كيف يؤثر غياب ناخبي مناطق الزلزال على الانتخابات التركية؟
14-أيار-2023
بغداد ـ العالم
دشنت الأحزاب السياسية الكبيرة في تركيا مهمة انتخابية استثنائية حتى نهاية الأسبوع المنصرم، تمحورت حول مساعدة مليون شخص فروا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب شمال البلاد في فبراير (شباط) على العودة إلى مسقط رأسهم، وهي 11 مقاطعة أسفرت عن نتائج متفاوتة بشكل حاد في الانتخابات الرئاسية السابقة.
وتشير استطلاعات الرأي، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز"، إلى أن هذا العدد من الناخبين يمكن أن يكوّن قوة مهمة في السباق الانتخابي الأكثر إثارة للجدل في تركيا والذي يترتب عليه اختيار رئيسا جديدا للبلاد بين أبرز مرشحين هما الزعيم التركي منذ عقدين رجب طيب أردوغان، وكمال كليتجدار أوغلو، الذي يمثل المعارضة.
مخاوف بشأن نزاهة الانتخابات
وأدى الوضع اليائس والتحدي اللوجستي المروع إلى زيادة المخاوف القائمة منذ فترة طويلة بشأن نزاهة الانتخابات التركية بعد الانزلاق في عقدين من عهد أردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه.
وفي مدينة أنطاكيا التي ضربها الزلزال، عاصمة إقليم هاتاي الجنوبي، يقول سيرفيت مولاو أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، إن فريقه تلقى آلاف المكالمات الهاتفية ورسائل وسائل التواصل الاجتماعي من أشخاص يسعون للعودة من أجل التصويت بالطريقة الوحيدة الممكنة بموجب القانون التركي.
وقال إن الحزب سيدفع ثمن تذاكر الحافلات والوقود، ويبحث عن أماكن إقامة لهم في الخيام، ويرتب السيارات ويستأجر الحافلات لإعادة الناجين. وقال مولاو أوغلو، متحدثاً من أمام جدار مكتب خلفه متصدع من أعلى إلى أسفل بسبب الزلزال فبراير: "سنتركهم ينامون في سياراتنا".
وتقول الصحيفة وفقا لتحليلاتها، إن الأرقام المتضررة ضخمة، إذ ما يقرب من سدس الناخبين في تركيا يعيشون في منطقة الزلزال، وقد نزح عدد كبير من منازلهم حوالي 3 ملايين، وفقا للحكومة، تاركين المكان الذي يجب أن يسجلوا فيه لدى السلطات الانتخابية
شريحة ضخمة من الناخبين
وتشير الصحيفة إلى أن معظم هؤلاء الأشخاص موجودون في مدن مؤقتة من خيام أو مهاجع أو غيرها من المرافق الرسمية التي بنيت إثر الزلزال، ولديهم إعفاء خاص للتصويت في المكان الذي يعيشون فيه الآن. لكن ما يقرب من 1 مليون شخص ما زالوا من الناحية النظرية بحاجة إلى العودة إلى موطنهم الأصلي، وهي شريحة كبيرة من الناخبين في المنطقة.
وقد سلط المراقبون الضوء على احتمال حرمان الناس من أصواتهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، حيث أجرى وفد من مجلس أوروبا، زار منطقة الزلزال الشهر الماضي، مقابلات مع مجموعة من السياسيين والمسؤولين والمراقبين، حيث لم يتبين ما إذا كان الكثيرون سيكونون قادرين على الإدلاء بأصواتهم.
وقال وفد الجمعية البرلمانية في تقريره: "هذا أثار مخاوف بشأن التنظيم اللوجستي للانتخابات في المناطق المتضررة من الزلزال (بما في ذلك مواقع مراكز الاقتراع)".
لقي أكثر من 50 ألف شخص مصرعهم في أشد زلزال تشهده تركيا منذ قرن من الزمان. وتوجد صفوف من المباني المتضررة بشدة شاغرة في منطقة مترامية الأطراف في وسط أنطاكيا، ولا يزال العديد منها مليئا بالأثاث الذي ترك وراءه بينما هرع الناجون إلى الجوار في 6 فبراير (شباط).
نتائج مهمة وحاسمة
ويواصل العمال إزالة أكوام الركام الضخمة المتناثرة بقضبان حديدية مشوهة وشظايا خرسانية، بينما لا يزال من الصعب اجتياز الطرق المتربة بسبب الحفر والحطام المتناثر.
من جهته، يقول لطفو سافاش وهو عمدة بلدية هاتاي متروبوليتان، إنه يتوقع أن يعود 10-15% فقط من الناخبين الذين فروا والبالغ عددهم 200 ألف للإدلاء بأصواتهم.
وترى الصحيفة أن النتائج من هذه المقاطعة مهمة وحاسمة لأنه في انتخابات 2018، مكنت 6 نقاط مئوية فارقة في هذه المقاطعة أردوغان من الفوز على خصمه الرئيسي. ويشير سافاش إلى أن إعادة جميع الناخبين إلى ديارهم سيتطلب "جهداً هائلاً"، مقدراً أنه من الناحية النظرية سيحتاج إلى ترتيب ما يقرب من 4000 حافلة للنازحين، وهو حل مستحيل عملياً نظرا للظروف المشحونة على الأرض، حيث تجعل حتى التعامل مع الأعداد الصغيرة أمراً صعباً.
ويعيش العديد من النازحين محلياً في مستوطنات عشوائية انتشرت في جميع أنحاء منطقة الزلزال، على سبيل المثال أمام المنازل أو المباني المنهارة، بينما فر آخرون إلى المدن التركية مثل المدن الساحلية مرسين وأنطاليا، وكذلك المناطق الحضرية الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة.
جهود لعودة الفارين
وتم إعادة تسجيل 133 ألف شخص فقط في جميع أنحاء منطقة الزلزال بأكملها في عنوان جديد خارج مسقط رأسهم، وفقاً للمجلس الأعلى للانتخابات في تركيا.
تقول بيريهان أورماو أوغلو، وهي مسؤولة إقليمية في حزب الشعب الديمقراطي، وهي جماعة موالية للأكراد، كما أنها ثالث أكبر حزب سياسي في تركيا، إنها على اتصال منتظم مع زملائها في تحالف المعارضة الذي يتزعمه حزب الشعوب الديمقراطي.
وتشير أرماو أوغلو إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي يساهم في الجهود المبذولة لجلب الناخبين إلى هاتاي قبل أيام، خوفاً من أن الحكومة أو العناصر المرتبطة بحزب العدالة والتنمية "ستبذل جهوداً لمنع الناس من التصويت".
غير أنها أعربت عن ثقتها في أن جماعات المعارضة مستعدة إعداداً جيداً من الناحية اللوجستية، وأن لديها مراقبين ومحامين وغيرهم لضمان إجراء تصويت عادل.
وبعيداً عن منطقة الزلزال، يشعر المحللون بالقلق من حياد المجلس الأعلى للانتخابات، الذي يتمتع بسلطات واسعة لإلغاء نتائج التصويت ولا يمكن الطعن فيه في المحاكم.