سلام عادل
بدأت مجدداً أيام شهر محرم في العراق، لتُعيد إلى الأذهان ذكرى فاجعة كربلاء الأليمة، التي حدثت سنة 61 هجرية، وهي حدث تاريخي سيبقى مؤشرا في التاريخ على حجم الخيانات والطمع بالسلطة، وهو ما لم يحصل مثلها على الإطلاق، باعتبار أن الضحايا كانوا عائلة نبي مرسل من السماء، جرى الفتك بهم، وتم ذبحهم من أكبر شخص فيهم إلى الطفل الرضيع، وارتُكبت هذه المجزرة على يد مَن يطلقون على أنفسهم أتباع النبي وخلفائه.
ومن هنا تظهر معاني الاتجاهات السياسية لثاني أكبر طائفة في الإسلام، وهم (الشيعة الجعفرية)، من ناحية كون نضالهم وجهادهم التاريخي كان يتخذ من مسار الإمام الحسين، باعتباره رفض بيعة خليفة لا يستحق الخلافة مثل يزيد بن معاوية، متبنيات في التعامل مع السلطة، التي تعتمد السيف، وليس القيم، معياراً للشرعية وتولي الحكم.
ولعل مقولة الإمام الحسين يوم الطف "إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي، فيا سيوف خذيني"، هي تفسير لمعنى الدين، الذي يعني العدالة والحرية، ويعني الأخلاق والتراحم بين الناس، في معاكسة لمفهوم القهر والاستعباد، وتشكل أيضاً نقداً للاتجاه الآخر، الذي يرى في كون الدولة ينبغي أن تحتكر السلطة، ويكون لها الحق في استخدامها على مَن يعارضها أو يخالفها.
ولذلك استمر الشيعة في معارضة ورفض مختلف أشكال السلطات والهيمنة والاحتلالات بمختلف أشكالها، والتي حكمت وتحكمت بمصائر شعوب المنطقة على مدار 1400 عام، ومصداق ذلك يظهر واضحاً على سياسة إيران، والمقاومين في العراق ولبنان واليمن، بل وصارت هذه المقاومة اليوم دافعاً لتحرير فلسطين بعد 75 سنة من الخذلان، من قبل سلطات تتحكم بالدول العربية والإسلامية من طينة وطراز الحكم الأموي، الذي لا همَّ له غير الاستحواذ والبقاء في السلطة.
ولهذا يتم في كل عام رفع شعار "هيهات منا الذلة" على مدار أيام عاشوراء، وهو من أشهر مقولات الحسين يوم كربلاء، للتذكير بفلسفة الإمام الخالدة، من كون النصر في المواجهة وليس بالخنوع، بالمقاومة وليس بالانبطاح، الأمر الذي حقق من خلاله الإمام نصراً بالدم على السيف، وهو ما نراه اليوم في طوفان الأقصى أو في بحر اليمن أو على حدود لبنان الجنوبية.