محمد سنجالة
شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تداعيات واسعة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وانخفاض قيمة العملات، مما أدى إلى ضغوط تضخمية أثرت على حياة السكان، خاصة مع استمرار التعافي من جائحة كورونا، والتأثر بالحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على غزة.
وأدى ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي خلال العامين الماضيين، مما انعكس سلبا على التوظيف والأجور، وفقا للبنك الدولي، بالإضافة إلى تأثيره على موازنات الدول العربية لعام 2025.
وتشكّل كتلة الرواتب والأجور جزءا كبيرا من موازنات الدول العربية، حيث تبلغ في السعودية 43.6% من المصروفات بقيمة 561 مليار ريال سعودي (حوالي 149.6 مليار دولار)، وفي الجزائر تصل إلى 5843 مليار دينار جزائري (حوالي 43 مليار دولار)، بنسبة 34.79% من الميزانية.
أدت الصدمات الإقليمية والعالمية التي ضربت المنطقة خلال السنوات الماضية إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل بأكثر من 5 ملايين شخص، وهو ما يزيد عن مستويات البطالة المرتفعة بالفعل، التي ميّزت المنطقة حتى قبل انتشار جائحة كورونا، وفقا لـ"منتدى البحوث الاقتصادية".
ومع الصدمات السلبية، ينخفض الطلب على العمالة، مما يؤدي إلى توازن غير مرغوب فيه بين ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الرواتب والأجور الحقيقية، ويُعد تحسين مرونة الأجور الحقيقية أحد السبل للحد من الأعباء المعيشية التي تواجه الأسر.
ورغم الأزمات المتكررة في المنطقة، يتوقع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن تسجل معظم اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفاعا في النمو الاقتصادي خلال عام 2025، ومع ذلك، ستظل التحديات البنيوية وعدم الاستقرار السياسي والتوترات الجيوسياسية عقبات رئيسية أمام تحقيق التنمية المستدامة.
زيادة البطالة وضعف الأجور
يتوقع البنك الدولي أن يرتفع النمو الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.8% في عام 2025، مقارنة بـ2.2% في عام 2024. ومع ذلك، لم ينعكس هذا النمو على توفير وظائف كافية أو تحسين الأجور، ومن المتوقع أن يظل معدل البطالة بين الشباب أعلى من 24%، وهو ما يشكل تهديدا مستمرا للاستقرار الاجتماعي.
ضعف الموازنات العامة وارتفاع التضخم
تشهد الموازنات العامة لدول المنطقة ضغوطا مستمرة، حيث أدى انخفاض عائدات النفط في عام 2024 إلى تضييق الفوائض في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.
ومن المتوقع أن تواجه الدول النامية المصدرة للنفط عجزا ماليا بنسبة 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، فيما تستمر البلدان المستوردة للنفط في مواجهة عجز مالي وعجز في الحساب الجاري، مع ارتفاع الدين العام، وفقا للبنك الدولي.
من المتوقع أن يرتفع التضخم قليلا إلى 2.7% في عام 2025، مع تباين بين دول المنطقة: 2% في دول مجلس التعاون الخليجي، و4.9% في الاقتصادات النامية، وضغوط تضخمية شديدة في دول مثل اليمن (20.7%) ومصر (17.2%).
وهذا التضخم سيؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للأسر، مما يعمّق الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.
أهمية زيادة الرواتب والأجور في تنشيط الاقتصاد وفقا لمنصة "إنفستوبيديا"، تؤثر زيادة الرواتب بشكل مباشر وإيجابي على الاقتصاد عبر عدة محاور:
تحسين مستوى المعيشة: تساعد الزيادة في الرواتب على توفير دخل كافٍ للعاملين لتغطية تكاليف المعيشة المتزايدة، مما يعزز جودة حياتهم. خفض معدلات الفقر: مع زيادة الرواتب، تستطيع العديد من الأسر ذات الدخل المحدود تجاوز خط الفقر، مما يحسن استقرارها المالي والاجتماعي.