عِرَاق 14 تمُّوز... المسْرح اَلذِي فقد لَاعبِيه القادرين تَحدِيد اِتِّجاه البوصلة
14-تموز-2024

عصام الياسري
تكمن أهمية ثورة الرابع عشر من تموز 1958 من حيث الجوهر، ليس، تأثيرها على التاريخ والسياسة في العراق وحسب، إنما على المنطقة بشكل عام. إنها كانت بكل المقاييس ثورة حقيقية شعبية اعتباراتها القيمية لاتزال رغم مرور أكثر من ستة عقود ونيف على قيامها وتعرضها للتشويه والتزوير والتزييف من قبل أعدائها، ثابتة، أسست لأول جمهورية وطنية في تاريخ العراق المعاصر.
تعرضت للأسف، مع حلول ذكراها السادسة والستين لأعتى ضربة مأجورة. إذ أصدر البرلمان العراقي، قبل أسابيع، فتواه بإلغائها دون استفتاء شعبي أو اتخاذ إجراء قانوني حيث إن الدستور يؤكد بأن العراق دولة "جمهورية" أُسِّسَتْ أثر ثورة شعبية حددت هويتها الوطنية كجمهورية ولم تتغير، من هنا، يجب على العراقيين، قراءة ودراسة التاريخ الخاص بثورة تموز وتحليل تأثيرها على التاريخ والسياسة في العراق والمنطقة بشكل عام. أيضا من المهم كشف المعلومات والحقائق المتعلقة أو تدور حول ثورة تموز 1958 لزيادة الوعي الشعبي بأهمية هذه الثورة وما حققته من إنجازات اقتصادية وصناعية وإعمارية وسن قوانين مدنية حديثة رغم تعرضها إلى العديد من المؤامرات الداخلية والخارجية.
إن الطريقة والزمان الذي اتخذ فيه قرار إلغاء "اليوم الوطني" لثورة الرابع عشر من تموز، لم يكن منسجما مع الإرادة الشعبية للعراقيين على الإطلاق. قرار، كارثي هدفه تصفية ما تبقى له علاقة "بالهوية العراقية"، وطنيا ودوليا. إذ لم تكن هناك "رسالة أسمى" وراءها: نحن جميعا عراقيون، وبهذا المعنى، ألا يحق لنا أن نفتخر بكوننا عراقيين نظهر مدى سعادتنا وفخرنا بهويتنا وانتمائنا إلى وطن اسمه العراق؟.
ثورة الرابع عشر من تموز 1958 كانت ثورة شعبية تؤرخ تغيير نظام الحكم الملكي في العراق. تمت، بعد فترة طويلة، كان الشعب العراقي ينادي بالحرية والعدالة الاجتماعية وإنهاء وجود الاستعمار البريطاني والنفوذ الأجنبي في البلاد. وترجع أسبابها أيضا إلى العديد من العوامل، أهمها: الاستياء الشعبي العام من سوء الأحوال المعيشية وأساليب القمع والإقصاء السياسي التي تمارس من قبل أصحاب السلطة والنفوذ.
اندلعت الثورة من قبل بعض الضباط الأحرار في الجيش العراقي بقيادة عبد الكريم قاسم ودعم مجموعة من القوى الوطنية والأحزاب السياسية المعارضة. فألغي النظام الملكي وحل مكانه في العراق "نظاما جمهوريا". وقد قامت الحكومة الجديدة بإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية، بما في ذلك تقليص نفوذ القوى الاستعمارية وإصلاح القوانين وتوسيع الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين، وعلى الرغم من بداية واعدة، إلا أن النظام الجمهوري، الذي تأسس، واجه العديد من التحديات والصراعات السياسية في السنوات اللاحقة. وفي 8 شباط 1963، حدث انقلاب عسكري أدى إلى سقوط قاسم وتولي الحكم حزب البعث العربي الاشتراكي. إلا أن ثوار الرابع عشر من تموز يعتبرون من الشخصيات المهمة في تاريخ العراق الحديث، حيث شكلوا تحولا جذريا في نظام الحكم وأسسوا للعديد من التغييرات السياسية والقانونية والحقوقية والثقافية والاجتماعية في البلاد.
لقد فتحت ثورة 14 تموز الأبواب أمام آفاق جديدة وحققت عدة إنجازات خلال سنواتها الخمس أهمها: إقرار دستور جديد تضمن مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وتوزيع السلطات. كما تم إلغاء المفاصل التقليدية للحكم الملكي وإنشاء نظام جمهوري. وخلال الفترة الأولى بعد الثورة، تم تنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية هدفت إلى تحسين أوضاع الشعب العراقي. أيضا، تم إلغاء الضرائب الجبائية الثقيلة على الفقراء، وتحسين ظروف العمل وإقرار حقوق العمال والمرأة والأمومة. كما تم إلغاء العبودية وتعزيز المساواة بين الأعراق والديانات. والتركيز على التطوير الاجتماعي والصحي والتعليمي وتوسيع نطاق التعليم العام وتحسين جودته. وتم تطوير البنية التحتية الاجتماعية بإنشاء المدارس والمستشفيات ومرافق أخرى لخدمة الشعب. وعلى الرغم من التحديات والاضطرابات العديدة التي واجهت الثورة، فقد تمكنت من تحقيق التقدم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وإخراج العراق من الهيمنة الاستعمارية.
أثارت هذه الإنجازات مخاوف بعض الدول الكبرى مما أدى ذلك لاحتدام الصراع في العراق، وكان معقدا شمل أطرافا متعددة تنافست على النفوذ والسلطة. وتشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا كان لهما دور في العمل لإسقاط حكومة عبد الكريم قاسم. إذ لدى البلدين مصالح استراتيجية في المنطقة ومخاوف من تأثير النظام الوطني على مصالحهما. وإن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، قد قدمت بالإضافة إلى تورط بريطانيا في الانقلاب دعما لوجستيا وماليا للمجموعات المناهضة، بما في ذلك أعضاء حزب البعث السابقين الذين تم تجنيدهم للمشاركة في الانقلاب في العراق.
وتؤكد الوثائق بأن انقلاب 8 شباط 1963، كان حدثا خطيرا في تاريخ العراق الحديث. تتحمل مسؤوليته والتخطيط له دولتين استعماريتين، بريطانيا وأمريكا. أدى لمقتل رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم وعدد من أعضاء حكومته، وتصفية آلاف المواطنين من مختلف التيارات السياسية والعقائدية وبشكل خاص الشيوعيين وقيادات عسكرية ووطنية ونقابية عمالية وطلابية، وتم إعدامهم علنيا. وتحول العراق إلى دولة حزبية تقود إلى تطبيق الأيديولوجيا البعثية القائمة على الترهيب والقمع والاضطهاد. أثر على المستوى البشري بشكل سلبي على حرية الرأي وحقوق الإنسان في العراق لفترة طويلة.
اليوم وبعد أكثر من عقدين على سقوط نظام البعث، لا يزال العراق يتسم بالعنف والصراعات السياسية والأيديولوجيا الشعبوية التي لا تضع أهمية لمفهوم الهوية ومفرداتها القيمية وتقود إلى تفكك العراق في أجزاء كبيرة من البلاد. والأخطر: سيطرت الغوغاء على الحكم، درجة أنها تجرأت أن تتجاوز على أهم أسس الدولة الحصرية، إصدار مجلس النواب قرار إلغاء "اليوم الوطني" ممثلا بثورة 14 تموز دون أي مسائله قانونية وشعبية. ذلك يقلق ـ بالتأكيد ـ مختلف فئات الشعب العراقي ويثير مخاوفهم بشأن مستقبلهم والحيرة من غريب يثير الحنين لإعادة الملكية أو نظام البعث بالوكالة...

خسارة هنا مكسب هناك صفقة هيلاري في الحياة والحب والحرية
26-أيلول-2024
«براد بيت مزيف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين
25-أيلول-2024
الرسالة الرابعة
25-أيلول-2024
الامم المتحدة: لا بد من ازالة الصهيونية!
25-أيلول-2024
انتحار نجمة تيك توك «كوبرا أيكوت» وسط صدمة متابعيها
25-أيلول-2024
جبار جودي أمين عام مساعد للاتحاد العام للفنانين العرب
25-أيلول-2024
حقي الشبلي.. عميد المسرح العراقي
25-أيلول-2024
تحذيرات من استخدام اسرائيل للمسيرات لاغتيال قادة المقاومة
24-أيلول-2024
اجراءات قانونية مشددة ضد حركات «دينية» شاذة
24-أيلول-2024
نقيب الصحفيين العراقيين يتلقى رسالة شكر من الامين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية
24-أيلول-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech