بغداد - العالم
يعدّ علي جواد الطاهر واحدًا من أبرز النقاد الأدبيين في العراق والعالم العربي، الذي ترك أثراً عميقاً في ميدان النقد الأدبي، سواء من خلال مؤلفاته أو من خلال دراساته النقدية التي ساهمت في تطوير الفهم الأدبي للنقد العربي الحديث، كما ترك خلفه إرثاً غنياً من الأعمال التي كانت بمثابة جسر لفهم الأدب العربي بأسلوب علمي وفني رفيع.
علي جواد الطاهر ليس مجرد ناقد أدبي، بل كان أيضًا أستاذًا جامعياً أكاديميًا ومترجمًا. درّس في العديد من الجامعات العراقية والعربية، وكان له تأثير كبير على الأجيال الشابة من الأدباء والطلاب الذين درسوا تحت إشرافه. اهتم الطاهر بالنقد الأدبي الذي يواكب التطور والتغيير الذي شهدته الساحة الأدبية في العالم العربي بعد الحرب العالمية الثانية. فقد كان دائم السعي نحو تحديث الفكر النقدي العربي ليواكب التحديات الحديثة التي تواجه الأدب العربي.
تتميز إسهامات علي جواد الطاهر في النقد الأدبي بتنوعها وعمقها. كان الطاهر من النقاد الذين لا يقتصرون على مجرد تحليل النصوص الأدبية، بل كان يعمد إلى فك شفرات الظواهر الثقافية والاجتماعية التي أثرت في الأدب العربي. كما كان من المدافعين عن أهمية التحليل النفسي في فهم شخصية الكاتب، والعوامل النفسية التي تؤثر على بناء النص الأدبي.
من أشهر أعماله النقدية، التي بقيت مرجعية في تاريخ النقد الأدبي العربي، كتابه الشهير "النقد الأدبي" الذي يعرض فيه مفهومه الخاص للنقد ودوره في تطور الأدب. كما كان له العديد من المقالات والدراسات التي تناولت تطور الرواية والشعر العربي في العصر الحديث.
كان الطاهر صاحب نهج نقدي متوازن، يمزج بين التقليد والحداثة، محاولًا الجمع بين الأصالة والتجديد. كان يعترف بفضل التراث العربي على الأدب الحديث، لكنه في الوقت ذاته كان يعتقد بضرورة التجديد وتطوير الأدوات النقدية لتواكب التحديات الراهنة. وقد كان دائمًا يطرح تساؤلاته النقدية بأسلوب عقلاني بعيد عن الانفعالات، الأمر الذي جعل آرائه محط احترام من العديد من الأدباء والنقاد.
علي جواد الطاهر لم يكن فقط ناقدًا أدبيًا، بل كان من المساهمين الفاعلين في الثقافة العراقية والعربية. كانت كتاباته تمثل مزيجًا من العمق الفكري والقدرة على التواصل مع القارئ العادي. كما كان يؤمن بأهمية التواصل الثقافي بين العرب والغرب، وهو ما تجسد من خلال اهتمامه بالترجمة، فقد ترجم العديد من الكتب والمقالات النقدية من اللغة الإنجليزية إلى العربية.
اليوم، وبعد مرور أكثر من عقدين على رحيله، لا يزال اسم علي جواد الطاهر يتردد في الأوساط الثقافية والنقدية. ولا زالت أعماله بمثابة مرجعٍ لطلاب الأدب والنقد، وهو مثال حي على أن العمل الدؤوب والإبداع الفكري قادر على التأثير والاستمرار على مر الزمن.
لقد أسهم علي جواد الطاهر في تعزيز دور النقد الأدبي في الحياة الثقافية العربية، وكان دائمًا في طليعة النقاد الذين سعوا لتطوير وتحليل الأدب العربي بأسلوب علمي وعميق. رحيله كان خسارة كبيرة للثقافة العراقية والعربية، ولكن إرثه الفكري والنقدي سيظل حيًّا من خلال كتبه وأبحاثه، وسيبقى مرجعًا للأجيال القادمة.