سلام عادل
مر على المنطقة في حدود قرن من الاستعمار الحديث لم يكد ينتهي حتى هذه اللحظة، ولم يخلف غير سنوات من حالة عدم الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي، إلى جانب جملة من الوعود والأحلام التي لم يتحقق منها أي شيء، ومازالت هذه الدوامة تدور على شعوب المنطقة بذات الوعود، من بينها التطبيع مقابل السلام، وهذا أيضاً لم تكن له نتائج مثمرة على أرض الواقع، حتى حين قرر الفلسطينيون تجميد انتفاضتهم مرتين.
ويبدو مؤخراً أن التصعيد بدل التهدئة في المنطقة هو المؤشر الأكثر وضوحاً على طاولة المحللين، خصوصاً بعد سلسلة الأحداث التي حصلت خلال الايام القليل الماضية، وهي جميعها ترتبط ببعضها ضمن مسار عمليات (طوفان الأقصى)، من بينها ما يجري على سواحل البحر الأحمر عند مضيق باب المندب، وما يحصل في أرياف العاصمة السورية دمشق من عمليات استهداف وقصف منهجي وممنهج، ووصولاً لحادثة الاغتيال التي جرى تنفيذها في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي استهدفت قيادياً فلسطينياً بارز.
ولعل مؤشرات ما يجري على الارض العراقية من استهدافات متعددة، وايضاً التفجير الارهابي الذي جرى التخطيط له على طريق مقبرة الشهداء في محافظة كرمان الإيرانية، بتوقيت يتزامن مع ذكرى استشهاد (قادة النصر)، هي كلها تندرج في إطار الحرب المفتوحة على محور دول الشرق الأوسط التي تستوطن في جغرافية اسيا الغربية، باعتبارها محوراً ينشد حرية وكرامة واستقلال شعوب المنطقة الذين قسمتهم اتفاقيات الدول المنتصرة في الحربين العالميين.
ومن هنا جاءت (معادلة الردع) لتغير مسار الأحداث التي تجري بشرعية اللا شرعية التي فرضها الغرب، وذلك على خلفية التغييب المقصود للنظام الدولي، وكل ما يرتبط به من معاهدات ومواثيق، يتضح ذلك بوضوح في التعامل بمكيالين بكل ما له علاقة بالقضية الفلسطينية التي جرى حرمانها من استحقاقاتها العادلة بشكل كامل منذ 75 سنة على الاقل، وهو ظلم مفروض على لبنان وسوريا والعراق واليمن وايران.
ولهذا صار النظام الدولي اكثر عجزاً من أي وقت مضى، في ظل الاستهتار والاستكبار الصهيوامريكي، الذي بات يفرض قوانينه بدل قوانين الشرعية الدولية، الأمر الذي صار يفرض تبني مفردات (معادلة الردع)، لردع الاحتلال والهيمنة، وإنهاء حالة الخنوع والذل والتبعية، وذلك من خلال الاستعانة بقوة المقاومة وتكتيكات (وحدة الساحات)، وهي حتى هذه اللحظة (معادلة) تبدو رابحة بعد فشل جميع المعادلات اخرى.