على أعتاب مرحلة جديدة
15-تشرين الثاني-2022
جواد العطار
جاء اختيار السيد السوداني لرئاسة مجلس الوزراء بعد مخاض طويل استمر لأكثر من عام وشهد أقوى الازمات السياسية التي مرت بالبلاد منذ قرابة عقدين بما وصف بالانسداد السياسي الذي كاد ان يعصف بالعملية السياسية، لولا حكمة العقلاء.
فهل تستطيع هذه الحكومة النهوض بالإعياء المحلية والإقليمية والدولية؟ بعد تركة ثقيلة من تصريف الاعمال والحكومة المؤقتة الذي استمر قرابة الثلاث سنوات.
من الصعب تقييم اداء اي حكومة لم يستمر عملها لأكثر من شهر واحد، لكن من الممكن تقييم الظروف الموضوعية المحيطة بها وفرص نجاحها او عبورها للتحديات المطروحة… ومن نظرة بسيطة نجد ان الاوضاع التي سبقت تشكيل الحكومة الحالية كانت تمتاز بالتالي:
١. خلاف سياسي حاد بين اقطاب السياسة العراقية وصناعها: التيار والإطار والاتحاد والديمقراطي، على منصبي رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء.
٢. برلمان معطل لم يجتمع طيلة عام كامل سوى عدة مرات.
٣. شارع ملتهب ومنتفض على كل الاوضاع، من تشرينيين ومدنيين وجمهور الصدريين والعاطلين.
٤. اوضاع اقتصادية خانقة بسبب ارتفاع اسعار الغذاء عالميا وتوقف الموازنة السنوية لعام ٢٠٢٢ والتي لم تقر لحد الان ونحن على اعتاب نهاية العام.
٥. استفحال الفساد ونخره لمؤسسات الدولة دون رادع او عقاب.
٦. تفاقم ازمة الجفاف وتدهور الواقع الانساني والزراعي بسبب شح المياه.
هذه اوضاع ما قبل تشكيل الحكومة على الصعيد المحلي التي امتازت بغياب بصيص الأمل وصعوبة المرحلة وعظم التحدي، بينما كانت الاوضاع الإقليمية والدولية بأفضل حال عن المحلية فقد رعى العراق جلسات الحوار السعودي الايراني في بغداد، وانضم الى تكتل اقتصادي مع مصر الأردن ونجح بمفاوضات الربط الكهربائي الخليجي وتمتع بأفضل العلاقات مع جيرانه والدول الكبرى والمنظمات الدولية لم يشهدها منذ خمسينيات القرن الماضي. لكن ومع الاسف كان النجاح الخارجي على حساب الداخل وزاد من انتكاسته ومشاكله، فهل يكفي نجاح العلاقات الخارجية دون الالتفات الى الواقع الداخلي؟.
ان مهمة السيد السوداني تتمثل اليوم في ايجاد فرص معالجة المشاكل الداخلية بالتخفيف عن كاهل المواطن، اولا؛ باقرار الموازنة وعلى عجل. توفير فرص الحوار السياسي بين فرقاء الأمس ثانيا؛ سواء أكانوا من الحكومة او خارجها. تهدئة الشارع ثالثا؛ بالإلتفات الى مطالبه والاستماع الى شكاويه. ورابعا؛ الضرب على ايدي الفاسدين بخطوات لا تتوقف ولا تستثني اي متورط مهما كان منصبه. والاهم من كل ذلك، الحفاظ على مكتسبات النجاح الخارجي خامسا؛ الذي تكلل بالمرحلة السابقة وتعزيزه بالنجاح في التصدي لتحديات الداخل ومشاكله.