فايل
12-كانون الأول-2022
د. نداء الكعبي
فايل، نعم، فايل؛ قد تستغربون للوهلة الاولى من هذا العنوان، فهو ملف، أو حافظة اوراق، او سموها ما شئتم، فمن خلاله يمكن لأحدهم ان يصعد الى سدة الحكم أويحصل على وزارة أو يفوز بمقعد في مجلس النواب، أما ان كنت مواطنا بسيطا فيمكن لفايلك ان يؤمن لك راتبا شهريا بسيطا يمكن ان تعتاش منه، أو يمكن لأحدهم ان يملأ فايلا ببيانات عنك صحيحة أو مزورة، ويدفع به الى جهة متنفذة، فتجد نفسك خلف القضبان، او قد يؤدي الفايل بخطورة بياناته الى حبل المشنقة..
يا لهذا الفايل من خطورة!، لعلكم توصلتم معي لمعنى واهمية الفايل هذا الفايل العجيب!
ومن خلال فايل الرعاية الاجتماعية ستجد النواب الذين انتخبتهم وفازوا في مجلس النواب في مكاتب المسؤولين في وزارة العمل التي تحولت من وزارة العمل الى وزارة الانتخابات! فكم من موظفة بسيطة في وزارة العمل فازت بمجلس النواب بسبب هذا الفايل الخطير! اذ تحسبها جيدا وتسجل عدد من الفايلات للعوائل المتعففة بالمقابل هم سيقدمون لها اصواتهم الانتخابية، لا لسبب انما من باب رد الجميل، ولسان حالهم يقول: انها رتبت الفايل كما ينبغي، واستحصلت لنا راتب الرعاية، وكأن هذا الراتب منحة منها او صدقة، فصار استغلالا للوظيفة والموقع للأغراض الانتخابية، هنا ألا يحق لنا أن نتساءل:
أين النزاهة والشفافية؟ واين الانتخاب بالاستحقاق؟ واصبح الفايل هاجس لدى المواطن والمرشح والنائب وكل منهم يسعى للحفاظ على مصالحه من خلال هذا الفايل وفقا لامكانياته وعلاقاته، واحتاج الاخرين له، واصبح فايل الفقير يمرر الصفقات السياسية والمحاصصة المقيتة، فكل كتلة أومسؤول يحسب عدد فايلاته التي يستقتل لتنفيذها وانجازها في دائرة الرعاية الاجتماعية لكي يضمن اصواتهم كناخبين له.
ويبقى سؤال في خلجات النفس يلح باحثا عن إجابة، وهو؛ الفقير المتعفف، المستحق، الذي لا يعرف كيانا سياسيا، او نائب يأخذ فايله الى الرعاية الاجتماعية، اي باب يطرق لإيصال فايله، والحصول على استحقاقه؟
متى تتوقف الصفقات والمبادلات التي طالت حتى فايل الفقير؟ ويبقى فايل الفقير سواء فايل رعاية او تعين طي الاهمال!
متى ننصف الفقير؟ ومتى يشعر المواطن بحقه في بلده؟ وكل حكومة تأتي تلعن سابقاتها، وترمي باللوم والاهمال في مرمى السابقات والمحاصصة، لكن الفايل الهام يبقى القاسم المشترك في جميع الحكومات..
ويبقى لنا فايل الجنسية العراقية الذي لانملك غيره لانه فايل غير قابل للمساومة وهو اغلى مانملك، ولهم فايلات الانتخابات والرعاية والوظائف ويبقى لنا الوطن وحبه..
لله درك ياعراق!