بغداد ـ العالم
سلط تقرير أمريكي، الضوء على الاستعدادات الإسرائيلية للحملة البرية المرجحة على قطاع غزة لـ"سحق وتدمير" حركة حماس، مشيراً إلى تساؤلات عدة حول كيفية استعداد حماس لمواجهة هذا الغزو، وما إذا كانت إسرائيل مستعدة لما يمكن أن يكون معركة طويلة الأمد، والوقوع في مخاطرة تكرار نسخة من التجربة الأمريكية خلال غزو العراق.
وأشار موقع "فلاغر لايف" الأمريكي، في تقريره إلى عملية "الرصاص المسكوب" التي استمرت 3 أسابيع ما بين كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى كانون الثاني/ يناير 2009، والتي أوقعت مئات القتلى في صفوف الفلسطينيين، و13 من الجنود الإسرائيليين على الأقل.
لكن بعد عملية 7 اكتوبر/تشرين الاول التي شنتها حماس، وثم تكثيف اسرائيل غاراتها الجوية على غزة، فإن المجتمع الدولي يتوقع حدوث غزو بري، لكن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما اعتبر أن أي عملية برية اسرائيلية يمكن ان تكون "نتائجها عكسية" في حال لم تتوفر الحماية الكافية للمدنيين.
ورأى التقرير الأمريكي، أن "الاشتباك، سيكون كبيراً، ومن المتوقع أن يجري في مناطق حضرية بشكل مشابه للمعارك الاخرى التي دارت على مدار الـ20 سنة الماضية في مناطق اخرى من الشرق الاوسط ضد المسلحين العراقيين وتنظيم داعش، وبالتالي يختلف تماماً عن المواجهات المحدودة التي حاولت إسرائيل خوضها في غزة حتى الآن.
وبحسب التقرير، فإن العمليات القتالية داخل البيئات الحضرية المكتظة بالسكان، تعتبر من بين أكثر العمليات تعقيدا بالنسبة للمخططين العسكريين والقوات، وذلك لاسباب عدة، من بينها المساحة المادية مكثفة، وتتواجد هياكل فوق الأرض أو شبكات تحت الارض تؤمن بيئات واسعة للمقاتلين من اجل شن هجمات، ان تتمكن من الاختباء فيها والتحرك من دون أن يتم اكتشافها.
وبالاضافة الى ذلك، هناك ممرات ضيقة مثل الازقة او الطرقات التي يتحتم على الوحدات العسكرية المهاجمة المرور من خلالها. وبحسب التقرير، فانه توجد ايضا أعداد كبيرة من المدنيين غير المقاتلين، وهو ما يعني انه يمكن لهذه العوامل ان تؤدي الى تعقيد قدرة حتى افضل الجنود تدريبا على تحقيق اهدافها، وفقاً للتقرير.
وتابع التقرير الأمريكي: "رغم أن إسرائيل تقول إنها قتلت اكثر من 1500 مقاتل خلال هجمات 7 اكتوبر/تشرين الاول وفي الايام التي تلتها مباشرة، إلا أن تقديراتها تشير إلى إن حماس ربما يكون لديها عشرات الآلاف من المقاتلين المسلحين تسليحاً جيداً.
لكن التقرير، لفت الى عدم وجود أي مكان لدى مقاتلي حماس للجوء اليه في مواجهة أي هجوم تشنه إسرائيل، اذ أن حدود القطاع مع اسرائيل مغلقة، مع وجود فتحات محدودة فقط عند معبر رفح مع مصر للسماح بدخول المساعدات الانسانية، لهذا وفي ظل عدم وجود مكان للذهاب اليه، فإن المرجح هو أن حماس ستقرر الصمود لمقاتلة الغزو الإسرائيلي.
ورأى التقرير أن في ظل وضع كهذا، فإن حماس ستلجأ الى الانتحاريين والاسلحة التي تمتلكها وتلك بمقدورها أن تصنعها، ومن خلال الاعتماد على مزيج من القنابل المزروعة على جوانب الطرق، والافخاخ المتفجرة، والقذائف الصاروخية، والاسلحة الالية، ومدافع الهاون، والقناصين.
وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير ان حماس قامت ايضا ببناء شبكة واسعة من الانفاق تحت الارض في كافة انحاء غزة، والتي سوف يستخدمها مقاتلوها للاختباء والتنقل، في حين ان حملة التدمير الجوي التي قامت بها اسرائيل ستساعد حماس لانها تسببت في خلق اكوام من الانقاض مما يجعل من الصعب على القوات الاسرائيلية التحرك في الميدان.
وأمام إسرائيل مخاطرات سياسية وانسانية أخرى بحسب التقرير، إذ أن هناك عشرات الاسرى بايدي حماس، ومواقع احتجازهم غير معروفة، وحتى لو جرى اطلاق سراح بضعهم قبل بدء الغزو البري، فان الهجمات الاسرائيلية قد تؤدي الى مقتل او جرح من تبقى منهم. وأضاف أن "عمليات الانقاذ ستتطلب معلومات استخباراتية دقيقة وتخطيطا عسكريا دقيقا للعمل في منطقة محدودة جدا تشهد في الوقت نفسه قتالا واسع النطاق". وبما أن القوات الاسرائيلية لم تواجه هذه الظروف كثيراً أو منذ فترة طويلة جدا في الماضي، إلا أن جيوش الدول الاخرى واجهتها وفق التقرير، الذي أشار في هذا السياق الى معارك الفلوجة في العراق، عامي 2004 و2005 عندما حارب الاف الجنود الامريكيين من "المارينز"، والجنود من الدول الاخرى، من خلال تحالف دولي، ضد المتمردين العراقيين وأعضاء تنظيم القاعدة في الفلوجة.
وبين التقرير الأمريكي، أن في حين ألحقت القوات الامريكية خسائر كبيرة بخصومهم، إلا أن خسائر جسيمة نزلت ايضا بصفوف الجنود الامريكيين وحلفائهم، موضحاً أن خلال معركة الفلوجة الاولى، قتل 38 جنديا أمريكيا وجرح ما لا يقل عن 90 آخرين، فيما قتل ما لا يقل عن 200 من تنظيم القاعدة او المتمردين العراقيين، وسقط عدد غير معروف من المدنيين. أما في معركة الفلوجة الثانية، التي جرت في وقت لاحق من العام 2004، فان القوات الامريكية تكبدت 38 قتيلا و275 جريحا، مع مقتل ما يصل الى ما بين 100 و1500 متمرد وإصابة 1500 اخرين.
وبحسب التقرير، كانت هاتان المعركتان سوية، أكبر معركتين حضريتين تخوضها القوات الأمريكية خلال حرب العراق، التي تسببت ايضا بتدمير جزء كبير من المدينة التي كان يقطنها نحو 250 ألف نسمة، ما تطلب جهود إعادة إعمار ضخمة قبل أن يتاح للسكان العودة إليها، ليتم تهجيرهم مجدداً عندما ظهر تنظيم داعش وقاتل الحكومة العراقية.
وفي هذا الصدد، ذكر التقرير بأن قوات قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والجيش العراقي، تغلبوا على مقاتلي داعش في معارك جرت في مدن مثل الباغوز والرقة في سوريا، والموصل في العراق، وهي معارك ادت الى مقتل او أسر عشرات الآلاف من مسلحي داعش، بينما اختبأ الناجون منهم.
وخلص التقرير الأمريكي، إلى القول إن "البنتاغون أرسل قبل أيام، الجنرال جيمس غلين ومستشارين عسكريين آخرين، الى اسرائيل للتشاور بشأن خطط العملية البرية في غزة، مشيراً إلى أن "غلين سبق له أن قاتل في الفلوجة، كما قدم المشورة للجيش العراقي في حربه ضد داعش في الموصل".
وأردف التقرير بالقول: "من المتوقع ان يقوم الجنرال غلين، بتقديم المشورة للاسرائيليين بناء على خبرته الطويلة في المعارك الحضرية، بما في ذلك كيفية الحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وبما أن لا أحد لديه المعرفة في كيفية تطور الأحداث في غزة خلال الأيام المقبلة، أشار التقرير الأمريكي، إلى أن "في حال شنت إسرائيل حملة برية، فإن من شبه المؤكد سيكون القتال بين الجيش الاسرائيلي وحماس عنيفاً وصعباً، وسوف تكون الخسائر في صفوف كافة أطراف الصراع عالية، إذ أن المعارك الحضرية التي ستحدث قد تكن شبيهة بتلك التي جرت في الفلوجة أو المعركة ضد داعش لاحقاً".