بغداد _ العالم
تحت أشعة الشمس الحارقة، وبين نيران الانتظار الطويلة، تصطف طوابير السيارات في كركوك "مدينة الذهب الأسود"، من أجل الحصول على محروقاتها، في مشهد يتكرر أمام محطات الوقود في هذه المدينة الغنية بمواردها النفطية والفقيرة بحصتها من البنزين.
ووسط هذه المعاناة، ينتظر السائقون لساعات طويلة لملء خزاناتهم بنصيبهم المخصص من الوقود، وهو 50 لتراً، وذلك عبر بطاقات التموين الإلكترونية، وتظهر المخاوف من أن الانخفاض في حصة كركوك من البنزين يتراوح حوالي 550 ألف لتر يومياً، بحسب مصدر مسؤول، ما يؤدي إلى زيادة التوترات والانتظارات طويلة.
وفي هذا السياق، يقول عباس احمد (سائق مركبة) إن "المشهد بات مألوفا ويتكرر بين الفينة والأخرى أمام أبواب محطات تعبئة الوقود في كركوك الغنية بوارداتها والفقيرة بحصتها من مادة البنزين"، مبينا أن "الطوابير تصل الى عشرات الكيلو مترات لاستلام خمسين لتر عبر بطاقة الكترونية".
وأضاف أن "المشهد الدائم للطوابير أمام محطات البنزين الحكومية في كركوك يتطلب تدخل وزير النفط لمشاهدة الوضع الذي يتسم بارتفاع درجات الحرارة المرتفعة إلى 45 درجة مئوية أو في ساعات الليل".
ورأى أن "التخفيضات في حصة البنزين تهدف إلى زعزعة استقرار كركوك وزيادة الاضطرابات في المنطقة"، مشيرا إلى "تنظيم احتجاجات حتى إلغاء بطاقات التموين في كركوك".
في سياق مماثل، أكد مصدر مطلع في محافظة كركوك أن حصة كركوك من البنزين تُقدر بمليون وستمائة ألف لتر يومياً على الأقل، ولكنها تُجهز بمليون ومائة ألف لتر فقط، مما يعتبر غير كافٍ لتغطية المحطات الخاصة بالمقارنة مع المحطات الحكومية.
وأضاف المصدر أن العدد الزائد من السيارات المعتمدة على منظومة البنزين قد تجاوز مائتين وسبعين ألف مركبة وفقًا لإحصائيات نظام البطاقات الوقودية المعمول به، مما يستدعي زيادة حصة المحافظة من البنزين.
وأوضح المصدر أن انخفاض حصة البنزين يُعزى إلى قلة الإنتاج من مصافي الشمال وقلة الكميات المتوفرة في مستودعات النفط، رغم جهود الحكومة في افتتاح مصافي جديدة، إلا أن شحة الوقود لا تزال مستمرة وتثير الجدل بين المواطنين.
وأكد المصدر أن هناك 68 محطة مشيدة في كركوك يمكن تجهيزها بالبنزين بصورة مستقرة، ولكن التحدي يتمثل في التوزيع والتنظيم بشكل مناسب وفقًا لتعليمات المنتجات النفطية.
وفي تصريحات سابقة، أكدت وزارة النفط أنها تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة للاستيراد مستقبلاً، إلا أن تأخر وصول البنزين المستورد أثر على توفره في المحطات.
وفي نهاية السياق، يعبر السائق محمود عبد القادر البياتي عن قلقه من استمرار الأزمة، مشيراً إلى تهديدات بتنظيم تظاهرات واعتصامات في حال عدم حل المشكلة في كركوك، معتبراً أن هناك من يستغل مصير المواطنين لأغراض شخصية، فيما يتعرض السكان لطوابير طويلة وأوضاع صعبة تزيد من حدة الوضع.
ويستمر صراع البنزين في مدينة "الذهب الأسود" كما هو، مصدر قلق واستياء للسكان، حيث طوابير السيارات الممتدة والانتظار المرير أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، مع استمرار تقليص حصة المدينة من هذه المادة الحيوية، ورغم التعهدات بتحسين الإمدادات، ما يتطلب حل هذه المشكلة تدخلًا فعّالًا وتوجيه جهود مشتركة لضمان توفير البنزين بشكل مستدام ومناسب لسكان المدينة، حفاظًا على راحتهم واستقرارهم المعيشي.