كتاب عراقي يتحدث عن الصورة المأساوية لتطور مشهد الحرب في العراق
6-آذار-2023
بغداد ـ العالم
ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن كتاب "غريب في مدينتك" الذي سيصدر خلال أيام، يتناول الصورة المأساوية لتطور مشهد الحرب في العراق، وحكايات عن هؤلاء الذين حاولوا الاستفادة بالتربح منها.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الكتاب هو لمؤلفه العراقي غيث عبد الأحد، الذي يحمل أيضا الجنسية البريطانية، وهو من مواليد بغداد التي ترعرع فيها، وتدرب كمهندس معماري قبل أن ينخرط في عالم الصحافة بعد فترة قصيرة من الغزو الامريكي العام 2003.
وأشارت "الغارديان" إلى أن الكتاب يؤرخ لعقدين من الاضطرابات العراقية، من خلال المزج ما بين المذكرات والتقارير والمقابلات، والتي تروي قصة كارثة الانهيار المجتمعي الذي بلغ ذروته في العنف والإرهاب بمستوى لم يسبق له مثيل.
وقال عبد الأحد الذي عمل سابقا لصالح "الجارديان" ومراسلا غطى الشرق الأوسط، ونال جائزة "اوريل للصحافة" العام 2014، مقارنة بين الماضي والمرحلة التي يتناولها قائلا "كنا نعرف معايير الخوف، وكيف ننجو، وفي خضم هذه الفوضى، لم يعد أحد يعرف شيئا".
وفي كتابه، "غريب في مدينتك"، يعود عبد الأحد الى المراحل السابقة من التاريخ، بما في ذلك حرب الثماني سنوات مع إيران خلال الثمانينيات، والحرب التي استمرت 40 يوما بعد احتلال الكويت في 1990-1991 وما تلاها طوال 13 عاما من العقوبات الدولية. ثم الغزو في العام 2003، وما نتج عنه من تمرد مسلح، والانزلاق الى الفوضى التي يتناولها في الكتاب بشكل رمزي من خلال ماساة نهب المتحف الوطني، ثم تعيين مجلس الحكم الذي سيؤدي الى قيام تحالف بين امراء الحرب الفاسدين، وتحويل العراق الى احد اكثر دول العالم فسادا.
كما يتناول الكتاب تدهور حالة الدولة والمجتمع والسقوط في اللصوصية والطائفية وتفشي الفصائل الدينية والسياسية، وصولا لاحقا الى صعود تنظيم داعش.
وفي المقابلات الواردة في الكتاب، تتناول الدوافع الشخصية للمواطنين العراقيين العاديين الذين انخرطوا في الارهاب الطائفي، حيث يتحدث الى مجموعة من المسلحين السنة والشيعة، و"جهاديين" من الشباب تحدثوا عن الموت بشيء من الرغبة. ويتناول الكتاب عن الصراع الممزوج بالانتهازية التجارية المثيرة للسخرية والاقتناع الديني، حيث مثلا يتحدث الى تاجر اسلحة سني يقول انه يشتري كميات كبيرة من رصاص بنادق "ايه كي-47" من ضابط أمريكي فاسد، وذلك بمساعدة مالية من متبرعي في دول الخليج. ويقول التاجر إنهم "يعطونك المال من أجل قتل الشيعة، ونستولي على منازلهم ونبيع سياراتهم. والشيعة يقومون بالأمر ذاته".
كما ينقل الكتاب عن أحد رجال الميليشيات الشيعية في مدينة الصدر قوله "نحن نطلب من العائلات، فدية، وبعد أن يدفعوا الفدية، نقتلهم على أي حال". وتقول "الجارديان" إن الكتاب يمثل قراءة قوية تتضمن روايات عن العنف والتعذيب والابتزاز. وتقتبس عن مقطع مؤثر في الكتاب حيث تروي إحدى الأمهات في بغداد، كيف ان اربعة من ابنائها الخمسة قتلوا على يد متطرفين، بينما اعتقل الخامس على أيدي ضباط شرطة فاسدين. وتقول المرأة انهم "كانوا يتصلون بنا من السجن، ويقولون ان ابنك يتعرض للتعذيب وسيموت إذا لم تدفعي، ودفعنا ودفعنا. ماذا يمكنني ان افعل؟ انه اخر ما لدي". وبعدما لفت التقرير إلى أن الشهر المقبل يصادف الذكرى العشرين لغزو جورج بوش وتوني بلير للعراق، ينقل عن عبد الأحد قوله في الكتاب أن الفكرة أسيء فهمها منذ البداية موضحا انه "لا يمكن لأي مستوى من التخطيط أن يحول احتلالا غير شرعي إلى تحرير". ويتابع قائلا إنه خلال عهد صدام حسين كان هناك مستوى متحجر من التطور الاجتماعي والفني والاقتصادي، مضيفا أن "حمام الدم الذي أعقب الإطاحة به "شل الديمقراطية بشكل دائم في الشرق الاوسط". وفي كتابه يعبر عبدالاحد عن فكرة مفادها ان الامة العراقية والمتمثلة بكلمة وطن، قد تآكلت، "عندما فشلت الدولة في حماية مواطنيها أو اعالتهم،" وان العشيرة" و والعائلة والطائفة ظهرت كهياكل سلطة بديلة.
في إحدى المقابلات الواردة في الكتاب، يقول استاذ اسمه علي ان "أسوأ شيء هو أن التلميذ يعرف نفسه فقط من خلال هويته الطائفية، فهو شيعي من مدينة الصدر او من البياع. لم يعد هناك وطن ولا أمة بعد الآن".