على الطريقة الصينية .. محاربة الجهل والدجل والخرافة
11-كانون الثاني-2023
د. عبدالهادي محمد عبدالهادي*
في “الصين”؛ بعد وفاة “ماو تسي تونغ”، والظهور التدريجي لاقتصاد السوق، ظهرت – أيضًا – الأشباح والأرواح والأطباق الطائرة والاتصال بالعالم الآخر، وغير ذلك من صنوف الدجلنة، إلى جانب بروز الممارسات الصينية القديمة، كالتنجيم والعرافة وعبادة الأسلاف.
نجح الأفراد؛ الذين يزعمون أنهم يتمتعون: بـ”قوى خاصة”، في خداع الكثيرين، وجذبوا إليهم أعداد كبيرة من الأتباع. زعم هؤلاء أنهم يستطيعون التواصل مع الموتى والغرباء، وأن يقوموا بعلاج الأمراض، وأن يطلقوا من أجسادهم طاقة: “مجهولة”، تُسمى: (كي أو-Qi)، هذه الطاقة، يمكنها أن تُغير التركيب الكيميائي للجزيئات على بُعد آلاف الكيلومترات.
مات بعض المرضى تحت وطأة الخدمات الدجلية التي يقدمها هؤلاء، وقُبض على أحد هؤلاء الدجالين وأدين في عام 1993.
وزعم “وانغ هونجشينغ”؛ أحد هواة الكيمياء، أنه ابتكر سائلاً، إذا ما أضيفت مقادير قليلة منه إلى الماء، فإنه يتحول إلى “غازولين” أو ما يُعادله. وظل “وانغ” لفترة، يتلقى التمويل من الجيش والشرطة السرية، وحين أتضح أن اختراعه محض خداع، ألقي القبض عليه وأودع السجن.
ومن الغريب، أن القصة التي ذاعت هي أن ما أصابه من سوء، ليس نتيجة للتزييف، وإنما نتيجة لرفضه الكشف عن وصفته السرية للحكومة !
شعرت حكومة “الصين” و(الحزب الشيوعي) بالإنزعاج من انتشار هذه الممارسات، وعبرت الصحيفة الرسمية عن خطر هذه الممارسات، واعتبارها: “محنة” تمر بها البلاد، كانت المحنة ريفية، وليست مدنية (حضرية)، وقالت الصحيفة: “إن خرافات العصر الإقطاعي تُبعث من جديد في ريفنا”.
حدثت ظواهر مماثلة، مع اختلاف في التفاصيل؛ في كثير من دول العالم، لكن الطريقة التي عالجت بها الحكومة الصينية الأمر، تستحق التأمل.
في 05 أيلول/سبتمبر 1994، قام الحزب والحكومة بإصدار إعلان مشترك قالتا فيه:
“إن التربية العلمية العامة آخذة في الذبول في السنوات الأخيرة، وفي الوقت نفسه، فإن أنشطة الخرافة والجهل آخذة في النمو، وأصبحت المواقف المناهضة للعلم، وكذا ممارسات الدجلنة، كثيرة التكرار. لذا لابد من اتخاذ إجراءات فعالة في أقرب وقت ممكن لتعزيز التعليم العام في مجال العلوم، ذلك أن مستوى التعليم العام في مجال العلوم والتكنولوجيا يُعد علامة هامة على الإنجاز العلمي القومي، وهو أمر له أهمية كبرى من حيث التنمية الاقتصادية، والتقدم العلمي، وتقدم المجتمع. لابد لنا أن ننتبه ونُنفذ مثل هذا التعليم العام، باعتباره جزءًا من إستراتيجية تحديث بلدنا الاشتراكي، ولكي نجعل أمتنا قوية ومزدهرة، فالفقر والجهل لا يُمتان بأي حال بصلة للاشتراكية”.
• باحث أكاديمي وكاتب صحافي