عيوب التيار الإسلامي المشارك في الحكم
27-آب-2022
محمد عبد الجبار الشبوط
طرح الاخوة القائمون على مجموعة "المتابع السياسي" السؤال التالي: ما هي اهم عيوب التيار الاسلامي في العراق التي اظهرتها تجربتنا في الحكم ٢٠٠٣-٢٠٢٢؟
وفي الجواب عن هذا السؤال اقول مختصرا:
العيوب نوعان: عيوب تأسيس وعيوب ممارسة.
اما عيوب التأسيس فعدم وجود رؤية نظرية متكاملة لبناء الدولة.
واما عيوب الممارسة فهي جملة الاخطاء التي ارتكبها الاسلاميون منذ اشتراكهم في الحكم الى الان.
تمثلت عيوب التأسيس في العيب الاساسي المتمثل بعدم امتلاك الاحزاب الاسلامية مشروعا سياسيا علميا لبناء الدولة. بناء الدولة علم وفن يمكن اطلاق عنوان "الهندسة السياسية" عليه، والسياسيون الاسلاميون ليسوا خبراء في هذا العلم. كل القادة الكبار الذين نجحوا في اقامة دول في اوطانهم، اعتبارا من قادة ومفكري الثورة الانجليزية وليس انتهاء بالامام الخميني، كانوا يتحركون وفق نظرية واضحة لبناء الدولة. ربما كان هذا الامر واضحا في ذهن الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، لكنه لم يكن واضحا او حتى متداولا في اذهان الاشخاص الذين شاركوا في حكم وادارة مفاصل الدولة من الاسلاميين منذ عام ٢٠٠٣. وخلق هذا الغياب المفهومي عيوب تأسيس كثيرة مثل التشوش في مفهومي الدولة والسلطة، والخلط بين مفهومي المواطن والمكون وبالتالي دولة المواطنة ودولة المكونات، والمزج غير الخلاق بين الديمقراطية التمثيلية (نموذج ويستمنسر) والديمقراطية التوافقية (نموذج ليبهارت)، وبدعة الاستحقاق الانتخابي في تشكيل الحكومة، والمحاصصة، و تداول مفهوم حكومة الاغلبية خارج سياقها الطبيعي او بيئتها السياسية، وعدم ادراك الفرق بين الكونفدرالية والفيدرالية، او عدم القدرة على منع الخلط بينهما.
اما عيوب الممارسة منذ عام ٢٠٠٣ والى اليوم فكثيرة، منها:
١. الدخول في تجربة الحكم (اعتبارا من مجلس الحكم) مفرقين متناحرين وليسوا متحدين متفقين.
٢. وقد كشفت مقدمات عيوب الممارسة عن نفسها في وقت مبكر في ممارسات الاعضاء الاسلاميين في مجلس الحكم وخاصة النزعة العائلية، والاستحواذ، والمكاسب الشخصية.
٣. اعتماد مبدأ "الانتماء والولاء" في تولي مناصب الدولة المختلفة الامر الذي ادى الى اقصاء الكثير من الطاقات عن الجهاز التنفيذي للدولة.
٤. تولي منصب "رئيس مجلس الوزراء" باليانصيب وليس بناء على "منهاج وزاري" او برنامج للحكومة يتبناه المرشح الداعية للمنصب وهم ابراهيم الجعفري و نوري المالكي و حيدر العبادي.
٥. عدم الاهتمام بتربية الجيل الجديد في مدارس الدولة وفق رؤية لدولة حديثة.
٦. عدم الاهتمام باعداد جيل جديد من السياسيين وقادة الدولة.
٧. عدم استثمار الوفرة المالية في مشاريع ستراتيجية كبرى.
٨. عدم التوجه الى تحديث الادارة الحكومية بصورة سريعة.
٩. عدم الجدية في محاربة الفساد، بل التورط فيه.
١٠. عدم الجدية في توفير وتحسين الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين وخاصة في قطاع الكهرباء والماء والصحة.
١١. عدم القدرة على تطوير وطرح مشروع اسلامي حديث للدولة، ان كان ولابد من الاصرار على وصف "الاسلامي". بقي الفكر الاسلامي للاسلاميين المشاركين في الحكم يدور في اجواء ما قبل المشاركة في الحكم.
١٢. الرضا بالطائفية السياسية على غرار التجربة اللبنانية والتحول الى احزاب طائفية تخص الشيعة وعدم القدرة على التحول الى احزاب وطنية عابرة.
١٣. الرضا بتولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة.
١٤. عدم ادراك طبيعة الانتخاب الفردي وخوض انتخابات عام ٢٠٢١ بنفس عقلية الانتخاب بالقائمة.
ليست جميع العيوب وليدة الذات، وانما قد يكون بعضها وليد الظروف الضاغطة التي مرت بها التجربة مثل الارهاب، وبقايا النظام السابق من البعثيين والمنتفعين، والتدخلات الخارجية، ومضاعفات تولي حزب البعث للسلطة على مدى ٣٥ سنة، ومجمل الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع العراقي.
و لا يعني هذا عدم وجود انجازات، لكنها تآكلت وفقدت قيمتها كما يحصل لاستخدام المكياج في تجميل وجه امرأة قبيحة جدا.
ببساطة، وخلاصة الامر، ان الاسلاميين لم يكونوا مستعدين للحكم.