنطن من خلال الدبلوماسية".
وتابع التقرير انه "كجزء من هذه الانتكاسة الاخيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق، فقد تجددت الدعوات المطالبة بتنفيذ تصويت البرلمان العراقي في كانون الثاني/يناير 2020 على إخراج القوات الاجنبية من البلاد". ونقل التقرير عن الحسيني قوله إن "هذه العمليات لن تتوقف حتى اخراج آخر جندي أميركي".
وذكر التقرير بان "القوات الامريكية عادت الى العراق في العام 2014 لدعم الحكومة في الحرب ضد داعش، بينما سعت واشنطن منذ ذلك الحين الى التخلص من إرثها كقوة احتلال وتصوير نفسها كشريك استراتيجي، إلا أن هذه الجهود خرجت عن سياقها عندما قتلت غارة امريكية بطائرة مسيرة الجنرال الايراني قاسم سليماني والقيادي العراقي ابو مهدي المهندس في يناير/كانون الثاني 2020، وهو عمل اعتبره العراق انتهاكا لسيادته.
وذكر التقرير ان "الفصائل العراقية وبرغم انها هددت بتصعيد اضافي، الا انها، على غرار حزب الله اللبناني، مقيدة بمصالح محلية ولا تريد حربا أوسع نطاقا".
ونقل التقرير عن مسؤول أمني عراقي طلب عدم الكشف عن هويته، قوله "انهم لا يريدون التورط في هذا الصراع، ولديهم الكثير ليخسروه"، في إشارة إلى المصالح السياسية والاقتصادية التي ساهمت في ضبط سلوك بعض الفصائل المسلحة في السنوات الاخيرة.
وتابع التقرير انه "في إطار محاولة تجنب تكرار ما جرى العام 2020 بعد اغتيال سليماني والمهندس، فان ادارة بايدن سعت في البداية الى تجنب الرد على الفصائل داخل الاراضي العراقية، ولم تنفذ سوى ضربات محدودة داخل سوريا، حيث تنشط ايضا جماعات المقاومة العراقية، لكن كل ذلك تغير يوم الثلاثاء الماضي عندما قتلت غارة جوية امريكية احد عناصر كتائب حزب الله في بغداد بعد وقت قصير من قيام الجماعة بهجوم صاروخي على قاعدة عين الاسد، أعقبه بعد ساعات غارة ثانية على معقل لكتائب حزب الله قرب بغداد، اوقع عدة قتلى".
وفي حين ذكر التقرير بتصريحات لوزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن حث فيه اللاعبين الإقليميين على عدم التدخل في الصراع بين اسرائيل وحماس حتى لا يصبح الصراع إقليميا، أشار التقرير الأمريكي الى ان "مثل هذه التصريحات تعزز التصور السائد بين (المقاومة) بان واشنطن ترفض الاعتراف بالسبب الجذري للازمة واصلاح ذلك، وهي بذلك تعزز من تأجيج مشاعر المظلومية من خلال محاولة قمع ما تعتبره هذه الجماعات، والعديد من المسلمين، بانه نضال مشروع".