سيدنه .. شكرا من القلب !
31-آب-2022
عمار البغدادي
أزاح الصدر عن صدور العراقيين هما كاد ان يتحول ليلة امس الى جرح عميق لايندمل بتسوية سياسية او وزارات إضافية للترضية او مصالحات عشائرية ينتهي مفعولها بعد نهاية مؤتمر المصالحة!.
هذا دليل اكيد ان الرجل اثبت لكل الأطراف السياسية والمجموعات المسلحة والدول والمخابرات العربية التي تصيدت امس على شبكات التواصل الاجتماعي بالمياه السياسية العكرة واطلقت العنان لتأويلات وخارطة احلامها في تحويل العراق الى بركة من الدم والشيعة الى سرح لعمليات مسلحة تستهدف الوجود والكيان والجمهور والمصالح العامة والمستقبل واريحية المكون في تشكيل الحكومات الوطنية العراقية واثبت كذلك ان نهجه في التعاطي مع الازمة واسلوبه في إدارة العمل مع الخصوم السياسيين مختلف تماما عن إدارة الاتباع المسلحين بدليل انه أوقف التعامل معهم واوقف اعلام "الثورة" لانها تخطت ثوابت العمل بقوانين الثورات الاجتماعية الى التعدي على حقوق الحياة المدنية بالترويع واثبت الصدر في الحقيقة انه يمتلك خيارات ستراتيجية في زمن الحرب والمواجهات المسلحة وخيارات مماثلة لحماية الكيان الوطني والتطلع لحماية حقوق المكون الأكبر .
بالأمس انحبست الانفاس واقتنع العراقيون على وقع سقوط الصواريخ على مباني المنطقة الخضراء ان الحرب واقعة وان طرفا مستفيدا سيضع الزيت على النار ويصب البنادق في الشارع كما يصب الماء من المرزاب وانهم ذاهبون الى أيام صعبة وسنوات عجاف دونها سنوات سجن يوسف فيما توارت خلف سحب الدخان الأسود للقذائف والشظايا كافة الحلول السياسية قيل في المعلومات امس من ان طرفا معتدلا في الاطار التنسيقي حاول الاتصال الهاتفي مع السيد الصدر لكنه لم يوفق وان محاولات جادة بذلت في هذا السبيل باءت بالفشل الذريع .
لم يسمح السيد لاحد ان يتدخل في الازمة لاعلى مستوى وضع حد للقتال الجاري على بوابة التخطيط وقرب مبنى مجلس النواب ولاعلى مستوى الذهاب الى إيجاد حلول حقيقية للبنادق التي خرجت من المشاجب والرجال الملثمين الذين عبروا عن الغضب والكراهية الشديدة للاطار والسيد المالكي واخرين في التنسيقي حتى ليكاد المراقب ان يستعيد شيئا من حروب العرب التاريخية وحرب السنوات الــ 40 وكأننا امام رواية كاتبها يعرف متى بدأت الحرب وكيف سقط الاتباع وكيف انهار قصر السلام ومادت الأرض بالجمهورية ولكنه لايعرف متى تنتهي !.
اراد السيد الصدر بالصمت والإضراب عن الطعام امس حتى الساعة التي عقد فيها مؤتمر الصحفي الذي اعلن فيه قراره سحب كافة المسلحين وانهاء الاحتجاج السلمي ان يكون هو صاحب المبادرة وهو العارف ان غيره اذا تدخل لن يستطيع إيقاف الحرب او شد شاب من قميصه لمنعه من عبور الخضراء والاشتباك مع القوات الأمنية .. ان مقتدى الصدر لم يرفع السماعة امس على اتصال طرف من الاطار لانه يدرك ان هذه الهواتف لن توقف الحرب بل تزيدها اشتعالا ولعلمه ان اتباعه لن يوقفوا البنادق والاستمرار في الحرب اذا ما رأوا طرفا ثانيا او ثالثا شريكا في قرار إيقاف الحرب !.
لم يجب على أي من شخصيات التنسيقي لانه مثلا يستنكف الرد على اتصالاتهم الهاتفية بل ليقينه ان الاستماع لصوت الاطار سيزيد من اشتعال النار في معسكرات التيار!
اثبت مقتدى الصدر ان العراقية تعني العمل بشروط التسوية فيما الوقائع والمؤشرات ومعطيات المرحلة التي تلت الانتخابات وإعلان فوزه وحقه في تشكيل الحكومة تؤكد حقه في المغالبة السياسية ومنع الاخرين من تشكيل الحكومة وهذه الروحية – روحية التنازل عن حقه في تشكيل الحكومة وفق تفسير المادة 76 من الدستور هي الضماتة الموضوعية القادرة على منع الحرب والذهاب الى التسويات السياسية.
في المؤتمر الصحفي ادرك المعنيون بالملف العراقي في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والمجموعة الغربية مثلما ادرك العرب والايرانيون ان مفتاح السلام والحرب بيد تمتلك من العقلانية والواقعية والاعتدال والحرص على مصالح الناس تماما مثلما تمتلك مفتاح العمل بمقتضيات اثبات الحق الانتخابي والسياسي بالقوة ان استدعى الامر استخدام القوة او التلويح بها.
واظن ان السيد مقتدى الصدر اثبت بما لايقبل الشك ام مصير البلاد وارواح الناس والانتماء لمدرسة الحرص على العراق وشعبه واحدة من اهم ثوابت وجود تيار عريض وواسع ونشط وفاعل ويمثل اكبر قاعدة شعبية في الامة ولن تستطيع اية قوة ان تزيح هذا التيار او تقصيه ولست مع الذين يقولون كلاما اخر حول انسحاب التيار من بوابة التخطيط خلال ستين دقيقة لانه سيكون كلاما غير منطقي ولامسؤول ويحاول ان يثير دفأئن الأحقاد من جديد!.
وأقول أيضا بناء على معطيات الميدان:
ان التيار الصدري يمتلك أسلحة تكفيه الاستمرار بالحرب اكثر من استمرار صمود زيلنسكي الرئيس الاوكراني الذي استعان بواشنطن والغرب في تغطية تكاليف الحرب مع روسيا لكنه جنح للسلم وسلم بما سلمت به أمور شعبه وقال بصوت غاضب خال من نبرة التشفي لايمكن المراهنة على البنادق سبيلا لحل الخلافات السياسية مع الاخرين وانه لايريد تظاهرات سلمية بعد اليوم اذا كان الموضوع ينتهي الى الاقتتال والدم !.
ليس هنالك قائد ثوري او زعيم سياسي فائز في الانتخابات يتنازل عن ثورته واحتجاجات جماعاته المطيعة له طاعة عمياء حتى تحولت "طيع واسكت حبيبي " الى ثابت في الولاء والإخلاص للقيادة .. هكذا فعلها مقتدى الصدر وستذهب مثلا في عالم القيادة التاريخية التي تفتدي وطنها وتضحي من اجله وتسقط كل عناصر قوة أي تيار شعبي من الحساب فداءا للاستقرار وان لايرى شعبه مكروها ابدا .
سيدنه .. شكرا من القلب