بغداد ـ العالم
أجرى موقع "جيش" (ميليتري) الأمريكي، المتخصص بالشؤون العسكرية، مقارنة بين مدينة الفلوجة العراقية، وغزة الفلسطينية، حيث جرت في الأولى معركتين كبيرتين في العام 2004، وتجري في الثانية معركة محتدمة الآن، فبرغم الظروف الجغرافية المتشابهة، إلا أن الظروف السياسية والتكتيك العسكري تضمن اختلافات عدة.
وبداية وصف التقرير المعركتين اللتين جرتا في الفلوجة العام 2004، بأنهما اصبحتا من بين أكثر المعارك التي جرت خلال عقدين من الحرب على الإرهاب.
وبعدما نبه التقرير إلى أن الفلوجة كانت تؤوي حوالي 300 ألف شخص يقطنون بما بين 40 ألفاً الى 50 الف منزل وشقة موزعة على مساحة 25 كلم مربع، بينما تبلغ مساحة مدينة غزة ضعف هذا الحجم تقريبا، حيث يسكنها 800 ألف نسمة في مساحة 44 كلم مربع، وهما مدينتان متشابهتان في الجغرافيا وفي تركيبتهما.
لكن التقرير أشار الى اختلاف لافت للنظر فيما يتعلق بالعمليات العسكرية المحتملة، مردفاً بالقول إن معظم السكان في مدينتي غزة والفلوجة، فروا قبل الهجوم عليهما.
ورأى التقرير الأمريكي، أن النجاح في معركة الفلوجة اعتمد على التقدم المنسق لوحدات المشاة الصغيرة التي تتمتع بالخبرة، مذكرا بأنه كانت هناك معركتان منفصلتان.
واوضح انه في نيسان/أبريل 2004، قتل 4 مقاولين أمريكيين في الفلوجة، وكرد على ذلك، أمر البيت الأبيض الجنرال جيم ماتيس باحتلال المدينة، برغم أنه كان ينصح قيادتهم بخلاف ذلك.
وبين التقرير أن ماتيس بدلا من استخدام القوة النارية الثقيلة، اختار التقدم نحو المدينة بسرعة مستخدما وحدات مشاة صغيرة، حيث تقدمت 50 فرقة صغيرة نحو نصف المسافة عبر المدينة خلال أقل من أسبوع، بدعم من غارات جوية دقيقة.
ولفت إلى أنه بينما ركز الاعلام اهتمامه على الخسائر في صفوف المدنيين، فإن ذلك دفع الرئيس جورج بوش الى التراجع عن المضي قدما، وامر ماتيس بأن يسحب القوات الامريكية المتوغلة.
وقال التقرير إن قوات المارينز تلقت أوامر في نوفمبر/تشرين الثاني 2004، بأن تستعيد المدينة، وتطلب الهجوم استخدام قوة نارية أكبر بكثير للقضاء على المسلحين الذين كانوا تحضروا طوال 6 شهور.
وزاد التقرير بالقول: "بينما تم في هجوم أبريل/نيسان، شن 150 غارة جوية ودمرت 100 مبنى، ولم يتم استخدام المدفعية سوى فيما ندر، فإنه في هجوم نوفمبر/تشرين الثاني، جرى استخدام 14 ألف قذيفة مدفعية وقذيفة هاون و2500 قذيفة دبابة، الى جانب شن 540 غارة جوية، ووقعت أضرار أو دمار بـ18 ألف مبنى.
وأوضح، أن خلال المعركتين، تم تنفيذ 700 غارة جوية خلال 34 يوماً من القتال، في حين أن اسرائيل تخطت هذا العدد بالفعل، بينما ان معركتها البرية لم تبدأ حتى الآن.
واعتبر التقرير الأمريكي، أن الجيش الاسرائيلي يفتقر إلى العديد من وحدات المشاة الصغيرة التي تتمتع بالخبرة القتالية كالتي استخدمتها الولايات المتحدة في الفلوجة. وبحسب التقرير، فإنه سيتم خوض العملية البرية في غزة بنيران واسعة النطاق وغير مباشرة، مما سيتسبب بالحاق اضرار مادية أكبر بكثير.
ورأى التقرير أن الوضع نفسه ينطبق على ما يتعلق بالدعاية الاعلامية وتأثيرها على السياسة، مذكرا بأنه عندما صورت الصحافة هجوم المارينز في نيسان/ابريل العام 2004 على أنه مثير للصدمة، اضطر بوش الى توجيه الأوامر للقوات الامريكية بالانسحاب، ثم سيطر تنظيم القاعدة وفصائل أخرى من الجماعات المتمردة على المدينة.
وبالنسبة لحالة غزة، فقد اعتبر التقرير انه كان هناك رعب واشمئزاز مما فعلته حماس ما استحضر تأييد الصحافة الاميركية على نطاق واسع للمعركة البرية المقبلة التي ستخوضها اسرائيل، وهو ما يعني تقبل فكرة الدمار الواسع والمعاناة المدنية.
وأشار التقرير الأمريكي، إلى أنه بينما تعهد بايدن بتقديم الدعم الكامل لاسرائيل، بما في ذلك الاسلحة والذخائر، فانه من غير المعروف ما اذا كانت اسرائيل ستسمح للصحفيين بأن يتواجدوا مع قواتها البرية.
وبرغم ذلك، نوه التقرير بأن خلافاً لما حدث في معركة الفلوجة في نيسان/ابريل 2004، فانه ما من سبب يدعو للاعتقاد بأن التغطية الصحفية للمعركة، ستغير بشكل كبير مدى متانة الدعم الذي يقدمه البيت الأبيض.
وفي وقت تختلف الفلوجة وغزة من حيث طبيعة العمليات العسكرية والتصميم السياسي، إلا أنهما متشابهتان في افتقارهما المتبادل إلى فكرة وضع حل نهائي، وفق التقرير.
وذكّر بأن بعد استعادة الفلوجة في أواخر العام 2004، لم يكن هناك أي تحرك لسحق قبضة تنظيم القاعدة في الرمادي على الفور.
وبالمثل فيما يتعلق بغزة، خلص التقرير إلى عدم وجود أي تحرك من جانب صناع القرار في الولايات المتحدة للاعتراف بأن إيران هي القوة المسيطرة خلف حماس، وليس هناك ما يشير الى أن إدارة بايدن تدرك أن العداء الإيراني غير قابل للحل.