علاء كرم الله
لم تعد الأية 119 من سورة الضحى ( فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر، وأما بنعمة ربك فحدث. صدق الله اعظيم)، تحرك فينا مشاعر الشفقة والرحمة والعطف والحنان وخاصة في جزئها ( وأما السائل فلا تنهر)! ، عندما يأتيك السائل كل دقيقة وثانية مادمت واقفا في التقاطع بسيارتك بأنتظار أن يفتح السير، لأننا لم نعد نرى في وجوههم الفقر والمسكنة والعوز والحاجة وحتى البراءة! ، بقدر ما نرى في وجوههم روح الشر والجريمة والشيطنة والكلاوات والنصب والأحتيال! . فقد اختلطت علينا الأمور لأختلاط وجوه المتسولين وكثرتهم ، ولتعدد جنسياتهم! فتجد متسولين ( سوري ، بنغالي ، بتاني ، بلوشي ، أيراني ، وهؤلاء الأخيرين يتواجدون ويكثرون في المحافظات المقدسة ، عند أضرحة الأئمة الأطهار عليهم السلام ، وكذلك عند مراقد رجال الدين / أبوحنيفة ، وعبد القادر الكيلاني ، والشيخ معروف رضي الله عنهم) !. وهنا تسأل نفسك كيف دخل هؤلاء الى العراق ؟ ، هل حصلوا على فيزا الدخول للعراق من أجل التسول وكيف؟! ، وهل وجودهم شرعي في العراق ، أم لا؟ ، لا يمكنك أن تعرف كيف دخلوا؟؟ ، ولا جواب لديك على ذلك؟! ، وعندما تجد هكذا مشهد وتسأل ولا تجد جواب؟ ، فمن الطبيعي أن تزدحم في رأسك الأفكار التي تثير الشكوك والحيرة والخوف لديك؟ ، وتسأل نفسك ثانية: من يقف وراء ذلك؟ هل هناك جهة تقف ورائهم ؟ ، بحيث تمنع الدولة بكل أجهزتها الأمنية من التدخل في شأنهم ؟ بل وحتى الحد من هذه الظاهرة المعيبة والمخيفة بنفس الوقت!؟ ، والأنكى من ذلك أنهم في تزايد ولست مبالغا أن قلت أن أعدادهم يفوق المليون وأكثر؟؟. كما لم يعد خافيا بأن التسول أصبحت مهنة لمن لا مهنة له في العراق! بسبب البطالة!؟ ، ولم لا وهي تدر أرباح وفيرة على أصحابها! ، ويزداد تعجبك أكثر مع شيء من الخوف! ، عندما تعرف وبيقين تام بأن لهؤلاء المتسولين ، رجال مسؤولين عليهم ، يقودوهم ، ويوجهوهم ، ويوزعوهم على مناطق بغداد (نفس الشيء في المحافظات)! ، وخاصة عند التقاطعات ، والمضحك والذي يثير الدهشة ، أن عالم التسول ، فيه ضوابط وألتزامات كثيرة!؟ ، فكل مجموعة لها منطقتها ، وآمرها وقائدها ، ولا يجوز التجاوز عليها من قبل المجموعة الأخرى!؟ ، وأهم ما في هذا العالم الغريب ! ( ولو كل شي شفنه بالعراق وره الأحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق!) ، هو الدفاع عن بعضهم البعض عند حدوث أية مشكلة مع أي مواطن!؟ فيصبحون كتلة واحدة ، وشخص واحد! ، وطبعا المسؤول عنهم يراقبهم عن بعد ، عند حدوث المشكلة! ، فهو ملزم أن يوفر لهم الحماية الكافية!!؟ ، ليس من قبله فحسب ! ، بل حتى من قبل الشرطة او رجال المرور، المتواجدين في المكان بضمان عدم تدخلهم!! ، في حدوث أية مشاجرة ومشكلة مع مواطن ، ويكون موقفهم موقف المتفرج!! . وهنا لابد أن نشير الى الفديو الذي (( أنتشر قبل أيام على مواقع التواصل الأجتماعي بلقاء أجرته فضائية // الوطن تي في// مع شاب يبدو عليه أنه متعلم من خلال حسن حديثه ، حيث تعرض الى 3 طعنات بسكين في ظهره وواحدة في بطنه! ، وكاد أن يفقد حياته! بعد أن حدثت له مشاجرة مع أحد ماسحي زجاج السيارات ، فقد تجمعوا عليه كل من كان يتسول ويبيع في التقاطع وأمام انظار الناس وشرطة المرور ومنتسبي الشرطة ولا أحد يتدخل! ، حتى جاء المسؤول عن المتسولين وطعنه بكل برود في ظهره وبطنه! ، المؤلم في الفديو أنه وبعد الذي جرى له ، أخذ ينصح الناس بأن يتجنبوا المشاجرة وحدوث أية مشكلة مع المتسولين والبائعين وماسحي زجاج السيارات في التقاطعات! ، حتى لا تكون النتيجة مثلما حدثت له! ، ويؤكد وينصح بأن لا تنتظروا من الشرطة ورجال المرور المتواجدين أن يحموكم أو على أقل تقدير يفضون المشاجرة! ، بل سيكتفون بالتفرج عليكم!! // الحادثة وقعت في الحلة / في أحد التقاطعات المرورية ، وبالأمكان مشاهدة الفديو من على اليوتيوب )) . وهنا لابد من الأشارة بأن مثل هذه الحوادث حدثت وتحدث كثيرا في التقاطعات المرورية في بغداد ! وسبق للزميل الصحفي الأستاذ ( شامل عبد القادر/ رئيس تحرير صحيفة المشرق الغراء) أن كتب عن هذا الموضوع قبل أكثر من عام ، وناشد حينها السيد وزير الداخلية لأيجاد حل لهذا الموضوع ، ولكن بلا أية نتيجة وأجراء!؟ . ومن الطبيعي أن عالم التسول هذا لا يخلوا من مخاطر بعد أن صارت له مافيات ومافيات كبيرة وقوية ومحصنة ومحمية!! ، لا تخاف الدولة وأجهزتها ، بل حتى أنها في أحايين كثيرة تضمن حياديتهم عند حدوث أية مشكلة!! ، وهذا ما يحدث دائما أمام مرأى ومسمع الناس!. أما ما تقوم به الدولة بحملات ضد المتسولين ومطاردتهم بين فترة وأخرى ، بعد أن تكثر الشكاوى عليهم ، فهي حملات بسيطة ، وتأتي من باب ذر الرماد في العيون؟! ، فسرعان ما يعودون الى عملهم وأماكنهم بعد أيام !! . وتكمن الخطورة في عالم التسول بكل ما فيه من خطورة ومخاطر، أن عملهم لا يقتصر على ( الكدية)! ، بل يتفرع الى كل الأعمال الأخرى الممنوعة شرعا وقانونا!!؟ ، هذا من جانب ومن جانب آخر ، هو أنه عالم منتشر ومتحرك ، ليس له مكان محدد ومنطقة محددة ، حتى يتم أقتحامها مثل ما حدث في منطقة ( البتاوين) أو مناطق أطراف بغداد! . ومن مشاهد التسول وقصصه التي عرضتها الفضائيات ، أنك تتفاجأ بخريجة جامعة ومتزوجة ولديها بيت ملك ، وزوجها موظف في الدولة ، وهي تمارس مهنة التسول!؟ وعندما سألها مقدم اللقاء ، بعد ان أخفت وجهها وأدارت ظهرها للكاميرا ، لماذا تتسولين فاجابته: ( تعيين ماكو ، شفت الكدية مهنة سهلة ومربحة! ، فألبس حجاب وأغطي وجهي ، وأروح في مناطق بعيدة عن منطقتي ، وأحصل باليوم من 250 ألف الى 300 الف دينار!! والحمد لله ، وفي المناسبات والأعياد فأحصل على قرابة النصف مليون دينار!!) . أن عالم التسول هو ليس عالم المحتاجين والفقراء والمعوزين مثلما كنا نفهم ذلك أيام زمان ، بل هو عالم الجريمة بعينها ، عالم الخارجين عن القانون!! . المشهد الجديد في عالم التسول هو أن المتسول أخذ ، شكلا جديدا ! وهو أن يبيع الكلينكس ، او يمسح لك زجاج السيارات ، أو يبيع لك الورد ، او أي شيء آخر ، وياريت الموضوع ينتهي عند هذا الحد!!؟؟ ، وخاصة بالنسبة لماسحي زجاج السيارات فهم يجبروك ان تقبل بمسح زجاج سيارتك حتى وأن كانت لا تحتاج الى ذلك! ، ( بالكوه ، ويستغلون السيارات التي تقودها أمرأة أو رجل كبير، ويا ويلك أن منعته وصيحت عليه !!، بل عليك أن تترجاه ، بلطف بأنك لا تحتاج الى الكلينكس أو الى مسح زجاج سيارتك ، المهم ان تكون لطيفا ومهذبا معه وألا ستكون النتائج عليك وخيمة ، كما حدث للشاب أبن الحلة!؟) . ويبدو أن الدولة عاجزة عن الحد من هذه الظاهرة التي باتت تشكل هما وخوفا إضافيا على المواطن! ، ولو أن الدولة عجزت تماما ومن بعد 21 عام من الأحتلال الأمريكي البريطاني الغاصب للعراق عن منع كل مايضر ويلحق الأذى بالناس وترسخ له الأمن والأمان الحقيقي وليس الأمن الهش!؟ . أخيرا نقول: أمن وأمان وراحة بال بلا أعمار وجسور ومجسرات ، خير ألف مرة من أعمار بخوف وأنفلات سلاح وجريمة هنا وجريمة هناك وحياة مسكونة بالقلق والخوف! ، أليس كذلك ياحكومتنا الرشيدة؟؟!.