بغداد – العالم
مقام رئيس الجمهورية في العراق محترم وعالٍ وهادئ على نحو كبير، لكنه الآن، بحسب نواب ومراقبين، اهتز ولم يعد يؤدي وظيفته الأساسية بـ"حماية الدستور"، مع ردود غاضبة تنهال عليه، كيف ذلك؟
في سابقة "غريبة"، رفع رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، دعوى ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للمطالبة بإصدار أمر ولائي عاجل لصرف رواتب موظفي كردستان، الأمر الذي فجر ردود فعل غاضبة سياسياً واجتماعياً.
دعوى رئيس رشيد تزامنت مع تصاعد التظاهرات والإضراب عن الطعام في إقليم كردستان؛ تنديدا باستمرار مشكلة رواتب الموظفين.
هذه التطورات تأتي في وقت تؤكد وزارة المالية، التزامها بإرسال رواتب موظفي الإقليم وآخرها لشهر كانون الأول من عام 2024، لكن حكومة الإقليم لا تصرفها بحجة عدم وصول المبالغ كاملة، الأمر الذي يثير التساؤل، أين تذهب الأموال اذن؟
نواب يستشيطون غضباً
النائبة عالية نصيف قالت "من سخرية الأقدار أن رئيس الجمهورية رفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء بشأن رواتب موظفي الإقليم"، موضحة أن "هذه المغالطة هي ابتعاد عن الحقيقة المتمثلة التي يتغاضى عنها رئيس الجمهورية ويوجه نيرانه صوب السوداني الذي كان ومايزال يدافع بصدق عن حقوق المظلومين في الإقليم".
وتؤكد نصيف، إن "رئيس الجمهورية حنث باليمين الدستورية في المادة 50 بأن يراعي مصالح الشعب، ومصالح الشعب يتم إهدارها ومصادرتها في وضح النهار".
وخاطبت نصيف الرئيس بالقول، "أين أنت من قرار المحكمة الاتحادية بتسليم الواردات النفطية وغير النفطية الى الحكومة الاتحادية؟ وأين أنت من المساواة التي يجب أن ينعم من خلالها الشعب العراقي بواردات الدولة وفق المادة 111 من الدستور؟ علماً بأنك تخالف المادة 67 من الدستور بأن تكون حامياً للدستور!".
ودعت نصيف الحكومة الاتحادية ومجلس النواب إلى "اتخاذ موقف تجاه رئيس الجمهورية الذي حاول إبعاد الأنظار عن السبب الرئيسي في أزمة رواتب موظفي الإقليم".
النائبة حنان الفتلاوي وعبر تغريدة قالت موجهة كلامها لرئيس الجمهورية، "فخامة الرئيس غرامات شركة IQ التابعة لولدك والبالغة 991 مليار تكفي لرواتب الاقليم، فياريت تسددها حتى ندفع الرواتب بدل ان تطالبنا بقطع رواتب الوسط والجنوب لتسديد رواتب الاقليم، وكفى مزايدات انتخابية".
أما النائب ناظم الشبلي، فهو حدد خروقات عدة اعتبرها "حنث باليمين الدستوري" من قبل رئيس الجمهورية.
ويقول الشبلي "يجري تهريب للنفط بوجود حامي الدستور، ورعاية مصالح فئة واحدة من الشعب دون الأخرى، وقمع لحرية مواطنين يطالبون فقط بتوطين رواتبهم"، مؤكدا أن "المشروع الأخير في الاتصالات ممكن يغطي رواتب الاقليم، الا تعتبر هذه الخروقات حنث باليمين الدستوري من قبل رئيس الجمهورية؟".
النائب يوسف الكلابي مخاطباً الرئيس، "السيد رشيد المحترم هل انت رئيس الاقليم ام رئيس العراق؟ هل التزمت بالقانون بشراء عجلات خلاف للقانون وصرف وقود 150 مليون شهريا؟، المهم غدا سنشكل لجنة لمراجعة صرفياتك وسفراتك وندقق كم مرة حنثت اليمين كي نقيم شكوى جزائية ضدك".
وبدوره قال النائب محمد الصيهود، إن "رئيس الجمهورية اثبت انه ليس لكل العراقيين وخالف الدستور وتصرف لصالح الإقليم".
وطالب الصيهود بمقاضاة الاقليم كونه لايقبل توطين رواتب الموظفين ولايسلم الواردات"، مؤكدا أن "الدعوة حنث بالدستور ويفترض على مجلس النواب التفكير بإقالته، كونه أقدم على خطوة خطيرة وغير مسبوقة، لذلك عليه سحب الدعوة والاعتذار للشعب العراقي".
محاولة ابتزاز
الصحفي والمعارض في اقليم كردستان، محمود ياسين كوردي، قال إن "الرئيس الجمهورية يتذكر الآن مشكلة رواتب الموظفين في اقليم كردستان ويذهب الى المحكمة الاتحادية يرفع دعوى قضائية على السوداني وطيف سامي!"، في إشارة إلى أن الأمر مثير للاستغراب.
كوردي يرى، أن "اصل الموضوع، هو أن رئيس الجمهورية يبتز رئيس الوزراء من اجل عقد شركة ابنه (شركة IQ) ويبتز وزيرة المالية بسبب تقليص نثرية رئاسة الجمهورية".
كما تؤكج رئيسة كتلة "حراك الجيل الجديد" النيابية سروة عبد الواحد، أن "السلطة في كردساتن لا تريد سماع مطالب شعبها ولا تستحق البقاء"".
وقالت عبد الواحد في منشور على حسابها في منصة إكس، إن "السلطة التي تغلق آذانها ولا تريد سماع مطالب شعبها لا تستحق البقاء، ولن يكون مصيرها أفضل من غيرها من دكتاتوريات المنطقة".
يذكر أن حكومة أربيل بدأت في شباط 2016 بتطبيق نظام ادخار الرواتب للموظفين بنسبة وصلت إلى % من قيمة الراتب، لتجري بعدها تعديلا سنة 2018 فصارت نسب الاستقطاع ما بين 10 - 30% ومع تبادل الاتهامات عن المتسبب بهذه الازمة.
وطالب موظفو الاقليم ومتقاعديه أكثر من مرة بنقل رواتبهم الى وزارة المالية الاتحادية، والخروج مما يسمونه "العيش تحت رحمة الاحزاب الحاكمة".
وتجسدت المطالبات بتظاهرات تتكرر منذ 10 أعوام، وتصاعدت حدتها خلال الأيام الأخيرة، في حيت تمت مواجهتهم بشدة ومنعهم من دخول أربيل.