محمد عبد الجبار الشبوط
حين تسلمنا العدد ١٧ وهو الاول برئاستي شعرت بالفرح رغم بدائية الادوات. وقد قلت في عمود رئيس التحرير ان "الجهاد" تصدر بإمكانيات بدائية لكنها تعبر عن صوت قوي، او شيء بهذا المعنى. اعترض بعض الدعاة على كلمة "بدائية" قائلين انه لا يمكن ان اصف عملا تابعا لحزب الدعوة بهذه الكلمة. ربما كانوا على صواب او خطأ، او ربما كنت انا على صواب او خطأ، لكني اعتبرت الكلمة من الناحية الصحفية "عادية"، ولكنهم اعتبروها من الناحية الحزبية "غير مقبولة". وربما اعتبروا ذلك دليلا على ان حزبيتي غير عميقة. وكان علي ان استحضر الفرق بين كلمتي thick و thin في هذا المجال.
انا شخصيا كنت فخورا بالجهاد التي صدرت باشرافي. وقد اعجبني اخراج الصحيفة، فقد كان الخياط ذوّاقا في الاخراج، كما هو انيق في الملبس وفي تسريحة شعره.
اما كادر التحرير فقد كان عبارة عن مجموعة من الشباب المتحمسين المخلصين المتفانين في عملهم، رغم صرامتي معهم، وجديتي في ادارة الصحيفة. وكانت مهاراتهم تنمو بسرعة، بسبب ذكائهم وقدرتهم على التعلم بسرعة. وقد احببتهم بصدق، ومازلت، لان فترة عملي معهم كانت من الفترات الجميلة في حياتي المهنية كصحفي. زارنا مرة الاخ ابو نبوغ ونظر الى وجهي ذي العينين الخضراوين، ووجه عارف مشكور ذي العينين الزرقاوين وابو ذر ذي الشعر الاشقر فقال:"ما شاء الله جامعين كل الحلوين في الجهاد"!
اما انا فقد احترفت الصحافة بعد فترة وجيزة من هجرتي الى الكويت التي دخلتها في ٧ ايلول من عام ١٩٧٦. وما هي الا اشهر قليلة حتى اصبحت محررا ومترجما في مجلة "صوت الكويت" وكاتب مقالات في بعض صحف الكويت مثل "القبس" و "الوطن"، اضافة الى عملي كمدرس لغة انگليزية. لم اتخرج من كلية الاعلام، فانا خريج كلية التربية/ قسم اللغة الانگليزية لعام ١٩٧٠/١٩٧١. لكني قرأت كل ما وقع تحت نظري من الكتب الخاصة بالصحافة والاعلام في الكويت، اضافة الى ما اكتسبته من خبرة عملية. فلما ذهبت الى طهران كان عندي خبرة مهنية ونظرية عمرها خمس سنوات، مكنتي من ادارة العمل في "الجهاد" والسيطرة عليه، اضافة الى اقامة عدة دورات اعلامية لشباب الدعوة هناك. وكتبت عدة دراسات او مقالات مهنية اعلامية نشرت احداها حول كتابة الخبر الصحفي في صحيفة "كيهان العربي" لغرض تعميم معرفتي الصحفية على الدعاة المشتغلين حديثا في هذا المجال.
كانت افتتاحية "الجهاد" احدى المسائل التي حظيت باهتمام خاص. وقد تقرر ان يكتبها شخص قيادي في الدعوة. وهذا الوصف لا ينطبق عليّ ولا على الاخ فخري مشكور. وهكذا تقرر ان يكتبها الاخ ابو احمد الجعفري. لا يحتاج الجعفري الى تقييم قدرته الكتابية من قبلي، لكن اسلوب كتابته للافتتاحية لم يكن اسلوبا صحفيا في البداية. واخبرته بذلك. فكان يستمع الى ملاحظاتي ومقترحاتي وهكذا اصبحت الافتتاحية متوافقة مع المعايير المهنية الصحفية.
كانت "الجهاد" تتمتع بالحكم الذاتي من الناحية المالية. ومكنني هذا الوضع المريح من التفكير باصدار مجلة الجهاد للبحوث والدراسات. وقد دعمني في ذلك حامل الاموال الاخ المرحوم ابو مالك. فعلى مدى عدة اشهر من صدور الجهاد الاسبوعية، تراكم عندي فائض مالي جيد. اخبرت الاخ ابو مالك بالامر، فقال لي:"ابو سعدي، انت المسؤول، تصرّف بما تراه مناسبا". كانت ثقة عالية منه بامانتي واخلاصي شجعتني على المضي بالتفكير بمشروع اخر للاستفادة من هذا الرصيد المالي.
يتبع