رحلة تاريخية لـ3 أجراس من نورماندي إلى كنيسة الساعة في الموصل
10-كانون الأول-2022
بغداد ـ العالم
رصد موقع اليونسكو التابع للأمم المتحدة رحلة أجراس كنيسة الساعة في مدينة الموصل، والتي ساهمت في اعادة صناعتها، وبالتالي إعادة إحياء الروح في المدينة التي لحقت بها أضرار جسيمة خلال مرحلة سنوات سيطرة تنظيم داعش عليها.
ولفت تقرير الموقع الأممي ان برنامج اعادة الاعمار هذا، يأتي في إطار مهمة تقودها اليونسكو بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرا الى ان كنيسة الساعة تعتبر من المعالم المهمة في الموصل وفي هندستها المعمارية، حيث كان سكان الموصل قبل ان تدمرها الحرب، يتطلعون اليها من اجل ضبط توقيتهم في ساعاتهم.
واعتبر التقرير أن إعادة صب ثلاثة أجراس جديدة وتركيبها في كنيسة الساعة التي تم ترميمها خطوة جديدة مهمة في برنامج "إحياء روح الموصل"، مضيفا أن الكنيسة كانت حجر الزاوية في موسيقى المدينة وحياتها الاجتماعية، بالإضافة إلى كونها من رموز تنوع المدينة وتعددها الديني لنحو قرنين من الزمن، إلى جانب كونها منارة للمجتمعات المسيحية في الشرق الاوسط.
واحتلت الكنيسة مشهد مدينة الموصل الى جانب المعالم المعمارية والمآذن الأخرى، حيث قال التقرير إن "تدميرها كان أكثر من مجرد مأساة معمارية، لأنه أثر بعمق على سكان الموصل من المسلمين والمسيحيين". ولهذا اشار الى انه بعد مرور خمسة أعوام على تحرير الموصل، فإن قرع الأجراس الثلاثة سيشكل علامة على الامل، خصوصا بالنسبة الى المكونات المسيحية في الشرق الاوسط، بالاضافة الى انه يشكل خطوة حاسمة جديدة في عملية إعادة إعمار برنامج "إحياء روح الموصل"، الذي تقوده اليونسكو بالتعاون مع الإمارات.
وتحمل الأجراس اسماء "غابرييل" و"مايكل" و"رافاييل" التي تمت صناعتها في مسبك حرفي في مدينة نورماندي الفرنسية، وهي أسماء ملائكة مسيحيين، وسوف يتردد صداها قريبا في الموصل من اعلى كنيسة الساعة، والتي دمرها عنف التطرف والحرب.
وأوضح التقرير أن رحلة نقل الأجراس الثلاثة إلى الموصل من نورماندي، ستبدأ في بداية مارس/آذار العام 2023.
واشار التقرير الى ان هذا التعاون يعكس المساعدة المتبادلة بين فرنسا والعراق والتي تعود الى القرن ال19، مضيفا أنه تم الانتهاء من تشييد كنيسة الساعة للمرة الاولى في العام 1873، بينما كانت ساعة الكنيسة هدية مقدمة من فرنسا إلى العراق، وتم تصنيعها في العام 1882. ورأى التقرير أن فرنسا تعبر مجددا على دعمها للعراق من خلال التبرع وتصنيع هذه الأجراس مستفيدة من الخبرة الفريدة والحرفية في منطقة نورماندي التي يألف الناس فيها الدمار الذي تركته الحروب. أما المحترف الذي تم فيه تصنيع الأجراس، فهو مسبك "كورنيل هافارد" الذي يحمل تقليدا طويلا في صناعة الأجراس منذ نهاية العصور الوسطى. وتأسست الورشة في العام 1865، وتتمتع بخبرة نادرة لا تتوفر سوى لل30 مسبكا آخرين في جميع أنحاء العالم. ولفت التقرير إلى أن كل جرس يتم تصنيعه يعتبر بمثابة قطعة فنية وآلة موسيقية يتم ضبطها على نغمة معينة، وهناك حوالي 15 حرفيا يعملون فيها، يتمتعون بتراكم خبرة تسعة قرون من التقاليد والمعرفة المتوارثة من الأجداد ويستخدمون بالاضافة إلى ذلك التقنيات الحديثة، وبمقدورهم إنتاج حوالي 100 جرس سنويا للكنائس لمختلف الدول حول العالم.
وقال التقرير إن نقل الأجراس من نورماندي الى الموصل، والى نينوى، "ينسج الخيوط التي كسرها احتلال داعش، وهي الخيوط التي جمعت مجتمع الموصل في تنوعه".
وختم التقرير بالتذكير بأن مبادرة اليونسكو "احياء روح الموصل" تمت في العام 2018، والتي وصفها التقرير بأنها أحد أكثر حملات اليونيسكو طموحا لإعادة الإعمار خلال العقود الاخيرة، والتي تقوم على ثلاث ركائز: التراث والحياة الثقافية والتعليم، وهي بمثابة محركات أساسية لإعادة احياء الموصل.
ولفت إلى أنه في إطار البرنامج تم تخصيص أكثر من 105 ملايين دولار من خلال دعم 15 من الشركاء الدوليين، وخاصة الإمارات والاتحاد الأوروبي.
وذكر التقرير أن برج كنيسة الساعة يقع في قلب الشوارع المتعرجة لمدينة الموصل القديمة الى جانب مئذنة الحدباء المائلة للمسجد النوري، وقد تداخلت بجذورها المتشابكة مع الحياة والتاريخ. وتابع أن نظام الساعة يعمل مع الأجراس مما يجعلها تقرع كل 15 دقيقة. ولفت إلى أنه من المقرر استكمال اعادة اعمار الكنيسة في كانون الأول/ديسمبر العام 2023.