حمزة همكي
لم يصدّق عامر مراد أن شهادة "الماجستير" التي حصل عليها من المدرسة العليا للصحافة في باريس، بلا قيمة أكاديمية، شأنه في ذلك شأن عشرات الصحفيين السوريين المغرر بهم من قبل تلك المدرسة، رغم محاولتنا عرض جزء من أدلة التحقيق عليه، لكنه فضّل التأكد بنفسه.
بالفعل، أرسل عامر بريداً إلكترونيّاً إلى جامعة باريس الثانية، بهدف التسجيل لدراسة الدكتوراه، إلا أن السيناريو الذي كان يخشاه قد حصل، إذ رفضت الجامعة طلبه "لأن شهادة الماجستير التي يحملها صادرة عن مدرسة خاصة لا تصلح شهادتها لدراسات الدكتوراه".
يقول الصحفي الذي أنهى التعليم في تلك المدرسة، ودفع 2000 يورو، قبل أن ينتقل للعيش في فرنسا: "لم أصدّق رفض الجامعة طلب التسجيل.. كانت صدمة قوية جداً".
عامر، لم يكن الوحيد الذي قابلناه في هذا التحقيق، فبعد رحلة تتبّع طويلة عبر عشرات المصادر المفتوحة، وجمع الوثائق، وإجراء مقابلات حصرية تحدّث فيها أصحابها -للمرة الأولى- عن هذه القضية للصحافة، توصلنا إلى أدلة تفيد بأن المدرسة العليا للصحافة في باريس (ESJ) ليست من بين المدارس الأربع عشرة المعترف بها في فرنسا.
كما خلصت نتائج تقصّي أنشطة القسم العربي للمدرسة، وتتبّع خيوط العلاقة بين مجموعة من الأشخاص؛ إلى وجود شبكة مروّجين، تجاهلت الخسائر المادية التي ستلحق باللاجئين، أو الشباب الباحث عن شهادة معترف بها داخل سوريا أو خارجها. وبالفعل تمكّنت هذه الشبكة من إثارة اهتمام الكثيرين وخصوصاً الصحفيين، وسجّل عبرها العشرات بغرض الالتحاق بالمدرسة.
معلومات مضللة
في يوليو/تموز الفائت، تغيّرت العلامة التجارية للقسم العربي للمدرسة، لكن هذا التغيّر لم يكن مثيراً للدهشة، فمنذ نحو أربعة أعوام اعتادت هذه المدرسة على تغييرات متناقضة لمسمياتها الرسمية.
تزامناً مع نشر صور عشرات الطلبة المتخرّجين ضمن دفعة 2024، أصبح القسم العربي يعرف الآن بالعلامة EAD AR بعدما كان يعرف بالعلامة SSJC.
غير أن هذا التحوّل، لم يشمل أيّ تغيير إيجابي، إزاء نهج عمليّة التضليل الواسعة التي تقودها المدرسة منذ عام 2021، ووقع ضحيّتها ما لا يقل عن 200 صحفي من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ودفعوا مبالغ تتراوح بين 2000 و4000 يورو، لقاء شهادات تدريب مهنيّ "غير معترف بها". يقول عامر: "اتخذت قرار التسجيل في المدرسة بشرط الاعتراف بشهادتها في الجامعات الفرنسية، ودون ذلك ما كنت لأسجل فيها".
تتقاطع شهادة "عامر" مع شهادات سبعة خرّيجين آخرين، أكدوا أنهم سجّلوا بناءً على تطمينات من قبل إدارة القسم العربي، مفادها أن "الشهادة معترف بها، ويمكن لحاملها استكمال دراسته في أيّ جامعة فرنسية يريدها". أثناء إجراء "عامر" مراسلات مع جامعة باريس الثانية، لتسجيل الدكتوراه، أرسل بريداً إلكترونيّاً إلى إدارة المدرسة الفرنسية (الأم)، في محاولة لفهم الوضع حيال نيته استكمال دراسته، فردت عليه: "نقبل خريجي درجة الماجستير 2 كل عام كمرشحين للدكتوراه"، لكن بشرط تقديم أطروحة.
أثار هذا الرد تساؤلات عديدة لدى "عامر"، لأن المدرسة منحته الشهادة دون تقديم أطروحة، ورغم ذلك طلبت الإدارة في البريد الإلكتروني الذي أرسلته إلى "عامر" دفع مبلغ إضافي مقابل إعداده الأطروحة.
خلال التحقيق، حصلنا على تسجيلات اجتماعات (فيديو وصوت)، من بينها تسجيل لاجتماع جرى بين المديرة السابقة "ن. ر"، وطلاب من الدفعة الأولى، أكدت فيه المديرة أن الشهادة معترف بها.
المديرة السابقة للمدرسة ساهمت في عمليات التضليل أيضاً، من خلال المقابلات الإعلامية، ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قدمت المدرسة في إحداها أن لديها تاريخا عريقا في فرنسا كمدرسة متخصصة، وهي الثانية من حيث الحجم بعد مدرسة موسكو، كما أن المتخرجين منها يمتازون بكفاءة عالية، تجعل لهم الأفضلية في سوق العمل، لكنها لم تجب عن أسئلتنا إزاء هذه المسائل حتى تاريخ نشر التحقيق.
الادعاءات المضللة حول الاعتراف بالشهادة، كانت مدونة في الموقع الإلكتروني الأول للمدرسة قبل إغلاقه، حيث تمكنا من الحصول على نسخة مؤرشفة، ورد فيها أن "الشهادة معترف بها من قبل الدولة الفرنسية من خلال تسجيلها في الدليل الوطني للشهادة المهنية (RNCP) المستوى 2". غير أن الموقع الثاني الذي أغلق أيضا، لم يتطرق إلى مسألة الاعتراف، واكتفى بذكر تفاصيل مختصرة حول نظام التسجيل، وبرامج التدريس.
أما في الموقع الثالث -الحالي- الذي أطلق بالتزامن مع تغيير اختصار العلامة التجارية، فقد ورد فيه بشكل واضح أن الشهادة معترف بها في فرنسا والاتحاد الأوروبي. الترويج المضلل لم يتوقف هنا، إذ يؤكد فيديو نشره القسم العربي في يناير/كانون الثاني 2021 على فيسبوك، أن الشهادات معترف بها، ومسجلة في الدليل الوطني للشهادات المهنية (RNCP). هذه المعلومات أكدتها المدرسة أيضا في فيديو آخر نشرته نهاية عام 2023. بعد تغيير اسم القسم العربي، وفي إطار فتح باب التسجيل لعام 2025، نشر حساب القسم على منصة فيسبوك يوم 18 يوليو/تموز الماضي إعلاناً تعريفياً، أكد على الاعتراف بالشهادة أيضاً.
لكن في هذه المرة، ضم الإعلان مفاجأة أخرى: "الحائز على ماستر 2 من المدرسة بإمكانه إكمال دراسة الدكتوراه في أي جامعة أخرى، وتحديدا الجامعات الفرنسية الخاصة".
هذه الفقرة تناقض مسألة تأكيد الاعتراف في فرنسا والاتحاد الأوروبي في الإعلان نفسه، إذ كيف تكون معترفة بالمطلق، وفي الوقت نفسه يقتصر تحديد إكمال الدكتوراه فقط على الجامعات الفرنسية الخاصة؟
كيف بدأت القصة؟
عملية الترويج للقسم العربي بدأت فعلياً في يونيو/حزيران 2020 عندما أنشئت صفحة باسمه على منصة فيسبوك. وفي مارس/آذار 2021 صدر بيانٌ من مدينة الرباط في المغرب، حمل توقيع كل من رئيس المدرسة الفرنسية الأم ومديرة القسم العربي حينها.
وفي عام 2022 وقّعت المدرسة اتفاقية مع نقابة الصحفيين في تونس، وكان لافتا توقيع الاتفاقية باسم المدرسة الفرنسية (الأم)، وليس باسم القسم العربي.
قارنّا الأرقام التي حصلنا عليها من المصادر، والوثائق التي بحوزتنا، إضافة إلى ما نشرته صفحة المدرسة على فيسبوك، وأجرينا حساباً تقديرياً لمتوسط أعداد الطلبة الذين التحقوا بالقسم العربي منذ عام 2021 وحتى نهاية 2023، فكشفت النتائج عن التحاق ما لا يقل عن 200 طالب بالمدرسة، في حين ما يزال الإقبال يتزايد.
عام 2023 أعلنت المدرسة عن التحاق 65 طالبا بالقسم العربي، وإذا حسبنا المبلغ المعلن عنه من قبل جامعة الأمانوس، ومركز باريس للثقافات المتعددة، هناك نحو 195 ألف يورو حصلت عليها المدرسة من تلك الدفعة فقط.
أقدم مدرسة لكن غير معترف بها
يقول موقع المدرسة الفرنسية (الأم) ESJ Pari إنها "أقدم مدرسة صحافة في فرنسا، تأسست في أبريل/نيسان 1899". ولكن الأقدمية لا تعني بالضرورة الاعتراف القانوني، وهذا ما يؤكده موقع دليل الطالب الباريسي، إضافة إلى عشرات التقارير الصحفية، حول عدم الاعتراف بالمدرسة حتى الآن.
في فرنسا هناك 14 مدرسة معترفا بها فقط، من بين أكثر من 70 مدرسة ودورة تدريب مهني وأكاديمي، لكن مدرسة باريس ليست من بينها بقسميها العربي والفرنسي، وهذا الأمر مطابق للائحة الاتحاد الوطني للصحفيين.في هذا الإطار، وصفت دراسة بحثية الكثير من المدارس الصحفية غير المعترف بها في سياق التهكم بمن سمتهم "تجار الحساء". ورغم أن المدرسة العليا للصحافة في باريس (ESJ) لم تتلق تعليقاً مماثلاً بصورة مباشرة، فإنه تبيّن أنها غير مدرجة في قائمة اللجنة الوطنية المشتركة لتوظيف الصحفيين (CPNEJ)، وهي الجهة الوحيدة المخولة بالاعتراف بشهادات المهنة في البلاد. مقابل ذلك، منحت الدولة جميع المدارس غير المعترف بها مخرجاً يوازي في درجته الاعتراف القانوني، عبر التسجيل في الدليل الوطني للشهادات المهنية (RNCP)، على أن تقدم هذه المدارس طلباً رسمياً ضمن معايير محددة. أوصلنا التتبع في قاعدة بيانات الدليل الوطني إلى أن تسجيل المدرسة العليا للصحافة مُنتهٍ منذ عام 2015، وبالتالي فهي غير قادرة على منح شهادات مهنية معترف بها.
وبحسب ملف المدرسة في الدليل الوطني للشهادات، فإن شهاداتها كانت مسجلة بدءاً من عام 2008 إلى عام 2015، وهو ما يعني أنه خلال كل تاريخ المدرسة، فإنها سجلت في الدليل بين هذين العامين فقط.
في نهاية العام الفائت أعلنت المدرسة الفرنسية الأم، نيتها إبرام عقود مهنةٍ لنظام التناوب (دراسة وعمل) مع الراغبين فيها للعام 2024 الجاري.
في قائمة الإجراءات والشروط، عثرنا على بند يقرّ بتسجيل الشهادة في الدليل الوطني (RNCP) فور الانتهاء من التدريب، ويمكن للطالب البحث فيه من خلال الكود "RNCP34537".أدخلنا الكود إلى قاعدة بيانات الدليل الوطني، فتبين أنه يعود لمدرسة ميديا سكول باريس المعهد الأوروبي للصحافة (IEJ).
هذا يعني أن المدرسة العليا للصحافة في باريس، تستعين باتفاقات خارجية مع مدارس ومعاهد أخرى مسجلة في الدليل الوطني، لمعادلة شهادات القسم الفرنسي عن طريقها. يزعم موقع القسم العربي للمدرسة في تبويب النظام الداخلي أن الدراسة تندرج في نظام "في إيه إي" (VAE) وهو نظام "أكاديمي فرنسي يسمح لكل شخص مهما كان عمره ومستواه التعليمي بمتابعة دراسته من خلال تقييم خبراته السابقة". لكن هذا الزعم غير صحيح، لأن المدرسة غير مسجلة في الدليل الوطني للشهادات، والتسجيل في الدليل شرط أساسي لنظام "VAE" طبقاً للقوانين الفرنسية. يقول عامر مراد في هذا السياق: "لقد وعدوني بإدراج شهادتي في المنصة الوطنية الفرنسية للحاصلين على الماستر، لكن لم أجد أي شيء". ويتساءل: "كيف يمكنهم منح هذا الوعد إذا لم تكن المدرسة معترفا بها؟!".
في إطار قانونية المدرسة العليا للصحافة في باريس ESJ (المدرسة الأم)، ليس ثمة ما يدعم الادعاءات، إلا كونها مسجلة لدى وزارة التعليم العالي الفرنسية كمؤسسة تعليمية خاصة، وهذا التسجيل هو رخصة مزاولة العمل فقط، ولا علاقة له بقيمة الشهادات، ودرجتها الأكاديمية، أو الاعتراف القانوني بها.
أما القسم العربي فقد أجرينا حوله بحثاً بطرق مختلفة، وفي منصات عديدة متخصصة بالتعليم في فرنسا، الرسمية منها وغير الرسمية، لكن لم نعثر على أيّ أثر له ولا لعلامته التجارية "SSJC" ولا لعلامته التجارية الجديدة "EAD AR".
أرسلنا رسالة بالبريد الإلكتروني إلى إدارة المدرسة الفرنسية ممثلة بمديرها "غ.ج" للاستفسار حول القسم الفرنسي، فأجاب بالنص: "المدرسة معترف بها من قبل الدولة الفرنسية منذ عام 1947 على الأقل، ومنذ ذلك الحين من قبل بعض الحكومات الأجنبية، ضمنها بعض الدول العربية، على حد علمي، تونس (2009)، فلسطين (2021)، والكويت (1967)، على ما أعتقد.. نحن نتفاوض مع الدول العربية أو الجامعات العربية كل حالة على حدة (لبنان، فلسطين، العراق، المغرب، الجزائر.. إلخ)". لكنه لم يستجب لطلبنا حيال تزويدنا بوثائق تثبت الاعتراف بشهادات المدرسة.
عرضنا نتائج التحقيق حول مسألة الاعتراف على مصدر مطلع على الأرشيف الإداري للقسم العربي، فكشف لنا معلومات عن عدم امتلاك القسم رخصة عمل في فرنسا، ناهيك عن عدم وجود أيّ اعتراف حكومي به.
يقول الشاهد الذي تحفظنا على الكشف عن هويته، إن القسم العربي "ينشط تحت غطاء المدرسة الفرنسية الأم في باريس، لكنه تابع لشركة مسجلة في بريطانيا، ويديرها رئيس المدرسة الفرنسية الأم".هذه المعلومات أكدها حسن البيتي، وهو صحفي يمني كان من بين طلاب الدفعة الأولى في المدرسة.
تتبعنا المنصات البريطانية، وأوصلنا البحث إلى شركة في بريطانيا، تحمل العلامة التجارية الخاصة بالمدرسة الفرنسية (ESJ).البيانات المتعلقة بالشركة بحسب الموقع الحكومي الرسمي في بريطانيا (UK.GOV) تؤكد نفس المعلومات، وتوضح أن طبيعة ترخيصها "خدمات تعليمية"، ويديرها "غ.ج". غير أنه بقيت أمامنا مهمة أخرى حيال البحث عن القسم العربي وعلامته التجارية "SSJC". وفي موقع كومباني شيك البريطاني عثرنا على شركتين تحملان نفس العلامة، الأولى مغلقة، والثانية نشطة تعمل في مجال البناء. وبمتابعة البحث أظهر الموقع الحكومي الرسمي (UK.GOV) 27 نتيجة لشركات تحمل نفس العلامة التجارية "SSJC" وجميعها شركات استشارات مالية أو إدارية أو بناء.
في موقع societe الفرنسي، وهو موقع غير رسمي يوفر مئات الآلاف من البيانات والمعلومات عن الشركات والمؤسسات المرخصة في البلاد، بحثنا فيه عن العلامة "SSJC" فأظهرت النتائج شركة واحدة فقط مرخصة بهذه العلامة، وهي شركة متخصصة في مجال تغطية الأرضيات والجدران. يشبه اسم هذه الشركة اسم القسم العربي للمدرسة، لكن ليس ثمة علاقة بينهما.
رغم غياب أيّ أثر للقسم/للفرع العربي في المنصات البريطانية، وعلاقته بشركة "ESJ PARIS LTD" في بريطانيا، قال مدير المدرسة الفرنسية "غ.ج" إن "الفرع بريطاني لأسباب وظيفية داخلية للمجموعة، لكن المنهاج والشهادة فرنسية، وليس لدينا أي علاقة بالنظام التعليمي في المملكة المتحدة".
ترويج إعلامي وعروض منح
بدءاً من عام 2020، عمل القسم العربي على استقطاب الصحفيين من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبر المؤسسات والهيئات الصحفية في البلدان المختلفة.
وكان نشر صور خريجي المدرسة، وخصوصاً خريجي الدفعة الأولى، عبر منصات التواصل الاجتماعي للقسم العربي، محفزاً وعملاً دعائياً لجذب اهتمام زبائن جدد.
ويبدو أن العلاقات العامة، ونفوذ بعض المروّجين الذين هم في الأساس صحفيون، ولديهم علاقات مع وسائل الإعلام، أو يديرون بعضها، ساهم في تمرير أجندة المدرسة، إذ تعج مواقع إعلامية سورية وعربية بتقارير حول المدرسة. بعد عملية تتبع معقدة، توصلنا إلى معلومات تفيد بأن معظم المتورطين في عملية الترويج يقيمون في فرنسا، وينحدرون من دول عربية مختلفة، بينهم سوريون، تمكنّا من تحديد هوياتهم وكشف أنشطتهم. في سوريا كانت رابطة الصحفيين الوجهةَ الأولى، حيث نشر القسم العربي في 15 يونيو/حزيران 2021 على موقع فيسبوك، خبراً مقتضباً يعبّر فيه عن "سعادة المدرسة بالتعاون مع رابطة الصحفيين السوريين". كما نشر موقع رابطة الصحفيين السوريين الخبر الذي أشار بشكل واضح إلى دور سكرتير الرابطة آنذاك في إنجاز الاتفاق تفيد معلومات حصلنا عليها من مصادر إدارية في الرابطة، أن هذا التعاون "مكّن أعضاء الرابطة الراغبين بالتسجيل في المدرسة، من الحصول على حسومات مالية خاصة، وصلت إلى نسبة 50%".
هذه المعلومات أكدها خريجون سجلوا عن طريق الرابطة، وأكدته منشورات صحفيين سوريين على موقع فيسبوك حينها، كما أكدتها الرابطة في إطار ردها على أسئلتنا، لكنها لم تحدد نسبة الحسومات المالية.
ورغم أن اتفاقية التعاون انتهت بعد مضي عام بحسب رابطة الصحفيين، فإن الرابطة احتفظت بالمدرسة في قائمة الشركاء والأصدقاء في موقعها الرسمي، حتى نهاية العام الفائت، ثم أزالتها أثناء عملنا على هذا التحقيق. وحول دورها في تسجيل الطلاب، قالت الرابطة إن دورها اقتصر على "متابعة شؤون الطلبة الأعضاء المسجلين والتنسيق بينهم وبين إدارة المدرسة وقسمها المالي لإنجاز هذه الاتفاقية". وأضافت عبر البريد الإلكتروني: "نعلمكم أن الرابطة لم تلعب أي دور في عمليات التسجيل لغير أعضائها، بل تقدم الأعضاء داخلياً وفق منحة جزئية ووفق حسم رسوم متفق عليه، وكانت علاقة المسجلين مباشرة مع المدرسة وسجلوا بناء على رغبتهم بعد اجتماعهم مع إدارة المدرسة".
أرسلنا بريدا إلكترونياً مستقلاً إلى جامعة باريس الثانية للتأكد من صلاحية شهادات المدرسة للقسم العربي، فكان الجواب أنه يستحيل قبول هذه الشهادات في الجامعات الفرنسية أو في الاتحاد الأوروبي.
يقول عامر: "منذ أن رفضت الجامعة تسجيلي أقول لنفسي، هل كنت ضحية خديعة فعلاً؟ وماذا سأفعل بشهادة الماستر هذه بعد الآن؟ وهل يمكنني الحصول على حقوقي، وتعويضي عن خسارة الوقت والمال والضرر المعنوي يوماً ما؟".
والآن بعدما خسر عامر مراد، وحسن البيتي، الوقت والجهد والمال، لا يملكان -ومثلهما عشرات الصحفيين الآخرين- سوى التفكير في كيفية وقوعهم ضحايا على يد زملاء المهنة، بينما يمضي القسم العربي للمدرسة العليا للصحافة قُدماً في بث الدعاية المضللة للإيقاع بضحايا جدد.