فك الاختناقات المرورية ام بناء بيوت للفقراء!
13-حزيران-2024

علي الشرع
قال لي احدهم لسنين خلت أن تكلفة تشييد الجسر ذي الطابقين كانت تكفي لبناء 60 الف وحدة سكنية للفقراء! لكن الطاغية حينها اثر ان يلمع صورته امام العالم ويظهرها لهم انه قوي لم يفت في عزيمته الحصار وضحى كعادته بمصالح الشعب العراقي مقابل ان يبقى له رمز يذكّر الناس به كلما مروا على هذا الجسر او ظهر في وسائل الاعلام، وقد نجح فعلاً في هدفه هذا. ولا ادري اذا كان نفس المشهد يتكرر اليوم بعد ان توجه السوداني الى تشييد الجسور بحجة فك الاختناقات المرورية، فاذا كانت تكلفة انشاء هذه الجسور تساوي تكلفة تشييد 60 الف وحدة سكنية للفقراء فقد خان السوداني الشعب العراقي، وصار حاله حال الطاغية السابق وسيورد مورده، هو ومن يدعمه.
فالفقراء لا يستفيدون من فك الاختناقات المرورية، فهم لا يمتلكون سيارات. وإن كانت ثمة استفادة محتملة من الممكن ان تصل لهؤلاء الفقراء فهي مساعدتهم في الوصول بسرعة اكبر وزمن اقل الى مواقع يمارسون فيها عملهم عبر البسطيات المنتشرة هناك التي يكسبون من خلالها قوت يومهم؛ لأن عنوان الحملة الراهنة من خلال النظر الى شموليتها واتساع نطاقها هو "ان نجعل العراق اجمل"( وهي اعم وأوسع من حملة عادل عبد المهدي لجعل مدينة بغداد اجمل) التي أدت وتؤدي الى أزالت بسطيات هؤلاء المعدمين البؤساء، الامر الذي اثار اصحابها من الرجال فخرجوا يبكون على شاشات القنوات الفضائية التي تدعم السوداني، ولم يأبه لهم احد، فقد انشغل السوادني بافتتاح جسوره، وادار ظهره لهم فلم يسال عن حالهم او يوفر لهؤلاء المتعبين بدائل لتوفير لقمة العيش الصعبة. وتعميقاً اكثر للمأساة، فقد امتدت يد الحملة الى ازالة مساكن التجاوز بحيث شهدنا مناظر مؤلمة وحزينة وكأننا في انتفاضة يطارد فيها الشرطة أولئك الساكنين المساكين في هذه العشوائيات ويرد أصحاب هذه البيوت على الشرطة باستخدام الحجارة والاشتباك المباشر من اجل منعهم من تهديم دورهم البائسة أصلا وغير الصالحة للسكن. ولو ان السوداني فكر بهؤلاء للحظة واحدة لقام بتأجيل حملة فك الاختناقات، وشيد عوضاً عن ذلك لهؤلاء منازلاً لائقة لشيّع هؤلاء الفقراء جنازته كما تمنى هو بنفسه عندما عزّى بالرئيس الإيراني وشاهد جموع الفقراء تبكي الرئيس وتخرج عن بكرة ابيها فقال السوداني (ان تشييع الشعب للسيد رئيسي دليل على ان من يخدم الشعب الناس تشيّعه ونحن سنعمل على ذلك)، فهو يعمل من اجل ان يحظى بتشييع مماثل ومهيب!، ولكن الرجل بفعله هذا قد حذا حذو الطاغية، حذو الفذة بالقذة، فهو لا يبحث عن الاجر كما فعل الرئيس الإيراني السيد رئيسي بل أنه يطلب الفخر. فتشييد بيوت الفقراء لن يحظى بتغطية إعلامية مستمرة ومتواصلة بل ستكون التغطية لها مؤقتة وقصيرة ولن يهتم لأمرها احد، وربما لن يعلم بها احد من الناس اللاهين السكارى بفيديوهات التك توك وستنتهي فورة الاهتمام به ما ان ينزل بها الفقراء. اما الجسور فهي شاخصة يوميا أمام أنظار الجميع وستظهر لهم يوميا في فيديوهات المروجين للسوداني في تطبيق التك توك من أصحاب التكسيات والسيارات الخصوصي الذي يسيرون على هذه الجسور فرحين متنعمين بالسرعة وقلة الازدحامات. وهي-هذه الجسور- باقية وخالدة كما بقى الجسر ذو الطابقين سواء جددت ام لم تجدد رئاسة السوداني للحكومة فقد ظفر بما هو أطول عمرا واكثر فخرا بتقديمه خدمة للعاصمة من دون ان يمنع او يقيد استيراد السيارات او دخولها من المحافظات الأخرى، ولكن بالطبع هي تحتاج الى عنصر مكمل حتى تجنب السوداني سخط الساخطين من أصحاب النفوذ الذين تزعجهم عدم سلاسة التنقل من مكان الى اخر وهو ان يضرب التعليم العالي بالصميم ويفرض عليه توقيتات يبكي منها الطالب قبل الموظف، ولن يتراجع عنها ويعدّلها حتى بعد انتهاء الفترة التجريبية، وأتمنى ان يخيب ظني ويتخلى السوداني عن توقيتاته هذه. لكن السوداني يعلم انه لن تجدد ولايته فاذا ذهبت منه الرئاسة فالأولى ان يترك له ذكرى ماثلة امام العيون الى ان يحين الوقت الذي يشيّعه فيه الشعب. وحق الرجل ان يهتم بفئة شيّد لاجلها هذه الجسور، فهي من تديم ذكره وتشيد بإنجازه هذا، وسيبقى له صدى طويل في الإعلام، اما الفقراء فلا صوت لهم ولا صدى، وهو في هذه الحال يغفل عن اختيار الفئة التي تشيّعه.
ان الحكومة انهت تشييد جملة من جسورها الدعائية- كي تظهر للناس انها حكومة خدمات- في اقل من عام واحد ولو انها وظفت هذه السنة في تشييد منازل واطئة التكلفة للفقراء لكنا حللنا مشكلة ومعاناة كبيرة ومأساة لا حد لها. ان هؤلاء الفقراء لا يمكنهم ان يوفروا مبالغاً كبيرة -فوق مستوى دخولهم التي تكفي بالكاد لسد متطلبات الحياة اليومية- لشراء شقق في بسماية مثلاً اذا كان في ذهن الحكومة ان حملة الاعمار ترافقها على خط مواز بناء مجمعات سكنية على طراز شقق بسماية لسد النقص في الوحدات السكنية، لكن مثل هذه الشقق هي لمن يمتلك راتباً شهرياً على الأقل حتى يشتريها بالاقساط، اما من لا يمتلك سوى قوت يومه او يعيش على راتب الرعاية الاجتماعية فلا يوجد مكان يأويه وملائم لوضعه المادي سوى السكن في العشوائيات او أن توفر الحكومة بديلاً له في منازل واطئة التكلفة ليسكن فيها مع بقاء ملكيتها عائدة للحكومة.
فبعد ان تكون بغداد خاصة قد تنفست بعد فك اختناقها تكون الحكومة امام مشكلة العشوائيات التي تملأ البلاد طولاً وعرضاً وليس بغداد لوحدها، ويمكن للحكومة ان تغطي جزء من تكلفة انشاء مثل هذه البيوت المخصصة للفقراء من خلال فرض رسم استخدام السيارات لهذه الجسور يخصص لبناء هذه البيوت؛ لأنه من المعيب جداً ان تمر على منظر العوائل التي تسكن في العشوائيات هذه، في وقت تتفاخر الحكومة انها حلت مشكلة الازدحام في الشارع الذي هو لون من الوان الترف إزاء محنة هذه العوائل وحاجة بعضهم للعمل اللائق.
ان على الحكومة ان ترتب اولوياتها بحسب مصلحة المواطن لا بحسب مصلحة السياسيين الداعمين للحكومة والا فأن عليها لعنة الله والملائكة والناس اجمعين.

النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech