فوربس: «شبح 1994» يطارد الأسواق الآسيوية
31-آب-2022
بغداد ـ العالم
نشرت مجلة "فوربس" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن مخاوف الدول الآسيوية من السياسة التي يتبعها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتأثيرها على أسواقها والتضخم المرتفع؛ وذلك في وضع يشبه الأزمة التي حدثت سنة 1994.
وقالت المجلة، في تقرير الصحفي "ويليام بيسيك" الذي ترجمته "عربي21"، إن آسيا ستظل دائمًا تمتلك مشاعر معقدة تجاه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ألان غرينسبان، فأكثر ما تتذكره القارة أنه تسبب في الأزمة المالية الآسيوية في الفترة بين 1997-1998؛ حيث كان تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي بين سنتي 1994-1995 هو الأمر الذي مهد الطريق لأزمة آسيا.
وحينها عندما ارتفع الدولار واندفع رأس المال غربًا، لم يتمكن المسؤولون في بانكوك وجاكرتا وسيول من الحفاظ على ربط عملتهم بالدولار، كما دفعت موجات تخفيض قيمة العملة الناتجة ماليزيا إلى حافة الهاوية وكادت تجر اليابان معها إلى هذا.
وأشارت المجلة إلى أنه في نهاية سنة 1997؛ أدى اضطراب السوق الشديد إلى انهيار شركة يامايتشي لتداول الأوراق المالية، وهي واحدة من أكبر شركات السمسرة الأسطورية الأربع في اليابان، الأمر الذي تسبب في ذعر المسؤولين في واشنطن، فلم يكن لدى وزارة الخزانة الأمريكية وصندوق النقد الدولي أي قلق من أن اليابان أكبر من أن تفشل.
ولفتت إلى أنهم كانوا يعتقدون أن الاقتصاد الياباني قد يكون أكبر من أن يدخر، ويفسر هذا لماذا أفزعت تعليقات جيروم باول - محافظ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - في 26 آب/أغسطس الجاري؛ آسيا بشدة؛ حيث تخشى المنطقة مما يسميه محافظ بنك كوريا السابق كيم تشونغ سو "شبح 1994".
على مدى العقد الماضي؛ ظهر هذا الخوف من وقت لآخر، ففي سنة 2013؛ وبينما كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يلاحق أسواق السندات، حذر مايكل هارتنت الإستراتيجي في بنك أوف أمريكا من تكرار ما حدث سنة 1994، واعترف لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي لشركة جولدمان ساكس آنذاك، أنه يشعر بالقلق وهو يراقب بحذر فترة 1994.
ومن هنا جاء تأثير تحذير باول بشأن استمرار التحول المتشدد للاحتياطي الفيدرالي لبعض الوقت والذي يشكل بعض الضغط على الأسر والشركات، ويأتي هذا على خلفية إجراءات التضييق الأكثر صرامة التي اتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي منذ التسعينيات.
وذكرت المجلة أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ تحدثت إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، عن تحدي التقلبات الكبيرة القادمة، وقالت إن الوباء والحرب في أوكرانيا أديا إلى زيادة غير مسبوقة في تقلبات الاقتصاد الكلي، والآن يأتي خطر التشديد القوي للبنك المركزي.
وأضافت شنابل: "السؤال الملح هو ما إذا كانت هذه الصدمات، رغم كبرها، ستثبت في النهاية أنها مؤقتة، كما كان الحال مع الأزمة المالية العالمية".
كما حذرت المسؤولة الأوروبية من أن التحديات التي نواجهها من المرجح أن تؤدي إلى صدمات أكبر وأكثر تواترًا واستمرارية في السنوات المقبلة.
وأكدت المجلة أن الضغط التنازلي على العملات الآسيوية مع ارتفاع الدولار كما حدث خلال حقبة غرينسبان سيؤدي إلى الكثير من الفوضى، فعلى مدى العقدين الماضيين؛ فضلت الحكومات من سيول إلى سنغافورة أسعار الصرف الأضعف لتعزيز الصادرات.
والآن؛ بينما أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية والواردات الحيوية الأخرى، تخشى آسيا استيراد التضخم من خلال أسعار الصرف المنخفضة، كما أن مسألة هروب رأس المال باتت مشكلة حقيقية.
ورأت المجلة - في تقريرها - أن أحد أكبر أسباب إحباط آسيا هو أنها تدفع ثمن إخفاقات باول من نواحٍ عديدة، منها الإذعان لمطالب الرئيس السابق دونالد ترامب بخفض معدلات الفائدة في 2019، حتى عندما لم يكن الاقتصاد بحاجة إلى الدعم.
وفي سنة 2021؛ لم يضع باول أي حركات قاسية على لوحة النتائج، فقد وافق على الحجة القائلة بأن التضخم مؤقت، وبحلول الوقت الذي بدأ فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة في آذار/مارس 2022؛ كان الأوان قد فات.
الآن، وبينما يحاول الاحتياطي الفيدرالي اللحاق بالركب، ستكون آسيا ضمن الأضرار الجانبية.
وأوضحت المجلة أنه وفقًا للاقتصادي "تان كاي زيان" من شركة جافيكال للأبحاث والاستشارات المالية والاستثمارية؛ فإن انتقال بنك الاحتياطي الفيدرالي من التيسير الكمي إلى التشديد الكمي يُعرض آسيا بشكل مباشر للخطر.
وقال "زيان" إن "هذا التقشف المتسارع إلى جانب المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة في الوقت الذي تنتهي فيه وزارة الخزانة الأمريكية من خفض رصيدها النقدي، سيؤدي إلى تضخيم أزمة السيولة الجارية بالفعل؛ حيث تعمل البنوك التجارية الأمريكية على تشديد معايير الإقراض الخاصة بها.
وأضاف أنه "من غير المرجح أن تعوض هذا الاستنزاف النقدي، وسيثقل هذا كاهل أسعار الأسهم الأمريكية، ومع ارتفاع تكاليف الاقتراض الحقيقية وخنق الطلب، سيزيد ذلك من احتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة على المدى القريب".
وأوضح: "كما سيؤدي إلى ارتداد آسيا إلى الوراء وعلى الرغم من أن المنطقة قد أحرزت تقدمًا في فطام نفسها عن الصادرات وخلق المزيد من قطاعات الخدمات الديناميكية، فإن أي انخفاض في الطلب الأمريكي سيضر الصين وباقي دول آسيا بشدة".